ما هو سر الأزواج الذين يتبادلون الحب منذ عشر، أو عشرين، أو ثلاثين سنة، أو أكثر، كما لو كانوا في يومهم الأول؟ ما هي ميزاتهم، وما هي فضائلهم؟
يبيّن لنا كتاب «كيف نحافظ على الحب إلى الأبد»، من تأليف باتريسيا ديلاهاي، كيف أن متانة الحياة بين الزوجين ليست لغزاً، وأن سرّهما قابل للتطبيق من قبل الجميع.
تبدأ الكثير من قصص الزواج بالحب، ثم يبدو كأن الأجنحة التي حملت العروسين قد قُصَّت، وشعلة الرغبة قد انطفأت، وأن الحب قد مات. بيد أن فكرة هذا الكتاب مبنية على المفهوم التالي: إذا كان الحب بين الطرفين حقيقياً هذا يعني أنه يمكن أن يدوم إلى الأبد.. لماذا؟ لأن الأسباب التي تولد الحب لا تتغير. إنها الكلمات، والمبادرات، والإيقاع، وحسّ الفكاهة، والحياة الجنسية الناجحة، هي التي تحرك مشاعرنا وتسحرنا. وهي أمور لا يمكن أن تختفي إلا إذا حصل انقلاب جذري لسبب ما.
ما الذي يمكن أن يبعد الحب عنّا؟
أشياء كثيرة للأسف: الخوف من الحب الذي يدعو إلى الهرب منه، المصاعب والهموم الكثيرة، الرغبة في الانصراف إلى العمل، لقاء جديد مع شخص آخر، أزمة وجودية، ولادة طفل يقلب الموازين والتوازنات.. فينتابنا شعور بأن الحب قد نقص، ونبعد عن هذا الرجل، أو تلك المرأة، فلا نعود نلتقي ـ إلا قليلاـ أو نتلامس، أو يصغي الواحد منا إلى الآخر، إذ صارت لدينا أولويات أخرى.
لكن هذا لا يعني أن الحب قد مات، بل الرغبة في أن نحب شريك الحياة. نعم، نرغب في أن نكون وحدنا، أو في أن ننظر إلى مكان آخر. لذا ليس المطلوب المحافظة على الحب، بل على الرغبة في أن نظل معاً، وأن نحافظ على إعجاب الآخر، وأن نتحادث، ونتلامس، ونضحك معاً.. يجب النفخ على تلك الشعلة الصغيرة من أجل إبقائها حيّة، وبرّاقة ومضيئة. ولكن كيف العمل؟
في سبيل الإجابة عن هذا السؤال، ارتكز هذا الكتاب على عشرات اللقاءات مع أزواج مبتدئين يصطدمون بمصاعب معيّنة، ومع أزواج أقدم منهم تخطّوا عقبات، وعاشوا سعداء معاً منذ سنوات طويلة، ومع أزواج أقل سعادة افترقوا، وقالوا لنا ما هي الأخطاء التي يظنون أنهم اقترفوها.. ومن كل هذه اللقاءات استخرجنا ما يلي:
7 ركائز أساسية لسعادة الزوجين
الركيزة الأولى: الرغبة في إنجاح الزواج
يشكل الحب القوة الرئيسة لاستمرار الزواج، والحب شعور هش، بقدر ما هو عميق وقوي. ويكفي تراكم هموم خارجية، وسلسلة من سوء التفاهم، والجروح، والأزمات غير المحلولة، حتى تستولي علينا الرغبة في الاستسلام. فما الذي يمنع هذه القرارات المتسرعة التي يأسف البعض على اتخاذها؟ كثيرون هم الأزواج الذين أجابوا بالقول «يجب أن نريد إنجاح الزواج. يجب أن نتحلى بالصبر وعدم الشك في اختيارنا هذا الرجل، أو تلك المرأة. يجب أن نتحلى بالشجاعة والإرادة التي تحملنا إلى حل المشكلات كلما ظهرت. يجب أن ننظر إلى حياتنا الزوجية على أنها واحد من أكبر التحديات، وأكبر أهداف حياتنا».
الركيزة الثانية: الاستمتاع معاً
حتى تخيِّم السعادة على الزوجين لوقت طويل، يجب أن يجدا متعة، أو متعاً يعيشونها معاً. ليس إلزامياً أن يشعرا بكل المتع كل يوم، وفي كل وقت. يكفي أن نتذكر أن الحياة الزوجية تصير في خطر حين تختفي المتعة. الإهمال يقتل الحياة الزوجية، إهمال استمتاع الزوجين معاً، والغرق في الضغوط، والقيود، والمزاج السيئ، ما يؤدي إلى الإحساس بالإحباط، وفقدان التوازن، والمطالبات المصوغة بشكل خاطئ، والشجارات.. قد لا ندرك على الدوام أن تلك الشكاوى والانزعاجات بسبب الآخرين، أو أنفسنا، أو حياتنا، أو الزوج الذي يُكثر من كذا.. ويُقِلُّ من كذا.. ستجعل حياتنا تهتز، وتفقد ما كان يشكّل نكهتها وسعادتها.
الركيزة الثالثة: الاحترام
كيف يُعرِّف القاموس الاحترام؟ يقول «الاحترام هو الأخذ في الاعتبار. الشعور الذي يجعلنا نعامل، شخصاً أو شيئاً، باهتمام كبير». بكلمات أخرى، الاحترام هو أن نحسب حساباً للآخرين، وبالأخص للزوج والزوجة، أن نبيِّن له/لها أننا نهتم بما يفكر، ويشعر، ونحسب له حساباً. وهو طريقة تجعلنا نعترف بما يقدمه من وقته، وعمله، وجهوده، لنقول له إن كل هذا لا يمر مرور الكرام.. باختصار، احترام شريك الحياة يعني أن نعامله برقّة كبيرة، وأن نضع أنفسنا في مكانه.
قد يكون هناك شجارات أقل بين بعض الأزواج لو تتم العودة إلى التصرفات المهذبة البسيطة والتلقائية: كالتحية صباحاً ومساء، وتوجيه الشكر والطلب بتهذيب والنظر إلى الآخر عند الحديث معه، وإخبار الشريك في حالة التأخر عن العودة، وعدم قبول دعوة من دون استشارته وعدم التحدث على الهاتف لساعات مع الأصدقاء، إبّان وجوده، طلب المعذرة عند القيام بخطأ، التحدث من دون عدوانية، الإصغاء إلى ما يريد، أو تريد، قوله من دون مقاطعته، عدم طلب المستحيل منه، التحدث باتزان، تقديم المساعدة.. باختصار، كل الاحترام الذي قد نقدمه إلى جار، أو مجرد شخص نعرفه.
الركيزة الرابعة: المعاملة بالمثل
في علاقة سعيدة ومتوازنة، يمتلك كل طرف حرية أن يكون كما هو، أي أن يعبّر عمّا يحب، وعمّا يكره، أن يقبل أو أن يرفض، أن يكون مسموعاً، وأن يؤخذ رأيه، ورغباته، وتطلعاته في الاعتبار من أجل جعلها تتناغم مع الحياة الزوجية. لذا ثمة مبادئ حتى يؤكد كل طرف نفسه، بلا أزمات:
- أولها أن يحسن معرفة نفسه، ومعرفة النشاطات، والأصدقاء، والعلاقات، والوضعيات التي ترضيه، والتعرف إلى ما هو ضروري لكنه غير ممتع من أجل القيام به.
- ثانيها التعبير بصدق واحترام وهدوء، عمّا نشعر بأنه مناسب لنا.
- ثالثها الإصغاء إلى شريك الحياة يعبّر عن نفسه بالطريقة ذاتها من دون أن نقطع كلامه، ولا نحكم عليه، ولانفرض وجهة نظرنا.
- رابعها أن نعمل على تناغم التطلعات بين الطرفين، ما هو ممكن، وما هو غير ممكن، واختبار إمكانات جديدة. - خامسها، التحدث بالموضوع كلما لزم الأمر لأن العالم يتغير ومعه حاجاتنا.
الركيزة الخامسة: الحضور الحقيقي
بعض حضور لا يساوي شيئاً إذ لا يتضمن إصغاء، بل تملأه الأنانية، ومركزية الذات. وبعض غياب يكون مملوءاً بالحضور عبر الاتصالات، والرسائل، والتعبير عن الشوق والحب. نحن نحطم الكثير من الأشياء حين لا نحسن الحضور في اللحظة المطلوبة والضرورية. في حين أننا، لحسن الحظ، نصلح أشياء كثيرة حين نثبت مصداقيتنا وموثوقيتنا في مناسبات أخرى: نعم يمكن الاعتماد علينا، نعم نحن هنا بكل قلبنا معها، معه، وفي كل الأحوال.
الركيزة السادسة: النفس الكريمة
كرم النفس مطلوب، لأن الحب هو أن تقبل وتسامح وتنسى، وتقفل عينيك، وتفهم وتنظر إلى الناحية الإيجابية مهما حصل، وتضع العدادات على الصفر معه، معها، لأنك تريد أن تستمر في هذا الحب. كرم النفس في قلب الحب، هو الذي يجعلنا نعطي بهذا القدر، ونعطي بلا حساب، وهو للأسف الذي يجعلنا نبقى في حياة مشتركة تشكل خطراً علينا، وينبغي أن نغادرها، وهو كذلك الذي يدفعنا إلى تحريك الجبال، وإلى تحسين أنفسنا حتى نجعل من نحب سعيداً، ويجعلنا كذلك نقبل بنواقصه وبحدود ما يمكنه القيام به، وما لا يمكنه أن يقوم به.
الركيزة السابعة: مستقبل «نحن»
المهم هو تشكيل فريق. الزوجان كالسفينة والحياة المشتركة، هي رحلة مع قائدَين، وقلّة الـ«نحن» تعطي الانطباع بأننا قد تركنا جانباً وأننا لسنا جزءاً من الرحلة، أو أنه يمكننا أن ننزل عند المحطة القادمة. من هنا تنبع نوبات الشك والمخاوف والشجارات المنزلية، غير المفيدة، والمؤلمة.
صعوباتنا في النظر إلى المستقبل، وتساؤلاتنا حول الحياة الزوجية والحب، وخوفنا من الالتزام تؤدي بنا إلى نوع من صحراء زوجية، بين «هذا أنت/ليس أنت»، ما يولد الكثير من حالات القلق. وتختفي الشجارات كالسحر يوم يكون الالتزام واضحاً بشكله ومضمونه: الإعلان عن الحب، الخطبة، الزواج، رحلة شهر العسل. ومن الطبيعي أن نود معرفة ما الذي ينتظرنا، وإلى أي حد ينوي شريك حياتنا أن يذهب وإلى أين يود أن يوجه أحلامه، وما هي مشاريعه. فحين نصعد على متن سفينة نريد أن نعرف إلى أين هي ذاهبة.
اقرأ أيضاً: تعرفوا على لغات الحب الخمس بين الزوجين