
في ظل تغيّر أنماط الحياة، وتسارع إيقاعها، أصبح الحفاظ على الصحة الجسدية تحدّياً يتطلب وعياً كبيراً بأهمية التغذية السليمة، التي لا تتوقف عند كونها مصدر للطاقة، بل هي عامل أساسي في تعزيز وظائف الجسم، وتقوية جهاز المناعة، والوقاية من الأمراض، الطارئة والمزمنة.
ومع تزايد استهلاك الأطعمة المصنّعة، والوجبات السريعة، باتت الحاجة ملحّة إلى إعادة النظر في أنماطنا الغذائية، واعتماد أسلوب حياة يقوم على التوازن بين العناصر الأساسية للغذاء. فالغذاء الصحي ليس رفاهية، بل ضرورة للحفاظ على جودة الحياة، والوقاية من المشكلات الصحية التي قد تؤثر في جميع جوانب الحياة، بشكل عام.

صحتك في غذائك
يشكل الطعام الذي نتناوله يومياً، حجر الأساس للصحة، فهو يزوّد أجسامنا بالطاقة، والمغذّيات الأساسية للحفاظ على وظائفه، ويدعم النمو، والتطور السليم. في المقابل يكون للطعام غير الصحي تأثيرات خطرة، تمتد إلى كل جانب من جوانب حياتنا، بدءاً من الصحة الجسدية، وصولاً إلى الصحة العقلية.

تشرح أخصائية التغذية، ميسون الشاعر «يؤثر الطعام، بشكل مباشر، في صحة أجسادنا، واتّباع نظام غذائي متوازن يضمن حصولنا على الفيتامينات والمعادن اللازمة للحفاظ على صحة القلب، والعظام، والجهاز المناعي، فيما يسبب تناول الأطعمة غير الصحية والمملوءة بالدهون المشبّعة، والسكّريات المصنّعة، مشاكل صحية خطرة». تكمل «ولا يتوقف تأثير الطعام في الصحة الجسدية، فهو يلعب دوراً أساسياً في تحسين المزاج، والصحة النفسية، فالنظام الغذائي الغني بالخضراوات، والفواكه، والأحماض الدهنية الصحية، يساعد على تقليل التوتر والاكتئاب، بينما تؤدي الأطعمة الغنية بالسكّريات والدهون المشبّعة، إلى زيادة القلق وتقلّبات المزاج».

وتوضح «تلعب العادات الغذائية دوراً مهماً في صحة أجسامنا، حيث يمكن أن يسبب بعضها مشكلات مختلفة، مثل السمنة، وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكّري، واضطرابات الجهاز الهضمي، وحتى أمراض السرطان.. من بينها:
- الإفراط في تناول الأطعمة المصنّعة يسبب استهلاك كميات كبيرة من السكّريات، ودمج أصناف غير متوافقة في الوجبة الواحدة إرهاق للجهاز الهضمي، ويسبب اضطرابات مختلفة.
- انتشار ظاهرة أخذ النصائح الغذائية من مصادر غير موثوقة (مواقع التواصل الاجتماعي)، من دون استشارة طبية، أو دراسة علمية، منها على سبيل المثال بعض (الخلطات العشبية) التي يمكن أن تصبح ضارة لفئات معيّنة، منها:
- الزنجبيل: يسبب ارتفاع ضغط الدم ما يجعله غير مناسب لمرضى ضغط الدم.
- الفجل والملفوف: لا يناسبان المرضى المصابين باضطراب الغدّة الدرقية.
- الأطعمة التي تحتوي على مواد حافظة: يفضل عدم استخدامها بشكل متكرّر، خاصة بالنسبة إلى الأطفال.
- استهلاك رقائق البطاطس بشكل يومي، يؤدي إلى الإمساك والانتفاخ، كما أن تناول الأطعمة الغنية بالسكّريات المصنّعة، مثل الحلويات والوجبات السريعة، يمكن أن يسبب التهابات في المعدة، وزيادة الوزن.
- يُعد الحفاظ على توازن درجة الحموضة في المعدة أمراً ضرورياً للصحة العامة، حيث تسهم الأطعمة الحمضية، مثل اللحوم الحمراء والسكّريات المصنّعة، في تعزيز نمو الخلايا السرطانية، لذلك ينصح بتناول كميات كبيرة من الخضراوات الورقية، والخضراوات الصلبة، إلى جانب المشروبات الطبيعية الخضراء، للحفاظ على صحة مستدامة.

- أما في ما يتعلق بالبروتينات، فإن الدجاج المشوي والبقوليات تُعد من الخيارات المفضلة، بخاصة للنساء بعد سن الأربعين، لما توفره من فوائد غذائية، من دون زيادة العبء على الجهاز الهضمي.
- يمكن استبدال الحلويات بالفاكهة الطبيعية، مثل البطيخ الأحمر الغني بالحديد، والموز الغني بالمغنيسيوم، والأفوكادو، الذي يعد خياراً صحياً للجميع، مع مراعاة تناول الأشخاص المصابين بمرضى السكّري كميات مناسبة من هذه الفواكه، لتجنب ارتفاع مستويات السكّر في الدم.
- ينصح بتجنب العصائر المحلّاة، حتى الطبيعية منها، نتيجة فقدانها الألياف أثناء العصر، ما يقلل من فوائدها الصحية. لذلك يفضل تناولها كاملة بعد الغسل للاستفادة من الألياف المشبّعة، وتعزيز صحة الجهاز الهضمي، والوقاية من الإمساك، بخاصة لمن يتّبعون نظاماً غذائياً لخسارة الوزن.
- العديد من مشكلات الهضم المعوية ناجمة عن عادات غذائية غير سليمة، مثل استبدال الماء بالعصائر، أو تناول أطعمة غير نظيفة، أو الجمع بين كميات كبيرة من النشويات، والبروتينات، والدهون، في وجبة واحدة، بخاصة إذا كان ذلك نمطاً غذائياً يومياً. ولضمان حياة صحية وراحة جسدية، يجب الانتباه إلى نوعية وكميات الطعام المستهلكة، وتجنب الإفراط في تناول أصناف متعدّدة في وقت واحد.

لتحسين جودة الحياة، توصي ميسون الشاعر بالتركيز على عدّة جوانب صحية، أبرزها:
- الترطيب الكافي: شرب ما لا يقل عن لتر من الماء يومياً، إلا في حالة وجود مشكلات في الكلى، فالترطيب الجيد ضروري لصحة القلب، والجسم.
- تقليل استهلاك الكافيين: يفضل تقليل شرب القهوة، واستبدالها بالشاي الغني بمضادات الأكسدة، مع مراعاة عدم الإفراط فيه لمن يعانون ارتفاع ضغط الدم.
- الحصول على قسط كافٍ من النوم: يساعد النوم الجيد على تعزيز صحة الجهاز الهضمي، وتقليل التوتر.
- تعزيز المناعة: يمكن دعم جهاز المناعة بتناول مشروبات طبيعية مثل اليانسون للوقاية من نزلات البرد، والكركديه الدافئ لتنظيم ضغط الدم.
- تحسين صحة الأمعاء: استهلاك الأطعمة الغنية بالبكتيريا النافعة (البروبيوتيك) مثل المخللات الطبيعية أو المكملات الطبية بعد استشارة الطبيب.
- الاعتماد على السوائل الصحية: تناول السوائل غير المحلّاة يعزز الصحة العامة، ويقلل من مخاطر الأمراض.
- التغذية السليمة أساس الوقاية: لا يمكن للدواء وحده أن يعالج الأمراض من دون نظام غذائي متوازن، فالطعام الصحي هو المفتاح للحفاظ على حياة أفضل، وصحة مستدامة.
- ممارسة الرياضة: تبنّي بعض العادات اليومية البسيطة، مثل ممارسة رياضة الجري، أو الحركة المستمرة داخل المنزل، والمشي بدلاً من استخدام السيارة لمسافات قصيرة، يحسّن من عملية التمثيل الغذائي في الجسم.