لطالما كانت الحضارات القديمة مصدراً لإلهام الفنانين في شتى المجالات، ويعتبر تصميم الأزياء فناً راقياً لا يختلف عن باقي الفنون. وهو يحتاج إلى مصادر متعددة للإلهام والابتكار قد لا يلتفت إليها في بعض الأحيان إلا أولئك الموهوبون بالفعل. ولا يتوقف المصممون العالميون، وعلى رأسهم "زهير مراد"، عن إبهارنا في كل موسم بتصاميمهم المذهلة التي يروون بها قصصاً مستوحاة من التاريخ.
ويعود بنا "زهير مراد" بمجموعة أزيائه الجديدة لربيع وصيف 2020، آلاف السنين إلى الوراء، وتحديداً إلى الحضارة الفرعونية التي لا تزال تُبهر العالم حتى اليوم بغموضها وسحرها وأسرارها التي ما زالت تتكشف لنا حتى يومنا هذا. ويقول "مراد" عن هذه المجموعة المذهلة: "قررت العودة بالزمن إلى الوراء حيث الحضارة الفرعونية، لأني أجد أن الفراعنة كانوا في غاية الغموض وكانت حياتهم ثرية للغاية وكانوا يهتمون بالأزياء اهتماماً كبيراً. كما كانت للمرأة مكانة كبيرة عندهم، وربما كانت قوة تأثيرها تفوق أحياناً قوة تأثير الرجل".
فالمرأة بالنسبة لـ"زهير مراد" هي عبارة عن مزيج من الجمال والقوة والغموض، وهو ما يظهر جلياً في تلك المجموعة الرائعة التي قدمها المُصمم اللبناني العالمي في أسبوع الموضة في باريس، والتي تكونت من 60 قطعة استثنائية أثارت إعجاب وذهول جميع الحاضرين. وقد انعكست عظمة وروعة الأيقونات والرموز الفرعونية القديمة مثل: عين حورس، والجعران، والملكة إيزيس، وتوت عنخ آمون، وثعبان الكوبرا، وزهرة اللوتس وغيرها، على فساتين المجموعة لتمنحها مزيداً من القوة والتأثير، وتحوّلها إلى تحفة فنية رائعة الجمال وشديدة التناسق من حيث التصميم وألوان النسيج والتطريز الذي احتاج إلى آلاف القطع من الخرز.
وقد اختار "مراد" لمجموعته ألواناً قوية وجريئة تناسب الحضارة الفرعونية التي استوحى منها تصاميمه، مثل الأحمر والذهبي والأسود والأزرق، فكان كل فستان أشبه بلوحة فنية في حد ذاته. ومن الجدير بالذكر أن كل فستان من الفساتين المُطرزة كلياً بالخرز احتاج نحو 800 ساعة من العمل كما يقول "زهير مراد". وقد أنهى المصمم مجموعته التي لا تُنسى بفستان زفاف مُبهر مستوحى من الإله "رع" إله الشمس عند الفراعنة، وهو يُمثل العروس على هيئة ملكة متوجة بقطعة فنية رائعة للرأس.
مما لا شك فيه هو أن هذه المجموعة هي بالفعل إحدى أقوى المجموعات التي قدمها "مراد" على الإطلاق والتي ستظل عالقة في أذهان عشاق ومتابعي الموضة العالمية لوقتٍ طويل.