06 يناير 2025

الممثل جوني ديب.. أسرار ومواقف صعبة في محطات النجومية المتميّزة

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

مع بطلي فيلمه الجديد
مع بطلي فيلمه الجديد

بعد أن وعد نفسه، والعالم، بعدم تكرار تجربة الإخراج التي حققها تحت عنوان «الشجاع» قبل خمس عشرة سنة، يعود جوني ديب لكرسي الإخراج في Modi: three days on the wing of madness ، لكن طريق هذا الممثل لم يكن سهلاً في اختياراته مطلقاً.

مجلة كل الأسرة

لم تؤثر المشاكل الزوجية التي خاضه غمارها الممثل جوني ديب في المحكمة، فيه. جابهها بقوّة، واستعاد مكانته على الشاشة سريعاً، على  الرغم من أن بعض من في هوليوود توقع العكس.

ما حدث له هو واحد من تحدّيات كثيرة تعود به إلى أيام ما كان فتى في الخامسة عشرة من العمر، عندما ترك المدرسة  على الرغم من معارضة والدته، وخشيتها من أن يؤثر ذلك في مستقبله.

 كانت والدته طُلقت من أبيه قبل خمس سنوات من ذلك الحين، وتزوّجت من سواه، الذي وجد في جوني ميلاً للموسيقى، فساعده على تحقيق حلمه بالتحوّل إلى الكتابة الموسيقية، والعزف. ألّف جوني فرقة موسيقية باسم The Kids، لكنها لم تبلغ أي شأن يُذكر، وبعد أن تلاشت من دون أن تحتل أيّ مكانة في عالم الغناء، قابل الممثل نيكولاس كايج الذي استمع إليه، ونصحه بالتوجه إلى التمثيل.

من فيلم Nightmare on Elm Street
من فيلم Nightmare on Elm Street

أدوار صغيرة لا أحد يتذكرها

التحدي الثاني كان: كيف يستطيع أن يطرق باباً يطرقه مئات البشر كل يوم، في كل مكان؟

النصيحة كانت في محلها. تقدّم لامتحان أداء عندما كان المخرج وس غرافن يختار ممثلي فيلمه Nightmare on Elm Street سنة 1984. كان فيلم رعب ناجحاً، لكن نجاحه لم يمنح ديب أيّ ميزة. داوم على الظهور في الأدوار الصغيرة لفترة غير قصيرة، ولو أن بعض الأفلام التي قام بالتمثيل فيها كانت أساسية. لجانب الفيلم الأول له (الذي مهّد الطريق لسلسلة ناجحة طويلة الأمد)، رأيناه في فيلم أوليفر ستون Platoon في 1986 ومع نخبة من الوجوه اللامعة في تلك الفترة (وما بعدها)، مثل فورست ويتيكر، وتشارلي شين، وويلَم دافو، وتوم برنجر.

مجلة كل الأسرة

يدان من مقصّات

بعد أربع سنوات، وجد نفسه أمام أكبر تحدّياته. كان لا يزال جديداً في المهنة، وشاباً في العمر، لكن ذلك لم يمنعه من أن يقرر أنه لا يريد تمثيل أيّ دور، بل الدور الذي يختاره لنفسه.

من حسن حظّه أن المخرج تيم بيرتون كان يبحث سنة 1990 عن ممثل مختلف عن السائد، ولا يخاف الأدوار الصعبة. لم يكن يريد ممثلاً بوسامة توم كروز، ولا آخر بموهبة آل باتشينو، بل ممثلاً جديداً لا يخاف التجريب والتمثيل بيدين من المقصّات، حسب موضوع فيلمه Edward Scissorhands.

جوني ديب كان الاختيار الصائب لبيرتون، وبيرتون كان الاختيار لجوني ديب في مرحلته الجديدة. معاً عملا على ستّة أفلام أخرى، هي: Ed Wood («إد وود، 1994)، وSleepy Hollow («جوف نائم»، 1999) ثم Charlie and the Chocolate Factory («تشارلي ومصنع الشوكولا»، 2005) وفيلم الرسوم Corpse Bride («عروس  جثة»، 2005)، وSweeny Todd («سويني تود»، 2007)، وDark Shadows («ظلال داكنة»، 2012).

لم تكن أفلامه المميّزة وموضوعاتها حكراً على مخرج واحد. اندفع جوني ديب للتمثيل في مجموعة مهمّة من الأفلام المنتقاة بعناية، مثل Arizona Dream («حلم أريزونا»، 1993)، لأمير كوستاريتزا وDead Man («رجل ميّت»، 1995) لجيم يارموش، وThe Ninth Gate («البوابة التاسعة، 1999) لرومان بولانسكي.

مجلة كل الأسرة

سلسلة قراصنة الكاريبي

لكن هذا الرهان على انتقاء الأدوار لم يُبن على أساس تجاهل الأفلام التجارية الكبيرة. ما بين 2003 و2017 أقبل على بطولة سلسلة أكدت نجوميّته، بما لا يدع مجالاً للشك. السلسلة هي تلك التي حملت عنوان Pirates of the Caribbean («قراصنة الكاريبي»)، وحوت خمسة أفلام معظمها حقق نجاحات مالية كبيرة.

لا يمكن أن ننسى أنه قام بتحويل البوصلة لأول مرّة عندما قرر إخراج The Brave («الشجاع»، 2017)، لاعباً شخصية رجل من مواطني أمريكا الأصليين، خرج معدماً من السجن، والخيار الوحيد أمامه هو التمثيل في فيلم يقوم فيه بقتل ضحيته فعلياً. تم عرض ذلك الفيلم في «كان»، ولم يلق إقبالاً نقدياً، ولا تجارياً، فيما بعد.

عندما سألته سنة 2000 عن هذا الفيلم، وعمّا إذا كان الإخراج هو الإضافة الجديدة التي خطّها لنفسه أجاب: «هذا الفيلم لم يكن نتيجة خطّة بل رغبة في التجريب، وأقول لك إنها لن تتكرر».

ملصق فيلمه الجديد
ملصق فيلمه الجديد

«مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»

لكنها تكررت هذا العام عبر «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، الذي قام بإخراجه، وهو الفيلم الذي شاركت السعودية في تمويله وإنتاجه، لجانب إسبانيا، وإيطاليا، وألمانيا. دراما عن ثلاثة أيام  من حياة الرسّام الإيطالي أميديو مودلياني، قضاها تائهاً وسط أحلامه، وسعيه لإيجاد موطئ قدم بين الفنانين البوهيميين أمثاله في باريس، خلال الحرب العالمية الأولى.