
أكثر ما يفسد العلاقات الزوجية، ويضعف الودّ والمحبة بين الزوجين، هو الخصام الطويل والمتكرّر بين الزوجين.. فحينما تكون الكبرياء بين الزوجين هي سيدة الموقف، يزداد الأمر سوءاً، وتصبح حياتهما عبارة عن سلسلة من الخلافات، والشقاق، والخصام الطويل، ولن تجد وقتها السعادة طريقاً إليهما.
للخصام تأثيرات سلبية عميقة، في المرأة، والرجل، والأطفال، ولذلك يجب على الزوجين الأخذ بالأسباب التي تحفظهما، وأطفالهما، من تلك التأثيرات، ونحن هنا لا نتحدث عن الخلافات، والمشادات الزوجية العادية التي عادة ما تحدث بين أيّ زوجين، وتنتهي في غضون ساعات، أو أيام قليلة، فهذه على الرغم من أنها تعكّر صفو الحياة إلا أنها لا يمكن القضاء عليها نهائياً، كما أنها لا تترك جروحاً عميقة في العلاقة الزوجية، لكن الأخطر، والذي نتحدث عنه هنا، هو حالة الخصام الطويل التي تحدث بين الزوجين لمدة شهور، وسنين طويلة، تنقطع فيها لغة الحوار تماماً بين الزوجين، ويدخلان في حالة انفصال كامل، على الرغم من اجتماعهما في منزل واحد.
ما هي أسباب الخصام الطويل بين الأزواج؟ وما هي التأثيرات السلبية التي تخلفها في العلاقة؟ وما هي التدابير الوقائية التي يمكن بها تجنب حالات الشقاق الطويلة؟ وكيف يستغل الزوجان المناسبات الخاصة، مثل عيد الحب الذي يتكرّر كل عام، لإنهاء الخصام الطويل؟..
هذه الأسئلة وغيرها طرحتها «كل الأسرة» على عدد من خبراء العلاقات الزوجية الذين قدّموا طرقاً مجرّبة لاستغلال احتفالات عيد الحب لإنهاء الخصام الطويل بين الزوجين، إلى الأبد:

أسباب متكررة وآثار وخيمة.. احذروها!!
في البداية، تؤكد الدكتورة أسماء مراد الفخراني، استشاري العلاقات الأسرية والزوجية ومدرّبة الإتيكيت والأنوثة في مصر، أن أيّ خصام، أو خلاف بين الزوجين يجب أن ينتهي سريعاً، ويفضل في اليوم نفسه، وتضيف «دائماً ما أحذّر الأزواج والزوجات، الجدد والقدامى، على حدّ سواء، من استمرار الخصام لمدة تزيد على ثلاثة أيام، مهما كانت الأسباب، فالخصام الطويل بين الزوجين ظاهرة غير صحية، ودائماً تكون نتائجه سلبية ومزعجة، لإنهاء الخصام الطويل بين الزوجين، ولكن يجب أن تتوافر بداية، الرغبة لدى كل منهما، لأن رغبة أحدهما فقط، لن تجدي نفعاً في ذلك».
وحول أسباب الخصام الطويل بين الأزواج، ترى الدكتورة أسماء الفخراني، أن أغلبه يندرج تحت أسباب مادية، أو مشاكل في العلاقة الحميمة، أو خلافات عدّة في تربية الأولاد، وأكثرها شيوعاً هو تدخّل الأهل المبالغ فيه في الحياة الخاصة بين الزوجين، وكذلك بعضها يكون بسبب مشاكل نفسية يعانيها أحد الزوجين، مثل الشك، والغيرة، والأنانية، وحب الذات، وعدم الشعور بالاكتفاء، أو الشعور بالإهمال وعدم التقدير، وبسبب هذه العوامل والخلافات تخلق مشادّات ومشاكل حادّة بين الزوجين، قد تصل إلى صدور سلوك عدواني، أو إهانة وعنف، ما يؤدي إلى حالة من الخصام الطويل بينهما.

آثار الخصام الطويل بين الزوجين
أما عن آثار الخصام الطويل بين الزوجين فتحدّدها استشارية العلاقات الزوجية في عدة نقاط، وهي:
1. حدوث فجوة عميقة بين الزوجين، وبالتالي يقلّ التماسك داخل الأسرة.
2. البرود العاطفي، والجفاء، وقسوة القلب، ما يضيع الحميمية والتلاحم بين الزوجين، وهذا الأمر يؤدي إلى زيادة التوتر.
3. سيطرة الشكوك والظنون على تفكير الزوجين، فمهما كانت قوة العلاقة بين الزوجين، فإن الخصام الطويل قادر على محو كل ما بينهما من ودّ وحب.
4. تأثر الأبناء بشكل سلبي نفسياً، نتيجة أجواء التفكّك الأسري التي يعيشون فيها.
5. تحفيز مشاعر الخوف والقلق لدى المرأة، وإحساسها بعدم الأمان تجاه شريك الحياة.

خطوات فعّالة لتجنب الخصام الطويل
ويتفق معها الدكتور أحمد البحيري، استشاري الطب النفسي وتعديل السلوك، بالقاهرة، في ضرورة أن يحذر الزوجين إطالة الخلاف، والابتعاد عن بعضهما بعضاً لفترات طويلة، ويقول «عند الخصام تكون المرأة هي الأكثر استعداداً للتسامح في البداية، ثم مع طول الخصام يحدث العكس، حيث ترفض المرأة الصلح، وتكون قد انتقلت إلى التفكير في الطلاق، وبإصرار، بينما الزوج يعود بشوق للصلح».
ويرى د. أحمد البحيري أن مسؤولية السعادة الزوجية تقع على الزوجين، لذلك لابدّ أن يكون الصلح وإنهاء الخصام مسؤولية الشريكين معاً، وعدم انتظار كل منهما الآخر ليأتي له مقدّما له الصلح الذي يريده. فالبيت السعيد لا يقف على المحبة وحدها، بل لابدّ أن تتبعها روح التسامح بين الزوجين، والتسامح لا يأتي بغير تبادل حسن الظن، والثقة بين الطرفين، لأن أكثر الخلافات التي تنتهي بالطلاق ترجع إلى أشياء تافهة، تتطور تدريجياً حتى يتعذر إصلاحها، فكثيراً ما يهدم البيت لسان لاذع، أو طبع حاد يسرع إلى الخصام، وكثيراً ما يهدم أركان السعادة البيتية حب التسلط، أو عدم الإخلاص.
وحول استغلال فترة المناسبات الخاصة لإنهاء الخصام، يبيّن الاستشاري النفسي أن هذا الصلح يكون واجباً وضرورياً في هذه الأوقات، بشكل خاص، لأن الزوجين اللذين يتجاهلان هذه المناسبات، كعيد الحب، وعيد الزواج، وكذلك الأعياد الدينية، ولا يبادران إلى الصلح تزداد الأمور بينهما سوءاً، ولا يمكن للعلاقة بينهما أن تعود كما كانت من قبل، لأن رصيد المودّة، وذكريات الحب، وكل الأمور المشتركة بينهما، تتلاشى وتحلّ محلّها ذكريات أليمة لمناسبات مرّت عليهما والعلاقة بينهما في أسوأ حال. فلماذا لا يأخذ كل طرف منهما على عاتقه أن يغضّ الطرف عن نقائص شريكه، ويتقبله كما هو، ويتذكّر ما له من محاسن ومكارم تغطّي هذا النقص؟

كيف نستغل عيد الحب لإنهاء الخصام الطويل؟
ويشدّد الدكتور أحمد البحيري على ضرورة أن يستغل الطرفان تلك المناسبات الخاصة، كيوم الحب، أو عيد الزواج مثلاً، لإنهاء أي خلاف ويشير، إلى عدة خطوات تساعد على ذلك:
1. التخلص من المشاعر السلبية التي تسيطر على الطرفين، وطرد مشاعر الخوف، والتوتر، والقلق، والعصبية، لأن كل هذه الأمور تؤدي إلى توتر العلاقة، وطول فترة الخصام.
2. اهتمام الزوجين ببعضهما بعضاً، وأن يحاول كل طرف أن يظهر مشاعر الحب والحنية التي تجعل أيّ خصام، أو جفاء، يختفي فوراً.
3. من أكثر الحلول مساهمة في إنهاء الخلاف والخصام الطويل اهتمام كل طرف في إظهار مواطن جماله للطرف الآخر بحسن التعامل معه.
4. اللجوء إلى متخصصين في العلاقات الزوجية، وتلقّي الاستشارة المناسبة للبدء من جديد مع شريك الحياة من دون مشاعر سلبية.
خمسة طرق مجرّبة لإنهاء الخصام
أما الدكتورة نسرين محسن، أستاذة الطب النفسي والعلاقات الزوجية والأسرية بجامعة عين شمس، فتؤكد أن إنهاء الخصام بداية الطريق الصحيح لاستقرار العلاقة بين الزوجين، ولكن، ليس معنى أن يبدأ طرف من الطرفين بالصلح أنه بهذه الطريقة قد تخلّى عن كبريائه وكرامته، بل على العكس، فإن من يبدأ بالصلح هو الأكثر حباً، وحكمة، وذكاء «المناسبات الخاصة، كيوم الحب مثلاً، لا تتناسب أبداً مع اجترار الذكريات السلبية، ومبرّرات الخصام والزعل، بل من الأفضل استدعاء كل ما هو جميل، ولطيف بين الزوجين، لذلك أنصح الأزواج دائماً باستغلال هذه الأوقات ليخطفوا لحظات السعادة والحب مع شركائهم، وأيّاً كان الذي حدث يجب عليهم إلقاؤه خلف ظهورهم والبدء من جديد».
وحول كيفية القيام بالصلح، تشير استشارية العلاج الزواجي د. نسرين محسن إلى أن هناك عدة طرق مجرّبة تنجح كثيراً في إنهاء الخلافات والخصام الطويل، ومنها:
- إذا كان الخصام بسبب اختلاف في وجهات النظر، فليس هناك أفضل من جلسة مصارحة بين الزوجين، يعبّر فيها كل طرف عن تقديره واحترامه للطرف الآخر، وينصت له جيداً، ويضع نفسه مكانه، ويقدم كل منهما التنازلات للوصول إلى حلول وسط ترضي جميع الأطراف. ويجب أن تكون هذه الجلسة هادئة، وتهدف إلى الإصلاح بلا أي تجريح، أو إهانة، أو تشبث بالرأي، وبعد اقتراح الحلول يتعاهد الزوجان على استمرار التفاهم، ويحتفلان بعدها بالطريقة التي يحبّانها ويبدآن معاً صفحة جديدة، بلا خصام وخلافات.
- أما إذا أخطأ أحد الطرفين في حق الطرف الآخر، فلا يوجد أفضل من أن يبادر هو بالصلح، ويبذل قصارى جهده لاسترضاء الآخر، ويتعهد بعدم تكرار ما حدث، والأفضل له أن يقدم له ما يتناسب مع حجم الخطأ من هدية، سواء رحلة خاصة، أو هدية رمزية، والأفضل طبعاً أن يعتذر أولاً، بشكل صريح عن الخطأ قبل تقديم الهدية.
- إذا كان الخصام بين الزوجين سببه الإهمال، واهتمام أحد الطرفين بأمور أخرى غير علاقته بشريكه، فهنا يكون من المهم أن يفرغ الطرف المهمل نفسه تماماً، ولو لليلة واحدة، يصالح فيها شريكه، ويفاجئه بسهرة خاصة، وعشاء فاخر، ويجهّز له ليلة حب كليالي شهر العسل، سواء كان ذلك داخل المنزل، أو خارجه، كل حسب ظروفه، والأفضل في هذه الحالة إعطاء نفسيهما إجازة زوجية من الأبناء، وترك المسؤولية، ولو لساعات، لبعض الأقارب.
- إذا كان الزوجان يعيشان معاً حياة زوجية يملأها الحب، لكنهما يشعران بالملل، فهذا يعني أن التجديد بأيّ صورة من الصور مطلوب، والاحتفال بمثل هذه المناسبات الخاصة كفيل بالتجديد، وإعادة شحن رصيد الحب من جديد.
- للأسف، في بعض الأوقات يتناسى أحد الطرفين مثل هذه المناسبات، ولا يتذكر أن يخص شريك حياته بأمر مختلف، ولو حتى معايدة بسيطة، ووردة، وسهرة جميلة يقضيانها معاً، فيكون هذا الأمر سبباً للضيق والخصام، بسبب تجاهل المناسبة. فمهما كانت العلاقة بين الزوجين على ما يرام، إلا أن الكلام الحلو، والاهتمام مطلوب بخاصة في أوقات المناسبات التي لا تخصّ فئة عمرية بعينها، فالمرأة تحب أن تسمع الإطراء وكلمات الغزل حتى آخر يوم في عمرها، وكذلك الرجل.
اقرأ أيضاً:
- نصائح للتعامل مع زوجك كثير الخصام والزعل
- لا تستسلموا للملل الزوجي.. 4 نصائح لاستعادة الرومانسية