03 مارس 2025

د. حسن مدن يكتب: نساء ورجال

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، &a

مجلة كل الأسرة

لا تبدو نتائج ثلاث دراسات مختلفة يجمع بينها جامع رئيسي هو المقارنة بين النساء والرجال، في العلاقة مع أمور وصِفات مختلفة، منحازة إلى جنسٍ من الجنسين، فبعضها يظهر النساء في صورة القوّيات، الكريمات، ويُظهرهنّ بعضها الآخر في صورة الضحية، والعكس صحيح أيضاً، حيث يبدو الرجال في إحدى هذه الدراسات هم الضحايا. وفي التفاصيل، فإن إحدى هذه الدراسات اعتنت بمن هم الأكثر كرماً، الرجال أم النساء؟، واعتنت الدراسة الثانية بإظهار من هم الأكثر تضرراً من الانفصال العاطفي بين الشركاء، فيما ذهبت الدراسة الثالثة إلى تقصّي مَن من الجنسين أكثر تقبّلاً لفكرة العزوبية.

لنبدأ بالدراسة الأولى المتصلة بثنائية الكرم والبخل، والتي شملت أكثر من 1000 بالغ، لتُظهر أن النساء أكثر سخاء، بشكل ملحوظ، مقارنة بالرجال، وفي المتوسط، وجدت الدراسة أن النساء يتبرعن بأموال أكثر من الرجال، وكان القرار الأكثر شيوعاً بين الرجال هو عدم مشاركة أيّ شيء مع الشريك، بينما تميل النساء إلى تقسيم المال مناصفة. وأشار الباحثون إلى أن الاختلافات بين الجنسين كانت مرتبطة بالقدرة على التفكير، والسّمات الشخصية، والعواطف. ووجدوا أن سِمتين شخصيّتين أثّرتا بشكل إيجابي في الكرم: الانفتاح المرتبط بالفضول والتسامح مع التغيير، والودية المرتبطة بالتعاطف.

بروفيسورة إسبانية، مارينا، شاركت في تأليف البحث، قالت إن النتائج فاجأت الفريق، وأضافت: «ما أدهشنا هو الفرق الكبير، نسبياً، في العطاء بين الرجال والنساء».

أما الدراسة الثانية، التي أجريت في ألمانيا، واعتنت بأثر الانفصال العاطفي في كل من المرأة والرجل، وبُنيت على تحليل لأكثر من 50 دراسة، تناولت الفروق بين الجنسين في العلاقات العاطفية، فقد رأت أن الرجال يواجهون صعوبة أكبر في التعامل مع الانفصال العاطفي، مقارنة بالنساء، إذ يعانون الوحدة بدرجة أكبر، ويجدون صعوبة في رؤية الجوانب الإيجابية لإنهاء العلاقة.

وخلصت الدراسة إلى أن الرجال أقلّ ميلاً لإنهاء العلاقات المستقرة، كما يعتمدون بشكل أكبر على شريكاتهم في تلبية احتياجاتهم العاطفية، ما يجعل الانفصال أكثر إيلاماً لهم، لكونهم يعتمدون على شريكاتهم للحصول على الدعم العاطفي، أكثر من النساء، وتُسهم العلاقات المستقرّة في تحسين صحتهم، العقلية والجسدية، بل وترتبط بزيادة متوسط أعمارهم. ويرجع ذلك إلى أن النساء عادة ما يمتلكن شبكات دعم اجتماعية أقوى، تساعدهنّ على تجاوز الانفصال بسهولة أكبر.

موضوع الدراسة الثالثة قريب من الدراسة السابقة، وتبدو النتائج مكملة لتلك التي خلصت إليها سابقتها، فهي اعتنت بدراسة الفرق بين الجنسين في تأثير العزوبية في الرضا والسعادة لديهما، وأوضحت النتائج أن النساء العازبات كنّ أقلّ رغبة في الدخول في علاقات، مقارنة بالرجال، إضافة إلى شعورهنّ بمستوى أعلى من الرضا الشخصي، والتمتع بقدر أكبر من الرفاهية، والاستقلالية. وعلى الجانب الآخر، أبدى الرجال، خصوصاً الأكبر سنّاً، انخفاضاً ملحوظاً في رضاهم عن حياتهم، ما يعكس تأثير العزوبية بشكل أكثر حدة فيهم.

وتطرقت الدراسة أيضاً إلى تأثير العمر والعِرق في مستوى الرضا بين العزّاب. وعلى سبيل المثال، أظهرت النساء ذوات البشرة السمراء رغبة أعلى في العثور على شريك، مقارنة بالنساء ذوات البشرة البيضاء، بينما كان الرجال الأكبر سنّاً يعانون شعوراً أكبر بالعزلة، وعدم الرضا، مقارنة بالشباب، وهنا أيضاً عزَت الدراسة شعور النساء العازبات بالسعادة إلى الدعم الاجتماعي القوي الذي يتلقينه من الأصدقاء، والعائلة، ما يساعدهنّ على تحقيق الرضا العاطفي والاجتماعي.