24 ديسمبر 2024

الحب الخانق.. يفسد الزواج أحياناً! كيف تتعامل معه؟

محررة متعاونة

مجلة كل الأسرة

في الأغلب يشكو كثير من الأزواج الملل الزوجي، وفتور المشاعر، والفجوة، والغربة التي تظهر بين الزوجين بعد مرور سنوات من الزواج، ولكن هناك من له شكوى مختلفة، بل هي على النقيض تماماً من ذلك ، فهو لا يعاني فتوراً، أو إهمالاً من شريك حياته، ولكنه يعيش حالة من الحب الدائم الذي يحاصره به الشريك من خلال اهتمام مبالغ فيه في كل الأوقات.

قد يبدو الأمر للوهلة الأولى مثيراً ومشوقاً، وأمراً يحسد عليه، ولكن عند الدخول في تفاصيله نجد أن الحب انقلب إلى حب تملّك، والاهتمام أصبح خانقاً، ومزعجاً، لدرجة مرهقة للغاية للطرفين.

سألت «كل الأسرة» عدداً من الخبراء والمختصين في الشؤون الزوجية والعلاج الزواجي حول علامات الحب الخانق، وأهم أسبابه، وكيف يتعامل معه الشريك المتضرر، وهل الحب المرَضي يمكن علاجه، وكيف يمكن التعايش مع طرف يحاصر الآخر في كل خطواته، من دون الوقوع في مشكلات؟

مجلة كل الأسرة

متى يكون الحب بين الزوجين خانقاً.. ولماذا؟

بداية، تؤكد الاستشارية النفسية الدكتورة ولاء شبانة، المتخصصة في الصحة النفسية والعلاج الزواجي بالقاهرة، أن «الاهتمام بشريك العمر، وتقديم الرعاية والحب اللازمين له يعتبر من أهم مسبّبات نجاح العلاقة الزوجية، وكثيراً ما ننصح الزوجين بضرورة الاهتمام المتبادل بينهما، لأنه السبب الأول في تحقيق السعادة الزوجية، وأيّ إهمال قد يتعرّض له الطرف الآخر قد يكون المسمار الأول في نعش الحياة الزوجية».

وتضيف محذّرة «لكن يجب على الطرفين الحذر، لأن الحب، أحياناً، يكون سلاحاً ذا حدّين، فقلّته وندرته يولدان شعوراً بالإهمال، ولكن في المقابل، فإن الكثير منه يتجاوز كثرة الاهتمام، ويصبح مقيّداً للطرف الآخر، ومنغصاً لحياته».

مجلة كل الأسرة

سلبيات الحب الخانق على العلاقة الزوجية

وترصد الدكتورة ولاء شبانة أهم التأثيرات السلبية التي يسببها الحب الخانق في الحياة الزوجية، بنقاط عدّة، أهمها:

1. الاهتمام المزعج ذلك الذي يحاصر به أحد الطرفين الآخر، فيشعر الشريك بأنه مكبّل، ومقيّد، ولا يستطيع أن يعيش بحرية.
2. التدخل المُمل، وإفراط الكثير من الزوجات في الاهتمام بأزواجهن وبكل التفاصيل، فتدخل الواحدة منهن إلى درجة وضع لمستها على كل تفاصيل حياة شريكها.
3. الاهتمام الزائد يفقد الحب لذّته، فعندما يزيد الاهتمام على حدّه ينقلب إلى ضدّه، ويؤدي أيّ تدخل من الزوجة إلى توتر الزوج، حتى أنه  بمجرد أن تسأله عن يومه يصبح منزعجاً للغاية، والاطمئنان على صحته في حالة المرض استصغاراً له، لأن الاهتمام في هذه الظروف يفقد أهميته، ويتحول إلى نقمة على العلاقة، وربما يكون سبباً في فشلها.
4. عندما تكون هناك مبالغة في الحب من أحد الطرفين، حينها سيرى كل ما يقدمه له الطرف الآخر، من حب واهتمام، أنه عادي، ولا يرقى للمستوى المطلوب، وبالتالي، سيحاصره بطلب الاهتمام، وعندما لا يستجيب ستنشأ الكثير من المشكلات الزوجية بينهما.
5. الاهتمام عندما يزيد على حدّه يتحول في معظم الأحوال إلى شك، وغيرة مرَضية، ويتسبب الأمر بالعديد من المشكلات الزوجية، وربما يصل إلى الأذى وارتكاب الجرائم بدافع الحب «ومن الحب ما قتل».
6. الخوف من فقدان الطرف الآخر، وفشل الزواج، سيجعل الطرف الآخر يعيش في كابوس دائم خوفاً من هذا الأمر، ويسعى بكل الطرق لتملكه والسيطرة عليه، ما سيدفعه إلى الملل والإحساس بالاختناق، وربما للهروب بعيداً عن هذه العلاقة، والتملّص منها بشتى الطرق، حتى وإن كان الانفصال، وكثيراً ما نسمع عن قصص أزواج انفصلوا بسبب ملاحقات أحد الطرفين للآخر، والرغبة في التحكم فيه.
7. الاهتمام المفرط يؤدي إلى تدليل الشريك لدرجة اعتماده على الآخر في كل الأمور حتى أبسطها، وأتفهها.

مجلة كل الأسرة

كيف يواجه الأزواج الاهتمام المزعج بلا خسائر؟

ويشاركها الرأي الدكتور وائل السيد خفاجي، استشاري الطب النفسي والأعصاب بالقاهرة، في أن الاهتمام بالحبيب من أهم أسباب نجاح العلاقة، بل هو الضمانة الأهم والأقوى للسعادة الدائمة، والقدرة على التسامح، وتجاوز أي خلافات بين الطرفين، لكن بشرط ألا يتجاوز هذا الأمر الحد المطلوب، حتى لا تنقلب الأمور رأساً على عقب، ويكون وقتها كثرة الاهتمام من المنغصات الزوجية، وأيّ تصرف يصدر عن الشريك يسبب لدى الطرف الآخر النفور والغضب، بسبب الحب المرَضي الذي يحاصره في جميع الأماكن، وكل الأوقات.

ولكنه يدعو الأزواج والزوجات، الذين يعيشون بالفعل حياة زوجية مع شريك يعاني الحب الخانق، والاهتمام المزعج، باتّباع عدد من الخطوات لتقليل حدّة هذا الأمر، والتعايش معه بشكل أفضل:

1. الأمر، أولاً وأخيراً، يحتاج إلى تقبّل من الطرف الآخر، فهناك من يخنقه الحب الزائد، وهناك من يستمتع به، ويتفاخر بأنه في علاقة زوجية فيها شريك يمنحه الكثير والكثير من المشاعر.. لذا من الأفضل ألا نرى الأمور كلها من منظور سيئ، لأن الشريك الذي يعاني الحب المرضي يبذل الغالي والنفيس من أجل إسعاد الطرف الآخر، وهذا الأمر حقاً ممتع.
2. عدم إرباك الطرف الآخر بإضفاء الغموض الزائد على حياتنا الشخصية، فلا داعي لإثارة شكوكه، وإشعاره بأن هناك الكثير من الأمور عنه لا يعرفها، وهذا الأمر يتطلب عدم وضع أنفسنا في مواطن الشبهات.
3. النقاش، ثم النقاش معه، ومطالبته باحترام المساحة الشخصية، وتوضيح مدى أهمية هذا الأمر لصحة العلاقة الزوجية.
4. الاتفاق على أخذ القليل من الإجازات الزوجية حتى يتجدد الحب بين الطرفين، ويزيد الشوق.
5. يجب على الزوج بخاصة، أن يعي أن المرأة بطبيعتها مخلوق عاطفي يميل إلى إظهار مشاعره بشكل عفوي، ويتوجب على الرجل تقدير هذه الطبيعة للمرأة، وألا يتعامل مع الأمر على أنها تخنقه، وتريد السيطرة عليه.
6. يجب علينا ألا ننصّب أنفسنا أوصياء على أحد في تصرفاته، وطريقة حياته، وإدراك أننا، كأشخاص، قد نختلف ونتشابه في طريقة تعبيرنا عن الحب، والاهتمام، ولكي نعيش في سعادة يجب ألا نفرض طريقتنا في الحب على شركائنا، وأن نتقبّلهم بطريقتهم نفسها. 

مجلة كل الأسرة

نصائح لتحقيق التوازن العاطفي «علاقة بلا إهمال أو إغراق»

من جهتها، تقدم الخبيرة النفسية الدكتورة صابرين جابر، استشاري العلاقات الزوجية والأسرية في القاهرة، مجموعة من النصائح والإرشادات الزوجية التي تساعد الأزواج على تحقيق التوازن في العلاقة الزوجية، كي لا نقع تحت وطأة الإهمال، أو الاهتمام المفرط، والحب الخانق، ومن أهمها:

- الحب الحقيقي لا يضر بنفسية صاحبه، لذلك علينا أن نراجع أنفسنا في كمّ المشاعر التي نمنحها للآخرين، حتى لا نغدق عليهم المزيد من المشاعر التي تخنقهم، وتدمّر علاقتنا بهم.
- اشغلي نفسك بعلاقاتك الاجتماعية، وبهواياتك واملئي فراغ وقتك بأي عمل مفيد، ومثمر، بدلاً من محاصرة الزوج، وملاحقته باهتمامك الزائد، وغيرتك المرَضية.
- يجب الموازنة بين أوقات الحب وأوقات العمل، والاعتدال في المشاعر، وعدم استنزاف مخزون الحب كله مرة واحدة، حتى لا يفقد الحب لذته عند الطرف الآخر، فينفر منه.
- يجب على الزوجة عندما تجد زوجها منشغلاً بهموم العمل، وضغوط الحياة، وآمال المستقبل، أن تشاركه همومه وآماله، وتدفعه للوصول إلى طموحاته، حتى وإن كان فقط بتقدير ظروفه، وتهيئة بيئة مناسبة وهادئة له للعمل، وعدم إرهاقه في أمور جدلية لا طاقة له بها.
- يجب على الزوجة ألا تجعل حياتها الزوجية محور التفكير، وتنسى أن لها حياة خاصة عاشتها قبل الزواج، ولديها أصدقاء، وهوايات، وعمل، واهتمامات أخرى بخلاف الزوج، لأن الموازنة بين حياتها الخاصة وحياتها الزوجية تجعل كل الأمور في نصابها الصحيح.
- من الأفضل ألا نغفل حاجتنا في كثير من الأوقات إلى طلب الاستشارة النفسية والزواجية حينما تتعقد الأمور، ونشعر بأن علاقتنا بالشريك الآخر لا تسير في الطريق الصحيح، وتؤدي إلى الكثير من الضغوط النفسية.
- ليس هناك أجمل، ولا أرقى من الحب بين الزوجين، لكن أحياناً نسلك الطريق الخطأ في سبيل تحقيق ذلك، لذا يجب علينا أن نتوقف عن ملاحقة شركائنا، ومراقبتهم، واقتحام حياتهم الخاصة، بدعوى الحفاظ عليهم، بل من الأفضل أن نمنحهم الثقة اللازمة، بخاصة أن الملاحقات الدائمة لا تمنع، ولا تعصم أحداً من الخطأ.
- التوقف عن سماع نصائح الأصدقاء التي ربما تفسد حياتنا، وتشككنا في شركائنا، وكذلك التوقف فوراً عن مقارنة علاقتنا الزوجية بالعلاقات الزوجية المحيطة بنا، فلكل زوجين طبيعة مختلفة للعلاقة، وسمات خاصة بها، والسعي لتفصيل شكل معين لها يفقدها خصوصيتها، وجمالها.
- الحل يكمن في يد الزوج، لذا يجب عليه أن يجلس مع زوجته في هدوء، ويحاورها ويتناقش معها، ويعبّر لها عن حبه، وامتنانه لوجودها في حياته، ويؤكد عدم قدرته على الاستغناء عنها، ويفند لها مخاوفها حتى يتبدّد القلق، وتستقر الأمور.
- تجديد الحياة الزوجية يحتاج إلى مزيد من الجهد والتفكير، من كلا الزوجين، لذلك علينا جميعاً، أن نغيّر طريقتنا كل فترة، ونتّبع طرقاً جديدة للتعبير عن المشاعر والحب، وألا نجعل ضغوط الحياة المتزايدة تحرمنا لمسات من الرومانسية نشحن بها رصيد المحبة لدى الشركاء، حتى نستطيع جميعاً مواصلة المشوار.

اقرأ أيضاً:
- لا تستسلموا للملل الزوجي.. 4 نصائح لاستعادة الرومانسية
- ما هي علامات شريك الحياة "السام"؟ وكيف تتعامل معه؟