يُعد شهر رمضان المبارك فرصة لتدعيم بعض العادات الصحية، بيد أن بعض السلوكات الغذائية التي تواكب الإفطار والسحور، وما بينهما، قد تحوّله إلى عبء على الجهاز الهضمي، وما يرافقه من انتفاخ، إمساك، وحموضة، واضطرابات معويّة.
ففي هذا الشهر، يعاني الكثيرون مشكلات هضمية شائعة، بسبب الإفراط في الأكل، أو الخيارات الغذائية غير الصحية. فكيف نتجنب مشكلات جهازنا الهضمي، وما الطرق الأمثل لصيام آمن للجهاز الهضمي؟
في هذا الصدد، يحدثنا الدكتور ليث الربيعي، استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد، في مستشفى هيلث بوينت، عن أبرز المشكلات الهضمية الشائعة خلال شهر رمضان، ويقدّم لنا نصائح طبية تساعد على صيام صحي ومتوازن، من دون معاناة.
يتوقف د. الربيعي عند أهمية اتّباع إرشادات خاصة لتجنب أي مشكلات صحية، خصوصاً في الجهاز الهضمي، والتي تكون شائعة عادة في هذا الشهر نتيجة الإسراف في تناول الطعام، أو تناول وجبتي الإفطار والسحور بشكل خاطئ، موضحاً أن أبرز اضطرابات الجهاز الهضمي الشائعة خلال شهر رمضان هي:
- حرقة المعدة
- ارتجاع المريء
- عسر الهضم
يشرح «هذه المشكلات تحدث عادة بسبب الإفراط المفاجئ في تناول الطعام بعد انقضاء ساعات طويلة من الصيام، كذلك يمكن لهذه المشكلات الصحية أن تحدث عند تناول كمية كبيرة من الأطعمة الحارة، أو الغنية بالدهون. ومن بين أعراض هذه المشكلات الشعور بالانتفاخ، وحرقة المعدة، والتجشؤ المتكرّر، وآلام البطن المستمرة، والقيء، والإمساك أو الإسهال، والشعور بالتعب، والضعف العام».
نصائح لتفادي مشكلات الجهاز الهضمي في رمضان؟
في البداية، يوجه د. ليث الربيعي النصح للمصابين بمتلازمة القولون العصبي، أو حرقة المعدة «ننصح بتقليل الأطعمة المسببة للغازات، مثل الفاصولياء، والعدس، والبصل، والثوم، وتلك الغنية بالدهون غير الصحية مثل المقلية، في حين قد تسبب منتجات الألبان لبعض الأشخاص الانتفاخ، وعدم الراحة. ويُعد الإكثار من الحلويات في شهر رمضان أمراً شائعاً، ويسبب اضطرابات هضمية، فضلاً عن الإصابة بالسمنة، وارتفاع خطر الإصابة بالسكّري. كما تؤدي المنبّهات، والمشروبات الغازية والغنية بالسكّريات إلى أعراض غير محببة لدى العديد من الأشخاص، لاسيما عند الإكثار منها».
ويشير إلى أن وضع خطة غذائية مُحكمة خلال شهر رمضان أمر في غاية الأهمية للصائمين، إذ ينصح بـ:
- تناول وجبات صغيرة ومقسّمة
- شرب الماء بانتظام خلال ساعات الإفطار
- عدم الإسراف في تناول الحلويات
- اختيار الكربوهيدرات المعقدة في الوجبات، مثل الشوفان، والأرز البني، والبطاطا، خصوصاً للذين يعانون مشكلات في القولون.
أهمية وجبة السحور وعدم تخطّيها
يلفت د. الربيعي إلى أن تخطّي وجبة السحور أمر خاطئ، لما لها من فوائد هامة للصحة، والجهاز الهضمي، وتجنيب الصائم ارتكاب أخطاء غذائية في وجبة الفطور التالية، نظراً لشعوره الشديد بالجوع.
يوضح «يجب أن تكون وجبة السحور متكاملة، وتمنح الطاقة الكافية لمتابعة اليوم حتى وجبة الإفطار، ولذلك، يجب على الصائم:
- اختيار الأطعمة المناسبة التي تساعده على اجتياز الصيام، مثل الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات المعقدة، كالفاكهة، والخضراوات، والحبوب، والحمص، والعدس، التي تشكّل مصدراً هامّاً للطاقة خلال اليوم.
- تناول مشتقات الحليب قليلة الدسم، مثل اللبنة واللبن.
- إضافة الدهون الصحية غير المشبّعة إلى الوجبات مثل الأفوكادو، والمكسّرات غير المملّحة، والسلمون، والزيتون، وزيت الزيتون».
وفي ما يتعلق بوجبة الإفطار، يقدم د. الربيعي جملة توجيهات أهمها:
- تقسيم وجبة الإفطار على مراحل لحماية صحة الجهاز الهضمي. يشرح د. الربيعي «يساعد ذلك على تسهيل عملية الهضم، وتقليل الضغط على المعدة بعد فترة طويلة من الصيام. فبعد ساعات طويلة من الصيام، تكون المعدة في حالة استرخاء، وقلة إفراز للإنزيمات الهاضمة، لذلك يتعين البدء بوجبة خفيفة تحفز المعدة على العمل تدريجياً، من دون إجهاد. كما أن تناول الطعام على مراحل يقلل من خطر الإفراط في تناول الطعام دفعة واحدة، ما قد يؤدي إلى عسر الهضم، والانتفاخ، كما تحسّن هذه العادة (تناول الطعام على مراحل) من امتصاص الفيتامينات، والمعادن، إلى جانب تجنب الارتفاع المفاجئ، أو الانخفاض الشديد في مستوى السكر في الدم، بخاصة لدى مرضى السكري».
- التوازن بين المجموعات الغذائية الأساسية لتكون وجبات رمضان صحية، وهذه المجموعات هي: الكربوهيدرات، والبروتينات، والدهون الصحية، والفيتامينات، والمعادن، يقول «يمكن تحقيق ذلك من خلال تنويع المكونات والابتعاد عن الأطعمة المقلية، والدسمة. وتعتبر الشوربات خياراً مثالياً في شهر رمضان، لأنها تزود الجسم بالسوائل، في حين يجب أن تكون السلطات حاضرة دائماً على المائدة الرمضانية لغناها بالألياف، والفيتامينات، والمعادن».
ويخلص استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد «التمتع بصيام الشهر الفضيل أمر ممكن باتّباع نصائح غذائية بسيطة، وتجنب الأطعمة غير الصحية، وعدم الإفراط في تناول الحلويات والسكّر، ويمكن دائماً استشارة الطبيب عند الشعور بأي أعراض غريبة لإرشادكم إلى كيفية متابعة صيامكم بصحة وعافية».