ما الذي يميّز الحب الذي تكنّه لشريك الحياة عن الحب الذي تحمله لأطفالك، أو لأصدقائك؟ يجيب العلماء عن هذا السؤال عبر رسم خرائط الحب الجسدية.
مهما كان الحب الذي يربطنا بحيوان أليف قويّاً، فهو يختلف عن الحب الذي نحمله تجاه أولادنا، لكن في الحالتين نتكلم عن «حب». لماذا؟ ماذا تعني حقاً هذه الكلمة؟ إذا ما سألتم مَن حولكم ستحصلون على نتائج متباينة جداً. فهذه الكلمة مستخدمة للإشارة إلى تجارب حياتية مختلفة، ومتمايزة جداً. الرابط بين الطفل والأم، والعلاقة مع الأصدقاء، وحتى الحالة الإيمانية، كل هذه التجارب تستند إلى الحب. لكن هل هذه المشاعر المتعددة متشابهة؟ وما الفرق بين الواحدة والأخرى؟ وما هي نقاطها المشتركة؟
كل هذه أسئلة أراد العالم النفسي «بارتيلي رين» وفريقه من جامعة «آلتو» في فنلندا الإجابة عنها. وكانت النتيجة أن مختلف أنماط الحب تُنشِّط، بشكل حسّي، مناطق متعددة من الجسم.
من أجل بلوغ هذه النتيجة، سأل الباحثون نحو 800 شخص، أغلبيتهم من النساء اللواتي يبلغن أقل من 35 سنة، بواسطة تحقيق عبر شبكة الإنترنت. وقد عُرض على المشاركين رسمٌ لجسم الإنسان، ترافقه 27 كلمة، تصف مختلف حالات الحب كـ«الحب الغرام»، «حب الحيوانات»، «حب الأطفال».. ووجب على المشاركين أن يلوِّنوا أجزاء الجسم التي يحسّون فيها بحالات شعورية مميّزة. وفي الوقت ذاته، طُلب منهم أن يقدِّروا قوّة الشعور النفسية في كل حالة. وكانت النتيجة أن تمكّن العلماء من ربط كل إحساس جسدي مع ما يوازيه من متغيِّرة انفعالية، ما يعطي شكلاً لخريطة الحب الجسدية.
ماذا تنبئنا خريطة الحب الجسدية؟
تقول لنا أولاً، إن كل نوع حب يتميز عن الآخرين بظواهره الجسدية الخاصة به. وهكذا، فإن الحب «الأصيل»، الذي لا يتضمن أي تبعية عاطفية، بل هو عبارة عن حرية كاملة في تسليم النفس والكشف عن مكنوناتها، وقبول الآخر بكل حسناته وسيئاته، يتم الشعور به في سائر أنحاء الجسم، في حين أن حب «الشغف» يتركز أكثر على الصدر والبطن، ولكن بقوّة أكبر، وحدّة أكبر. ويطال الحب «الجنسي» المناطق الحساسة جنسيّاً إضافة إلى الصدر، تاركًا الساقين والذراعين. أما الشعور الذي نكنّه لأطفالنا فهو يتركز على الرأس والصدر بقوّة أكبر عند الأم مقارنة بالأب.
هل من نقاط مشتركة بين كل أنواع الحب؟
نعم! فهي جميعها ترتِّب أحاسيس على مستوى الرأس، وتأتي الفروقات بعدها تبعاً لحدّة الشعور، فإذا كان معتدلاً سينحصر في منطقة الرأس، كما في حالة حب «الآخر»، وإذا كان شديداً فسيؤدي إلى أحاسيس في سائر أنحاء الجسم. وتمثل هذه النتائج متوسط القياسات التي أجريت على نحو ألف شخص، لكن لدى كل واحد منّا خريطة الحب الخاصة به، والتي يمكن أن تكون مختلفة إلى حد ما... فهل أنتم قادرون على رسمها؟