31 ديسمبر 2024

لماذا تفكر المرأة أحياناً في الزواج برجل يصغرها سنّاً؟ هذه هي الأسباب المحتملة

رئيس قسم الشباب في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

ليلى. ح: «مررتُ بزيجتين فاشلتين، أنجبت خلالهما سبعة أبناء، أكبرهم في السابعة والثلاثين، وأصغرهم في السابعة عشرة. ظللت طوال عمري، وقد بلغت اليوم 57 عاماً، أبحث عن الحب والعاطفة، والتقيت حسام، شاب يصغرني بسبعة وعشرين عاماً. عندما قررت الارتباط به، هاجمني الجميع، وقاطعني أهلي وأبنائي. وعلى الرغم من ذلك تزوجنا، وأعيش معه اليوم أجمل قصة حب؛ أصرف عليه لأنه عاطل عن العمل، وهو يعطيني الحب والحنان».

أمل. س: «اليوم كانت خطبتي على عمرو، يصغرني بأربعة أعوام. في البداية رفض والداي هذا الارتباط ولكنهما في النهاية رضخا لرغبتي أمام إصراري».

وتتابع: «الزواج من رجل يصغرني يُشعرني بأنني الأقوى، وأن كلمتي مسموعة، وأنه سيطيعني في كل شيء. وبذلك أسيطر على كل المشكلات مستقبلاً».

دلال.ش: «لم أرتبط بعد، وأعيش صعوبة العنوسة بعدما تجاوزت الأربعين من عمري. كل الذين يريدون الارتباط بي يصغرونني سناً، وأنا سعيدة بذلك لأنني أشعر بأنني ما زلت جميلة ومرغوبة».

هذه الحالات الثلاث، تظهر أن بعض النساء يرتبطن بشباب يصغرونهن لأسباب عدّة، فكيف ينظر المجتمع إلى ذلك، وهل يستمر الزواج مع هذه الفروق الكبيرة في العمر؟

أحكام قاسية

عندما تنقلب الأدوار تتدفق الانتقادات والاعتراضات. ذلك أن مثل هذه الفروق العمرية تُعد غير طبيعية اجتماعياً، وهي تتعارض مع العادات، وتواجه من المحيط أحكاماً قاسية، ومسبقة. في المقابل، يبارك الناس للمرأة التي ترتبط برجل يكبرها سناً، ولو كان الفارق العمري يزيد على 10 سنوات.

مجلة كل الأسرة

أبحاث ونظريات

وإذا حاولنا تصديق بعض الأبحاث، نتبيّن أن النساء اللاتي لديهن أزواج يصغرونهن سناً، هنّ أكثر سعادة من سواهنّ، ويتمتعن بحياة زوجية مُرضية. وقد أجرى عالم النفس جاستن جيه ليميلر، الباحث في معهد كينزي، بجامعة إنديانا، منذ بضعة أعوام، دراسة حول هذا الموضوع مع 200 امرأة. ووجد أن النساء اللاتي كنَّ أكبر من شركائهن بعشر سنوات، كنَّ أكثر تفاعلاً في الحياة الزوجية، ولديهن عاطفة أشدّ تجاه أزواجهن، من اللاتي يصغرن أزواجهن.

إذن، هل يُحدث الرجلُ إن كان أكثر شباباً من زوجته، فرقاً في حياتها؟ وماهي السلبيات والإيجابيات في مثل هذه العلاقات مع شريك يصغر المرأة سناً؟

تقول عالمة الصحة النفسية والباحثة في علم العواطف، الدكتورة الإيطالية نيكوليتا سوبا، إن السبب الرئيس الذي يجعل المرأة تنجذب إلى رجل أصغر منها سناً، يرتبط بالتغيرات الثقافية التي طرأت على الأدوار، الذكورية والأنثوية، في المجتمعات، ولا سيما الدور الوقائي، أو الأبوي الذي كان يمارسه الرجل تجاه المرأة. ففي الماضي، كان الزوج الأكبر سناً يهتم بكل شؤون زوجته، خصوصاً من الناحية الاقتصادية. ولكن يبدو أن هذا الاهتمام وهذه الرعاية قد عفا عليهما الزمن اليوم، إما بسبب استقلال المرأة مادياً، خصوصاً في الدول الغربية، وإما بسبب منح المرأة الحرية المطلقة في الاختيار، وإضفاء صفة شرعية على هذا السلوك كي يتقبله المجتمع.

حق مشروع

وعلى الرغم من التطورات التي طرأت في معظم البلدان، فإن الأمر مازال مستهجناً في بعض المجتمعات التي لا تعترف بهذا التحوّل، والتي ما زالت فيها سلطة الرجل قائمة، وتجد صعوبة في تقبّل وجود الفوارق العمرية المعكوسة، وتراها تعدّياً على العرف، والعادات.

أما في المجتمعات الأكثر انفتاحاً، فالأمر يختلف، حيث تنتشر هذه الزيجات مع فوارق عمرية يكون فيها للمرأة الحق في اختيار زوجها من خلال نظرتها الخاصة للعلاقة، ومن خلال الظروف التي قد تراها مناسبة لبناء حياة زوجية مستقرة.

مجلة كل الأسرة

قوة المرأة الاقتصادية والديناميكية العاطفية

تلعب قوة المرأة الاقتصادية دوراً مهماً في العلاقة مع زوج يصغرها سناً، فهذه القوة تعطيها إحساسا بالأمان في حال حدث خلاف، أو فراق بينها وبين شريك حياتها، لأي سبب كان. فالمرأة المستقلة مادياً لا تشعر بالحاجة إلى تلك الحماية، أو التبعية التي تسعى إليها عندما تفكر في الارتباط برجل يكبرها سناً.

من ناحية أخرى، يؤثر الشعور بالأمان، بشكل كبير، في نظرة المرأة لذاتها، فترى أنها مرغوبة وجذابة في عيون الرجال الأصغر سناً.

السلبيات والإيجابيات من الناحيتين العاطفية والنفسية

ترى الدكتورة نيكوليتا أن الإيجابيات في مثل هذه الزيجات، تتعلق بإمكانية شعور المرأة بالحرية في اختيار لا يخضع للضغوط، الاجتماعية والعائلية، ولا يهتم بالانتقادات، ولا بتأثير الثقافات.

وتشير البحوث إلى أن المرأة تشعر بالحيوية والانطلاق مع زوج يصغرها سناً، وهي تؤكد بذلك لنفسها أنها ما زالت مرغوبة، وقادرة على لفت نظر الشباب، وتشير الدراسات أيضاً، إلى أن نجاح مثل هذه الزيجات يرتبط بقدرة الزوجين على التكيّف الاجتماعي، وتجاوز الاختلافات المحتملة في مراحل حياتهما المختلفة.

هذا من ناحية الإيجابيات، أما من الناحية السلبية، فقد يعاني الزوجان واقعاً يتعارض مع التطلعات، ويتعلق بالاحتياجات، سواء احتياجات العمل، أو نمط الحياة بمراحلها المختلفة، ومن الأمثلة على ذلك، أن المرأة في سنّ معينة يمكن أن تتمتع بالاستقرار المادي والمهني، بينما يكون زوجها الشاب في بداية الطريق نحو الاستقرار.

أما على صعيد التأثير الاجتماعي، فقد يتعرض الزوجان لرفض المحيط لمثل هذا الزواج، وتحاصرهما الانتقادات، والتعليقات المحبِطة. وقد يؤثر ذلك في استقرار الزواج، ويجعل عمره قصيراً. عدا المشكلات التي قد تنشأ بين الزوجين بسبب عدم رضا الأهل، خصوصاً أم الزوج التي تفضل لابنها زوجة تناسبه في السّن. علماً بأن مثل هذه الخلافات قد تحدث حتى بين الأزواج المتقاربين في العمر، أو عندما يكون الرجل أكبر من المرأة سناً.