بعض الفتيات ينظرن للزواج- في الوقت الحالي- على أنه شر لا بد منه، حتى إن البعض منهن أصبحن لا يترددن في فسخ الخطبة، كما أن بعضهن يملن إلى فسخ الخطبة من خلال التذرع بحجج واهية وكثرة الطلبات غير المنطقية من الخطيب، والتي تؤدي إلى عدم تفاهم الطرفين ومن ثم الانفصال قبل أن يتم الزواج.
لماذا تخاف الفتيات الزواج ؟
ارتفاع نسب الطلاق
توضح الدكتورة عزة حامد زيان، استشاري العلاقات الزوجية والأسرية، أن الخوف من الفشل أصبح يسيطر على الكثير من الفتيات العازبات اليوم، بسبب التجارب الفاشلة التي خاضتها أمامهن إما الأخوات أو الصديقات والقريبات والزميلات في العمل، فأصبحن يقبلن بالعنوسة على ألا يتزوجن رجلًا غير مناسب، خاصة بعد أن اهتزت مبادئ وقيم الرجولة الحقيقية في نظرهن من خلال هذه التجارب.
وتقول: بعض الفتيات ينظرن إلى الفشل في هذه التجربة على أنه فشل في الحياة بشكل عام، ولأن الفتاة لا تريد هذا الفشل المبكر الذي سيدمر حياتها، وتتوقع أنه إذا ما تعرضت للطلاق فمن الصعب عليها أن تجد زوجاً آخر، فبعد مرحلة الطلاق يتملكها الخوف من المستقبل، ولا تفكر في الزواج نتيجة خوفها هذا.
بالمقابل فإننا نجد الشاب قادرًا على الزواج مرة أخرى بعد الطلاق، دون أن تلاحقه وصمة العار، كما هو عليه الأمر بالنسبة للفتاة، لذلك فإن ارتفاع نسب الطلاق سبب رئيسي في هذا التخوف من الزواج.
وترى عزة أن هذه الظاهرة بحاجة حقيقية إلى دراسة مستفيضة، والوقوف حول أسبابها ودوافعها، خاصة بعد أن فقدت البنات الثقة في جدية الشباب نحو مشروع الزواج.
وتقول: الحل في العودة لتعاليم الإسلام في اختيار الزوج المناسب، وكذلك الزوجة المناسبة، بعيدا عن الأطماع المادية والشكوك والرغبة في سيطرة كل طرف على الآخر.
عدم فهم المعنى الحقيقي للزواج
يؤكد الدكتور أحمد البحيري، أستاذ الصحة النفسية، أن المشكلة لا تبدأ من البنت نفسها في خوفها من الزواج، بل تبدأ من الأسرة التي أصبحت في الوقت الحاضر لا تبالي بالمعنى الحقيقي للزواج من سكن ومودة ورحمة، فكل ما يهم الأب والأم الآن أن تعيش ابنتهما حياة كريمة مثل حياتها في منزل والديها وأفضل، وألا تكون أقل مكانة من قريباتها، وكل ما يهم الطرف الثاني هو أن تكون الأسرة قابلة للمساعدة في إتمام الزواج، ويختلف الموضوع إلى حد ما بين المدينة والريف، وذلك لاختلاف العادات والتقاليد المجتمعية، فمثلاً ما زالت بعض القرى تعاني من مشكلات الزواج المبكر، وهو ما ينتج علاقة غير ناضجة سرعان ما تؤدي إلى الفشل.
أفكار خاطئة عن الزواج
الدكتورة إيمان عبد الله، استشاري علم النفس والعلاقات الزوجية والعلاج الأسري، تشير إلى عدم وجود وعي لدى الشباب المقبلين على الزواج بالهدف منه، حتى إن الكثير من الشباب والبنات يعتقد أن الزواج مشروع فاشل وشر لا بد منه، فهو ليس إلا ارتباطًا يحد من حريتهم.
وتقول: للأسف لا أحد يشجع الشباب على فكرة الزواج أصلا، ومن سبقهم في الزواج يحذرهم منه وينصحهم بالحفاظ على حريتهم أطول فترة ممكنة، ويقول لهم إن التجربة فاشلة، كما أن الفتيات ترى أن المتزوجة مسؤولياتها كثيرة، وبعد الزواج فقدت بهجتها ونضارتها ذبلت. وبعضهن تطلقن وأصبح لديهن أطفال وحياتهن تغيرت، والشباب يرى أن المتزوج أصبح مقيداً ومهموماً ولديه مشاكل مادية كثيرة، وبالتالي يدرك الشباب أن التجربة غير مربحة، فلماذا يتحمل مسؤولية بيت وأولاد وأطفال ويحتاج إلى شغل إضافي؟
وتضيف: وتلعب الدورات التحضيرية للأزواج الشباب في مرحلة الخطوبة وما قبل الزواج دورا مهما في الإعداد للحياة الزوجية والتهيئة لها، وتحديد الأدوار والمسؤوليات المطلوبة من كل طرف، وهذا الأمر يقلل من الطلاق المبكر والصدمات التي تحدث في المراحل الأولى من الزواج.
وتوضح إيمان أنها دائما ما تقدم نصائح للفتيات المقبلات على الزواج بأن الحياة المثالية الخالية من الصعوبات والمشكلات لا توجد إلا في الخيال، كما أن تأسيس علاقة زوجية جيدة والمحافظة عليها يتطلب وقتا وإرادة قوية، ولكي تنجح العلاقة الزوجية يجب أن تقدم الفتاة على الزواج بمعرفة المفهوم الصحيح له، وأن تجعل له الأولوية في حياتها حاضرا ومستقبلا، وهناك مهارات يمكن تعلمها وتنميتها لتصنع علاقة زوجية إيجابية مرضية، كما أن الاطلاع ومعرفة ما تتطلبه الحياة الزوجية مهم قبل الدخول بها، حتى تساعد على إزالة الرهبة من الزواج.
الكذب والتجمل
ترجع الدكتورة أسماء عبد الحليم، استشاري العلاقات الأسرية والعاطفية، خوف الفتيات من خوض تجربة الزواج إلى الكذب والتجمل الذي يسود الأيام الأولى للزواج فالكثير من الشباب يتجملون في فترة الخطبة ويصل الأمر للكذب فيخدعون الطرف الآخر وتتحول فترة الخطوبة سواء للمرأة أو الرجل إلى «فاترينة» يحاول كل منهما إبراز مميزاته وجماله ورقته وكرمه نحو الطرف الآخر لكن هذه التمثيلية تنتهي بمجرد غلق الباب عليهما في بيت الزوجية فتدب الخلافات بينهما وهو الأمر الذي يسبب فوبيا لدى البنات اليوم فالتجارب الحياتية المحيطة بها تنقل لها العديد من الخبرات السيئة لذلك يهرب البعض ويفضل البقاء بلا زواج .