حالة وراثية نادرة ناتجة عن اضطراب جيني نادر، ليست مُعدية، ولا تصاحبها آلام موجعة، إلا أن ألمها النفسي أكثر وقعاً، نتيجة نفور المحيطين من صاحب هذه المتلازمة بسبب ما يصدر عنه من رائحة عرق كريهة، إنها متلازمة «رائحة السمك العفن».
لن نطيل الحديث في علاج هذه المتلازمة من الناحية الطبية، وسنكتفي بتوضيح تعريفها، وتقديم بعض النصائح وطرق العلاج النفسي، بخاصة أن هناك بعض المصابين بهذه المتلازمة يعانون الاكتئاب، أو الرغبة في الانعزال التام عن الآخرين، أو البيئة المحيطة.
بداية تعرّف الدكتورة ثناء ورد، استشارية الأمراض الجلدية والتجميل في مستشفى د. سليمان حبيب، متلازمة رائحة السمك العفن، وتقول «هي اضطراب جيني نادر يؤدي إلى عجز الجسم عن استقلاب مركب ثلاثي ميثيل الأمين، وهو مادة كيميائية ذات رائحة كريهة، تشبه رائحة السمك، أو البيض المتعفّن، وهذا الخلل يؤدي إلى تراكمه في الجسم، ومن ثم طرحه عن طريق العرق، أو البول، أو هواء الزفير، إذ تعجز النظافة الشخصية المتكررة عن القضاء عليه. وتزداد هذه الحالة مع التغيّرات الهرمونية، وزيادة الوزن، ووجود مرض السكّري، أو اضطراب الغدّة الدرقية، ونقص الزنك، أو فيتامين «سي»، أو«د». وفي أحيان كثيرة قد يكون لتناول الثوم، الكحول، الملفوف، القرنبيط، وتناول بعض الأدوية، مثل مضادات الاكتئاب، الأثر في تراكم المشكلة، وهذه الحالة غير معدية وإنما مزعجة جداً، ويجب التصريح عنها من دون خجل، ومساعدة الطبيب للحالة».
نصائح للتقليل من الأثر السلبي لمتلازمة «رائحة السمك العفن»
تقدم استشارية الأمراض الجلدية والتجميل بعض النصائح التي يمكن أن يتبعها أصحاب هذه المتلازمة للتقليل من نتائجها السلبية:
- النظافة الشخصية يومياً باستخدام الصابون المطهّر.
- حلاقة شعر الإبط والشعر الزائد في الجسم.
- استخدام مضادات التعرّق لتقليل الرائحة المنبعثة من الجسم.
- تجنب الإفراط في تناول المواد المنبهة والثوم والبصل.
- ارتداء الملابس القطنية.
- استخدام مضادات حيوية موضعية.
- تناول الفيتامينات المتعدّدة «البروبيوتيك»، أو المكملات الغذائية.
- الحقن بمادة البوتكس تحت الإبط لتخفيف التعرّق.
أما من منظور نفسي، فيوضح الدكتور حسين مبارك، حاصل على البورد النمساوي في الطب النفسي والأعصاب، قائلا «العلاج النفسي لمتلازمة رائحة السمك العفن (Trimethylaminuria)، يركز على التعامل مع التأثيرات النفسية والاجتماعية للحالة، لأن المصابين غالباً ما يواجهون مشاعر القلق، الخجل، والاكتئاب، أو العزلة الاجتماعية بسبب رائحة أجسامهم، ونفور المحيطين منهم، ليس هذا فحسب، بل هناك من يتعرض للتنمّر، وهو أحد أشكال العنف الذي يمارسه شخص ضد آخر، وهنا يجب أن نشير إلى نقطة هامّة، وهي أن المصاب لديه ما يكفيه من ألم نفسي، ولابد من التعامل معه من دون أن نشعره بأننا ننفر منه، فما يعانيه يعد أمراً يصعب التحكم في أعراضه».
طرق العلاج النفسي لمتلازمة «رائحة السمك العفن»
وفي ما يلي طرق العلاج النفسي التي يمكن أن تكون فعّالة لمن يعاني متلازمة السمك العفن، يخبرنا بها الدكتور حسين مبارك:
العلاج المعرفي السلوكي (CBT)
- يساعد المصابين على تعديل الأفكار السلبية المتعلقة بالذات والرائحة.
- يُعلّم طرق التعامل مع المواقف المحرجة أو التوتر الاجتماعي.
- يساعد على تعزيز الثقة بالنفس وقبول الذات.
الدعم الاجتماعي
- تشجيع المريض على الانضمام إلى مجموعات دعم (سواء في الواقع أو عبر الإنترنت)، للتفاعل مع أشخاص يمرّون بتجربة مماثلة.
- إشعار المصابين بالدعم والقبول، ما يقلّل من مشاعر العزلة.
التدريب على مهارات التأقلم
- تعليم تقنيات إدارة القلق، مثل تمارين الاسترخاء، أو التنفس العميق.
- تدريب المريض على كيفية التواصل بفعالية إذا واجه مواقف محرجة.
العلاج النفسي الفردي
- توفير مساحة آمنة للتعبير عن المشاعر والخبرات المتعلّقة بالحالة.
- العمل على تحسين تقدير الذات وتطوير رؤية إيجابية للحياة.
العلاج الأسري
- إشراك أفراد العائلة في العلاج لزيادة التفاهم والدعم.
- تقليل التوتر داخل الأسرة بسبب سوء الفهم أو الإحراج.
التركيز على نقاط القوة
- مساعدة المريض على التركيز على مهاراته وإنجازاته التي لا تتأثر بالحالة.
- تعزيز الإحساس بالقدرة على التحكم في حياته.
التوعية
- مساعدة المريض على فهم حالته بشكل أفضل، ما يقلل من مشاعر الخوف أو الرفض المجتمعي.
- تثقيف المريض حول استراتيجيات إدارة الأعراض.
يمكن الجمع بين هذه الأساليب حسب احتياجات المريض، إذا كانت هناك أعراض نفسية شديدة، مثل الاكتئاب الحاد، أو القلق الاجتماعي، فقد يوصي الطبيب في هذه الحالة بمزيج من العلاج النفسي، والأدوية والعقاقير الطبية.