هل الغيرة تقتل الحب وتدمّر العلاقة الزوجية؟

يتبادر إلى أذهان البعض أن الغيرة هي وقود الحب، وتجعله مشتعلاً دوماً، لكونها أحد أنواع الاهتمام بالشريك، والتي تضفي على الحياة معنى، إلا أن هناك من يرى عكس ذلك، ويُعدّ الغيرة الزائدة عن حدّها بداية لانهيار العلاقة الزوجية، لِما تحتويه من عدم ثقة، وفقدان للأمان، فإما تسبب حالة من القلق والتوتر، نتيجة التفكير الزائد، وإما تؤدي إلى نتائج لا تُحمد عقباها.

ففي واقعة تقشعرّ لها الأبدان، قامت زوجة، في إحدى الدول العربية، بخنق زوجها الأربعيني وهو نائم، مستخدمة «غطاء رأس»، بسبب اشتعال الغيرة في قلبها، لتعدّد علاقاته النسائية، واكتشافها أنه تزوّج عليها عرفياً. ونتيجة ليأسها من تصرفاته فقدت قدرتها على التحمّل فقتلته بدافع الغيرة. وفي جريمة أخرى، قام رجل، «37 عاماً»، بتسديد عدة طعنات لزوجته بسبب الغيرة، وتركها غارقة في دمائها داخل غرفة النوم، وإلى جانبها طفلتها، لتشهد على أبشع الجرائم الإنسانية.

فتحنا باباً للنقاش مع ناعمة الشامسي، المستشارة النفسية والأُسرية، وتوجّهنا لها بسؤال: هل بالفعل تقتل الغيرة الحب، وتحرق صاحبها؟ فعلّقت قائلة «الغيرة سلاح ذو حدين، فهي إما باب لإظهار الاهتمام، وإما نار تأكل الأخضر واليابس، وهكذا يشعر بها طرفا العلاقة، فإذا كانت طبيعية فهي تدلّ على حب الشخص لحبيبه، ومدى خوفه عليه، ما يسهم في إيجاد جوّ من الألفة، والشوق، والحنين، وتجنّب الحياة الباردة، الخالية من الرومانسية بين الزوجين، أما إذا زادت عن حدّها تصبح مرَضية، وتتحول إلى شكوك تؤدي إلى حدوث كثير من المشاجرات، التي قد تنتهي بالانفصال عن الحبيب، وعدم الرغبة في تكملة مشوار الحياة إلى جانبه، لأنه أصبح مصدر إزعاج بالنسبة إليه، فهي بلا شك تقطع علاقة الحب بلا رجعة».

الفارق بين غيرة الرجل والمرأة

ولكن هل مشاعر الغيرة تختلف بين المرأة والرجل؟ تجيب «إذا تحدثنا عن معنى الغيرة فهي تلك المشاعر والأحاسيس التي تراود الذهن، وتجعله إما يفكر بطريقة عقلانية بعيدة عن المبالغة، ما يسعد الشريك ويجعله يشعر بالحب والود، وإما بطريقة جنونية تجعل صاحبها شخصاً غير متزن، قد يرتكب سلوكات سلبية تجعله يفقد كثير من المكتسبات التي حققها في علاقته مع الشريك، وفي بعض الحالات قد يتحوّل إلى شخص مجنون، يرتكب الحماقات من دون أن يدري، والحقيقة أن مشاعر الغيرة لا تفرّق، أو تختلف بين المرأة والرجل، فأينما وُجد الحب تلحق به بعض الغيرة الطبيعية، وهنا نقول إن الطرفين يتشاركان تلك المشاعر مناصفة».

وفي تفسير للأسباب التي تجعل الغيرة هادمة للذّات، تعلّق المستشارة النفسية والأسرية «تؤدي «بارانويا الغيرة»، وهي الغيرة غير الطبيعية، إلى ارتكاب أصحابها سلوكات خطرة نتيجة شكّ ليس كباقي الشكوك، وإنما شكّ يقيني، مثلاً أن يثبت الشريك قيام الطرف الآخر بالخيانة، وفي هذه الحالة يكون صاحب هذا التفكير قد وصل إلى مرحلة الشك المرَضي المغلّف باليقين الداخلي، المفضي إلى الانتقام عبر ارتكاب جريمة قتل. ونصيحتي للشخص الغيور، عليك أن تراجع نفسك، وتبحث عن كل سبل التحكم في مشاعرك وأحاسيسك، وأن تلجأ إلى الله تعالى عندما يبتعد تفكيرك عن الواقع، فالتحكم في الغضب مسؤولية صاحبه، وعليه أن يلجأ إلى المختصين من أصحاب الخبرة بحثاً عن المساعدة».

طرق علاج الغيرة المدمّرة

ثمّة طرق للعلاج من الغيرة المدمّرة للعلاقات الإنسانية، توضحها ناعمة الشامي في النقاط التالية: