لا شك أن الزواج الناجح يحتاج إلى العقل والقلب معاً، فكل منهما لا غنى عنه لضمان الاستقرار والسعادة في مشوار الزواج.
الإشكالية دائماً تكون في: هل من الأفضل أن يأتي الحب بعد الزواج كنتيجة، أم أن الحب الذي يسبق الزواج يضمن للزوجين حياة أكثر جودة؟
خبراء الطب النفسي والعلاقات الزوجية ينقسمون لفريقين، الفريق الأول يرى أن الحب بعد الزواج يعني حباً بعد اختيار، وهذا يرتبط بحسن الاختيار في المقام الأول؛ حيث يبحث الرجل عن امرأة تشاركه حياته بحلوها ومرها، وبعد أن يجدها ويختارها بعناية يحبها مع الوقت حب عشرة قوياً وصادقاً.. لكن ماذا يحدث إذا اكتشف أنه مع الشريك الخطأ.. هل ينفصلان أم يستمران في حياة بلا حب؟!
أما الفريق الآخر من الخبراء فيرى أن الحب قبل الزواج أضمن؛ لأنه لا توجد ضمانات على مقدرة الرجل أو المرأة على حب الشريك الآخر بعد الزواج حتى وإن كان مناسباً، فمن الوارد جداً ألا يتجه إليه القلب، فماذا سيكون الوضع حينذاك؟ لذلك يفضلون أن يكون هناك بعض من مشاعر الحب والألفة قبل الزواج.. لكن هنا أيضاً: ما العمل عندما يكتشف الحبيبان بعد الزواج أن هناك أموراً واختلافات كثيرة لم يدرسها العقل جيداً وربما لم يفكر فيها مطلقاً قبل الارتباط؟
سألت «كل الأسرة» مجموعة من الخبراء والمختصين بالشؤون الأسرية: هل الحب بين الزوجين شرط لنجاح الزواج؟ وهل العشرة بين الزوجين تجلب معها الحب؟ وهل الحب يضمن للزوجين حياة مستقرة وجيدة؟
هل يأتي الحب بعد الزواج؟
بداية، توضح الدكتورة هند البنا، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الزوجية بالقاهرة، أن قرار الزواج من أخطر القرارات التي يمكن للمرء أن يتخذها في حياته؛ إذ على أساس هذا الاختيار تبنى حياة كاملة مستقبلية، ورغم أن الحب بين الزوجين من أهم الأمور التي تضمن لهما حياة زوجية مستقرة، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الحب قد تم بين طرفين بينهما توافق فكري وثقافي وديني وتكافؤ في السن والتعليم والتربية.
ولكن الاستشارية الأسرية ترى أن هناك أموراً يجب الانتباه إليها قبل الإقدام على الزواج بين الحبيبين، ومن أهمها:
1- يجب الانتباه إلى حقيقة أنه لا يمكن الوثوق دائماً في المشاعر التي تسبق الزواج، فهي ليست معياراً لنجاح العلاقة؛ لأنها غير مبنية على أسس صحيحة، وكل ما يعرفه الطرفان عن بعضهما سطحي ولا يجعلهما مثاليين. أما بعد الزواج فيتفرغ العقل والقلب للتفكير بجدية في المشاعر الحقيقية، وعادة ما يحدث هذا بعد الزواج فيظهر أن الحب الذي كان يملأ حياة الطرفين قد اختفى.
2- لابد من التوافق الثقافي والاجتماعي والاقتصادي عند خيارات الزواج، فعلى الرغم من أهمية الحب في الحياة الزوجية، فإنه يجب أن نكون أكثر عقلانية، فالحب وحده لا يكفي، ولابد له من تشابه في الطباع والأخلاق كي تستمر الأسرة وتكون أسرة ناجحة وسعيدة.
3- يجب على كلا الزوجين أن يتقبلا فكرة أنهما لا يعلمان الشريك جيداً بنسبة 100%، وأن كل طرف سيكتشف أموراً جديدة ومختلفة عنه بعد الزواج، ويجب على الطرفين أن يستعدا لتقبل ذلك وبصدر رحب.
4- الرجل والمرأة يتغيران على حد سواء بعد الزواج، وتصبح الأمور في أعينهم مختلفة، فقبل دخول القفص لم تكن هناك مسؤوليات إجبارية، ولم يكونا مطالبين بأي شيء سوى الحب فقط، ولكن مقتضيات المرحلة تفرض على الأشخاص تغيرات جذرية في شخصياتهم وتجعلهم محل تغير دائم.
5- أطالب دائماً بضرورة وجود فترة خطوبة مناسبة ليعرف كل طرف طباع الشخص الآخر، وحتى ينشأ بيتهما قوياً وقادراً على مواجهة مشكلات الحياة.
زواج الحب أفضل.. ولكن تجنبي هؤلاء!!
من جانبه، يؤكد الدكتور أحمد علام، استشاري العلاقات الزوجية والأسرية بالقاهرة، هو الآخر، أن الزواج عن طريق الحب أفضل وأنجح من الزواج التقليدي أو ما يسمى «زواج الصالونات»، والأهم من طريقة التعارف أنه يجب أن تكون فترة الخطوبة كافية لاكتشاف كل طرف سمات الطرف الآخر.
ويقول: «كثيراً ما أوجه عدة رسائل للشباب من خلال الـ«سوشيال ميديا» ووسائل الإعلام لتأكيد أهمية وجود فترة خطوبة كافية تكفي للطرفين أن يختبرا مشاعرهما، والأفضل ألا يتم استكمال الزواج إلا بعد أن يصلا إلى درجة معقولة من الحب والقبول والتوافق. وذلك لأن بناء أسرة أساسها الحب أفضل بكثير للزوج والزوجة والأبناء في المستقبل، أما الجوانب المادية فهي تتغير بمرور الأيام، وكم من فتيات تزوجن شباباً من محدودي الدخل وصاروا بعد ذلك أغنياء وعشن بعد الفقر رغد الحياة، والعكس صحيح حيث تؤكد تجارب الحياة الواقعية أن هذه الأمور غير مضمونة ولا تحمل الأمان للزوجة».
ويحدد الدكتور أحمد علام مجموعة من الشخصيات يجب الابتعاد عنها فوراً حتى وإن وقعتِ في حبها، ويرى أنها شخصيات يصعب معاشرتها وتحملها وتسبب الكثير من الأذى النفسي للشريك؛ ومنها:
1- الرجل المتسلط: إذا وقعتِ في حب هذا النوع من الرجال فاهربي فوراً؛ لأنك حتى وإن تحملتِه في البداية ستنفذ طاقة الصبر معه ولن تتحملي مواصلة المشوار معه.
2- الرجل البخيل: سواء كان بخيلاً مادياً أو عاطفياً كلاهما يجب تجنبه، فالحياة لن تستقيم معهما وقد تتحمل المرأة الحياة مع صفات لا تطاق في الرجل، لكنها لن تتحمل الحياة مع رجل بخيل.
3- الرجل المدلل: هذا الرجل لا يتحمل المسؤولية تحت أي ظرف من الظروف والارتباط به يكون نقمة لمن يعاشره.
4- مسيء الظن (الشكاك): الحياة معه مرهقة والمشاكل معه لن تتوقف أو تنتهي بعد الزواج، بل ستزيد حدتها حتى يفيض الكيل.
5- الشخص «البصباص»: إذا كانت الخيانة والكذب إحدى الصفات الملازمة لخطيبك أو حبيبك، هنا يجب قطع علاقتك به فوراً؛ لأن الحياة معه ستصل إلى طريق مسدود إن عاجلاً أو آجلاً.
كيف يأتي الحب مع العشرة؟ وكيف يمكن تقويته ليدوم طويلاً؟
ليس معنى أن الزوجين لم تجمعهما قصة حب طويلة، أن العلاقة بينهما لن تكون على ما يرام أو أنهما قد حرما من الحب للأبد.. هذا ما تؤكده الخبيرة الأسرية الدكتورة رشا الجندي، أستاذ الصحة النفسية وخبيرة العلاقات الزوجية والأسرية بالقاهرة، التي تقدم مجموعة من النصائح للزوجين لتقوية الحب بعد الزواج، وهي:
- سواء كان عن حب أم لا، يحتاج الزواج إلى إرادة قوية لدى الزوجين ورغبة أكيدة وسعي لإنجاح الزواج والحصول على السعادة وتوطيد المشاعر.
- الاحترام بين الزوجين من أهم شروط تحقيق الحب والألفة والانسجام بين الزوجين حتى وإن لم تجمعهما علاقة حب سابقة، فالاحترام وحده قادر على إشعال شرارة الحب.
- التخلي عن مقارنة الشريك بأي شخص، سواء كان حبيباً سابقاً أو قريباً أو صديقاً، أمر مهم للغاية؛ لأن لكل شخص طباعه ولكل علاقة تفاصيلها والمقارنات دائماً تخرب العلاقات حتى وإن كان يملؤها الحب.
- تقبل الاختلاف بيننا وبين شركائنا، فالحياة لا تسير في طريق مرسوم ننسجه بخيالنا أو نتمناه بقلبنا، وتقبل الشريك كما هو وعدم استنفاد كل الطاقة لمحاولة تغييره هو الطريق الأنسب للسعادة.
- الاهتمام المتبادل بين الزوجين يقوي الحب ويمنحه الغذاء الكافي لينمو قوياً وطيداً.
- التسامح والاعتذار يجعل كل مشكلة تمرّ بسلام دون أن تترك ندوباً في جسد العلاقة، ويجعل الطرفين أكثر قدرة على تجاوز الخلافات دون خسائر.
- الصداقة بين الزوجين تضمن لهما علاقة زوجية هي الأفضل على الإطلاق؛ لأنها تفتح دائماً سبل الحوار بينهما، وتجعلهما أكثر تفهماً لظروف الطرف الآخر.
- ممنوع الخصام الطويل؛ لأنه يسمح لكلا الطرفين باعتياد الغياب، وبالتالي تنشأ فجوة كبيرة بين الطرفين لا يستطيعان تجاوزها.
- الوفاء والمساندة في أوقات الأزمات والمساعدة عند المرض والشدائد تخلق الكثير من المشاعر الإيجابية بين الزوجين.
- الاهتمام بالعلاقة الخاصة بين الزوجين وعدم إهمالها يضمن للزوجين الإشباع العاطفي اللازم ويقربهما من بعضهما بعضاً بمرور الأيام.
- الحب يمكن أن يأتي في أي وقت، سواء قبل الزواج أو بعده؛ لذلك على الطرفين ألا ييأسا من ذلك، خاصة أن الحب الذي لا يأتي سريعاً لا يزول ولا يقل بمرور الأيام.
اقرأ أيضاً: أسرار الحب الدائم.. 7 ركائز أساسية لبناء علاقة زوجية سعيدة