من بين الأسئلة التي تثيرها حكايات الحبّ والزواج السؤال التالي: هل تفعل الجاذبيّة فعلها بين رجل وامرأة متشابهَين، أم مختلفَين؟ مثلاً، هل يتزوج رجل امرأة شديدة الهدوء لأنه من النوع السريع الاشتعال، حتى تستطيع أن تستوعب نوبات غضبه؟ وهل تتزوج امرأة شديدة الحركة رجلاً قليلَها، حتى يساعدها على الركون في مكان واحد لأكثر من دقيقتين؟ وهل يختار الرجل المثقف المرأة المثقفة مثله، أم يفضّل عليها سيّدة محدودة المستوى الثقافي؟
للإجابة عن هذه التساؤلات، أجريَ أوسع بحث توليفي حول هذا الموضوع، ضمَّ خلاصة نتائج نحو 200 دراسة وتحقيق، عملت جميعها على التأكد من تشابه، أو اختلاف 22 سِمة مميِّزة في شخصيات الأزواج، والزوجات. وجاءت النتيجة لا لبس فيها: الأزواج والعشاق المغرمون يميلون إلى التشابه. لكن بِمَ يتشابهون تحديداً؟
من أصل الاثنتين وعشرين سِمة وقع التشابه الأقوى في الأفكار السياسية والدينية، ونمط الحياة، والمستوى التعليمي، ومستوى الذكاء. أما أدنى مستويات التشابه فكانت على مستوى الطّباع، والشخصيات، كالشخصية المنفتحة، والشخصية المنغلقة، والاستقرار العاطفي من عدمه، أو النزعة إلى مراعاة الآخرين، وغيابها.
إن ما سبق هو عبارة عن نتائج صادرة عن عمل إحصائي، وهذا يعني أنه يجب ألا نتسرَّع في استنتاج خلاصات حاسمة، لا استثناءات فيها، ولا حالات خاصة، وأهمّ ما يجب ألّا نحسمه هو أننا نشبه شريك الحياة بشكل كامل، وتطابقي، أو أننا نختلف عنه بالكامل.
بيد أنه يمكننا أن نرسم خطوطاً عامة، قد تصحّ في حالات كثيرة، وقد تخيب في أخرى. من بين هذه الخطوط اللافتة للانتباه، هو أن ثمة ميلاً إلى اختيار الشريك الذي يشبهنا في ما يتعلق بالتوجه العام في الحياة، والموقف الفلسفي، ونمط الحياة اليومية الذي نتوخى اتّباعه. وفي المقابل، ثمة ميل إلى اختيار الشريك الذي يأتي على نقيضنا إلى حدٍّ ما، فيكون مكمِّلاً لنا في ما يتعلق بالطّباع، والأمزجة، والشخصية العميقة، ونكون مكمِّلين له.
وخلاصة القول في ما سبق، أن الشبه والاختلاف حاضران معاً، وفي الوقت ذاته، بين الحبيبين، أو الزوجين، والفنّ كل الفنّ في ازدهار العلاقة واستمرارها بينهما هو الحفاظ على التوازن الدقيق بين الشبَه والاختلاف، على ألّا يغلب أحدهما الآخر، فتقود غلَبة الشبه إلى الملل، وتؤدي غلبة الاختلاف إلى الخلاف.