16 ديسمبر 2024

إنعام كجه جي تكتب: من يكوي الثياب؟

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

مجلة كل الأسرة

كانت غسالة الثياب الكهربائية اختراعاً سحر جداتنا. بعد ذلك جاءت مجففة الثياب الملحقة بها، وارتاحت ربة الأسرة من أعباء الغسيل والنشر فوق السطوح.

أمس شاهدت في التلفزيون جهازاً جديداً يقوم بطيّ الأوشحة والقمصان والفساتين والسراويل آلياً، بحيث تصبح جاهزة للوضع في خزانة الثياب. وهذا الجهاز يباع عادة مع آلة الكي الكهربائية التي لا يخلو منها منزل. تمضي ربة البيت وقتاً في الكي وطي الثياب. هذا إن لم تستعن بشغالة.

ومع هذا ما زال الكثيرون يفضلون إرسال ملابسهم إلى الكوّاء، أي المكوى، الذي لا يخلو منه حي من الأحياء. ولعل شخصية الكوّاء من أشهر الشخصيات في الأفلام التي تجري أحداثها في الحارات الشعبية. الكوّاء والحلاق… لا يفترقان.

أدير نظري فيما حولي في البيوت الحديثة، وأرى أننا نعيش مدللات بالقياس للأجيال السابقة. لدى الواحدة منا آلة لتجفيف الشعر أو لإزالة شعر الساقين، ومفرمة كهربائية، وجهاز لصنع القهوة، ومطحنة للحبوب، وفرن كهربائي، وغسالة الصحون، وفتاحة للعلب، وثلاجة، ومجمدة، ومدفأة كهربائية أو غازية، وجهاز تبريد، ومروحة دوارة، ومحمصة للخبز، وعجّانة، ووعاء للطبخ بالضغط، ووعاء آخر لعمل الرز والمعكرونة، ومقلاة تعمل بالهواء لا بالزيوت، وقطاعة لحشائش الحديقة، ومكنسة كهربائية، ولدى صديقتي قرص دوار يقوم بكنس الأرضيات وتلميعها بمفرده، أي بدون الحاجة إلى يد تقوم بتوجيهه، إنه يعرف طريقه بفضل عين سحرية ويتسلل تحت المناضد وقطع الأثاث ويؤدي واجبه على أحسن وجه.

هل نحن، أمهات القرن الحادي والعشرين، نساء كسالى؟ لا أظن. لقد أراحتنا هذه الأجهزة ونحن ندين لها باختصار الوقت والجهد. لكن التعب ما زال يلاحق ربة البيت في كل عصر وأوان، شرقاً وغرباً، طالما كان الرجل سعيداً بأداء دور (سي السيد) الذي اعتاد أن يأمر ويُلبّى أمره بدون تردد وعلى وجه السرعة.

منذ فتحت عيني على الدنيا وأنا أقرأ في الصحف النسائية مقالات تطالب الزوج بتحمل قسطه من أشغال المنزل. وأنا الآن في الثلث الأخير من العمر وما زال الحلم حلماً. والصورة الشائعة في الأفلام ورسوم الكاريكاتير للزوج وهو ممدد على أريكة الصالون يتابع مباراة كرة قدم، بينما تدور الزوجة في المطبخ لكي تعد له العشاء. آدم هو الكسول لا حواء.