لا يزال مكعّب روبيك، ولعقود من الزمن، يصدم الناس عندما يكون بين يدَي بارع في سرعة حلّه. فهذا المكعّب الملوّن يُنظر إليه على أنه عرض لمستوى الذكاء، ومهارات الإبداع، وغيرها. ولكن ما كان مجرّد تسلية واستعراض بات اليوم أداة نحصل منها على 7 فوائد للصحة العقلية.
يرى الناس مكعّبات روبيك كعرض لارتفاع معدل الذكاء، ولكن ماذا لو عرفت أن بعض الخبراء يعتقدون أن الشخص لا يحلّ مكعب روبيك لأنه يتمتع بارتفاع معدل الذكاء، ومهارات حركية قوية، بل إنه يمتلك هذه السمات لأنه يحلّ مكعّبات روبيك.
نبذة تاريخية عن مكعب روبيك
مكعب روبيك هو لغزٌ مركّب ثلاثي الأبعاد، اخترعته النحاتة المجرية وأستاذة الهندسة المعمارية، إرنو روبيك، في عام 1974. كان يسمى في الأصل المكعّب السحري، وقد رخصت روبيك اللغز لبيعه بواسطة Pentangle Puzzles في المملكة المتحدة، في عام 1978، ثم بواسطة Ideal Toy Corp في عام 1980 عبْر رجل الأعمال تيبور لاكزي، ومؤسس Seven Towns، توم كريمر. تم إصدار المكعّب دولياً في عام 1980، وأصبح أحد أكثر الرموز شهرة في الثقافة الشعبية. فاز بجائزة خاصة لأفضل لغز في لعبة العام الألمانية عام 1980. وحتى يناير 2024، جرى بيع نحو 500 مليون مكعّب، في جميع أنحاء العالم، ما يجعلها لعبة الألغاز الأكثر مبيعاً في العالم، بل تم إدخال مكعّب روبيك إلى قاعة مشاهير الألعاب الوطنية الأمريكية، في عام 2014.
في مكعّب روبيك الأصلي الكلاسيكي، كان كل وجه من الوجوه الستة مغطى بتسعة ملصقات، وكان كل وجه بلون واحد من ستة ألوان ثابتة: الأبيض، والأحمر، والأزرق، والبرتقالي، والأخضر، والأصفر. وتم تحديث بعض الإصدارات اللاحقة من المكعّب لاستخدام ألواح بلاستيكية ملونة بدلاً من ذلك. ومنذ عام 1988، تم توحيد ترتيب الألوان، أصبح الأبيض مقابل الأصفر، والأزرق مقابل الأخضر، والبرتقالي مقابل الأحمر، مع ترتيب الأحمر والأبيض والأزرق في اتجاه عقارب الساعة، بينما في المكعّبات المبكرة، كان موضع الألوان يختلف من مكعّب إلى آخر.
فوائد صحية من حل مكعّب روبيك
يشير الخبراء إلى أن مكعّب روبيك لم يعد مجرد تحدٍّ، أو تسلية، أو غيرهما مما يعتقد الناس، بل يمكن أن نجني منه 7 فوائد مهمة للغاية لصحتنا العقلية:
1 ـ تقليل خطر الإصابة بالخرف ومرض الزهايمر
علاج هذه الأمراض مكلف للغاية، وتجريبي. فقد وجد باحثون أن هناك ارتباطاً قاطعاً بين حلّ الألغاز والصحة العقلية، لدى البالغين من سن 55 إلى 93 عاماً، حيث لديهم خطر أقل للإصابة بالخرف، ومرض الزهايمر عند إكمال لغز كل يوم. وأظهرت دراسة نشرت في مجلة Geriatric Psychiatry أن هناك تحسناً بنسبة 15% في «الذاكرة المكانية العاملة» لدى البالغين الذين يحلّون الألغاز كل يوم، مقارنة بمن لا يحاولون حل الألغاز من أيّ نوع.
2 ـ زيادة سرعة رد الفعل
تعمل الألغاز، بخاصة مكعّبات روبيك، على تعزيز قدرة الشخص على التعرف إلى الأنماط، وتفسير ما يجب أن تكون عليه حركاته التالية. وتُظهر نفس الدراسة التي أجريت في مجلة Geriatric Psychiatry ارتباطاً مباشراً بردّ الفعل الأسرع لدى البالغين الذين يحلّون الألغاز بانتظام، بمتوسط وقت ردّ فعل إدراكي أسرع بمقدار 8 ملّلي ثانية.
3 ـ تعزيز تنسيق اليد والعين
عندما يسجل العقل ما ستكون أفضل حركة تالية، فلن يتم تنفيذها إلا إذا كانت اليدين قادرة على مواكبة الدماغ. سيزيد تعلّم حل مكعّب روبيك من الاتصال بين دماغك ويديك، وبمجرد أن تتمكن من حل مكعّب بسهولة إلى حد ما، سيكون هذا هو الوقت المناسب للتدريب على حلّه بشكل أسرع. يجب التدريب على ذلك لأنك ستستخدم جانبي دماغك في الوقت نفسه، باستخدام الذاكرة واليد والعين، في وقت واحد.
4 ـ تحسين الانتباه
توضح دراسة نشرتها مجلة علمية أنه لحلّ مكعّب روبيك يجب على المرء حفظ خوارزميات متعدّدة، ومتى يتم تنفيذ هذه الحركات. عندما يبدأ الطفل بحلّ مكعّبات روبيك في وقت مبكر، فإن ذلك يدرّب دماغه على التركيز على مهمة لفترة طويلة، ويمهّد الطريق لذاكرة قوية.
5 ـ حل المشكلات بشكل أفضل
في دراسة شملت 25 شخصاً، 10 منهم خبراء في مكعّب روبيك، والـ 15 البقية مبتدئون، اختبر العلماء قدرة الشخص على التكيّف مع البيئات المتغيرة. وأظهرت النتائج أن خبراء حل المكعّبات لديهم وقت مراقبة أقصر بكثير، وكانوا قادرين على التوصل إلى حلول أسرع من المبتدئين. ولم يكن الخبراء قادرين على التكيف والتوصل إلى حلول أسرع من المبتدئين فحسب، بل كانوا أيضاً قادرين على تنفيذ حلولهم في الوقت المناسب.
6 ـ إنعاش الذاكرة طويلة وقصيرة المدى
هناك الكثير مما يجب التفكير فيه عند حلّ مكعّب روبيك، وامتلاك القدرة على الحل بسرعة، بحيث لا يمكن أن يكون هناك أي تأخير. عند البدء بحل مكعّبات روبيك، سيتعلم المرء 5 خوارزميات لاستخدامها طوال الحل. ولكن عندما يقرر المرء أنه يريد حلها بأسرع ما يمكن، يجب أن يتعلم 78 خوارزمية مختلفة، وما هي الأنماط التي تحتاج إلى تلك الخوارزميات. يجب أن يتمتع الشخص بالقدرة على تذكّر الأنماط المرتبطة بأيّ حركات، وكما قلنا من قبل، لا يمكن أن يكون هناك أي تأخير عندما يريد المرء حل المكعّب بأسرع ما يمكن.
7 ـ تعزيز الذكاء
في مقالة نشرت في مجلة علمية حول كيفية تحسين معدل الذكاء، كان الاقتراح الأول هو محاولة حلّ الألغاز لمدة 25 دقيقة تقريباً، يومياً. ووفقاً لنتائج الباحثين، يمكن للشخص البالغ العادي زيادة معدل ذكائه بنحو أربع نقاط من خلال تحدّي دماغه بأنواع مختلفة من الألغاز، كل يوم. والسبب أن الألغاز لا تتطلب ذاكرة جيدة فحسب، بل إنها تزيد مما يسمى «ذاكرة العمل»، التي تتجاوز مجرّد التذكّر، فهي تذكّر ومعرفة كيفية تنفيذ ما تعلمته.
اقرأ أيضاً: كيف نكتشف وننمّي مهارات أطفالنا الإبداعية؟