استعراض مدهش. هذا أقلّ ما توصف به مراسم تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية. استعراض تابعه الملايين عبر الشاشة، وكان أكثر تشويقاً من الأفلام، والمسلسلات، وقنوات الأغاني والتسلية. لقد اجتمعت فيه كل المغريات: القوة، والثروة، والجمال، والأناقة، والسياسة، والدين، وحتى الجنس كان حاضراً. فقد أعلن ترامب في خطابه، أنه يعترف بجنسين لا ثالث لهما: الذكورة والأنوثة. وبهذا فإنه وجّه ضربة موجعة للمطالبين باعتراف قانوني بالمتحوّلين. كما لم تكن بعيدة عن الأذهان محاكمة الرئيس المنتخب بتهمة رشوة امرأة لكي تسحب شكواها، ضده بعد علاقة عابرة بينهما.
أناقة السيدة الأولى.. مقصودة أم رسالة مبطّنة؟
تركزت أنظار النساء على بدلات السيدات اللواتي جلسن في مقصورة الشرف، وكلهنّ من ذوات المناصب الرفيعة، ومن زوجات الرؤساء السابقين، وأصحاب الشركات التي يملك أصحابها المليارات. وكان أكثر ما أثار التساؤلات الزيّ الذي ظهرت به ميلانيا، السيدة الأولى، ذات الأصل السلوفاكي التي كانت عارضة للأزياء قبل ارتباطها برجل الأعمال الأمريكي ذي الطموحات السياسية. إنها نموذج في الأناقة الرفيعة، وحسن اختيار الثياب. وفوق هذا، فإن لها قامة طويلة، ومقاييس تتيح لها الظهور بأحسن صورة. وغنيّ عن القول إنها تملك الإمكانات التي تجعلها تختار ثيابها من أشهر العلامات، ومن توقيع كبار المصممين.
ماذا حدث للسيدة الأولى لكي تختار بدلة رسمية قاتمة اللون، شديدة المحافظة، كأنها تمثال خرج للتوّ من متحف الجاسوسية؟ ومما زاد الطين بلّة، تلك القبعة الكبيرة ذات الحافات العريضة التي هبطت حتى غطّت عينيها. هل تعمّدت التنكّر، وإخفاء ملامحها، وانفعالاتها، أم أرادت أن تبعث برسالة ذات مغزى؟ أم أرادت، مثلاً، أن توحي للحاضرين أنها غير معنية بهذا «السيرك» السياسي والإعلامي، وأنها جاءت مرغمة، لا بطلة، ومن باب تأدية الواجب فحسب؟ وكانت هناك تغريدة على موقع «X» جاء فيها: «كم هو أسلوب ذكي وأنيق من ميلانيا لكي تفصل نفسها عما يدور حولها».!
من صمّم ملابس ميلانيا ترامب؟
منذ نزولها من السيارة الفخمة، ودخولها مبنى الكابيتول، في العشرين من الشهر الجاري، وحتى اليوم، لم تتوقف التساؤلات في الصحافة العالمية. وكان رواد مواقع التواصل أول من طرح السؤال مباشرة، أثناء متابعة المراسم من التلفزيون. وسارعت محررات الموضة للنبش في أرقام هواتفهن، والعودة بالخبر اليقين. وهكذا عرفنا أن ميلانيا ارتدت زيّاً من توقيع المصمم الأمريكي، آدم ليبس، مؤلّفاً من معطف أزرق كحلي من الصوف الناعم، وتحته قميص حريري من الكريب بلون العاج. وقد تمت خياطة الزي كله في نيويورك. ثم كانت هناك القبّعة ذات اللون الكحلي أيضاً من متجر إريك جافيتس، صانع القبّعات الراقية.
اشتهر جافيتس بتصميم قبّعات للشمس ذات حافات عريضة، يمكن طيّها عند الحاجة، ووضعها في حقيبة الشاطئ. وهي مزودة أحياناً بحواشٍ تحمي العينين من الأشعة الضارة. ويقول العارفون بالأمور إن المصمم نفذ مهمة في منتهى السريّة، منذ أن تلقى اتصالاً من هيرفيه بيير، المسؤول عن مظهر ميلانيا. وقد تداول الرجلان للتوصل إلى تصميم أخّاذ، ونوع من القبّعات الذي يروق لها. وطبعاً ،كانت هناك عدة اقتراحات عرضت على صاحبة الشأن لتجربتها، وتعدّدت جلسات التجربة والقياس، حتى تم الاستقرار على النموذج الأمثل الذي أبدت ميلانيا رضاها عنه، لاسيما وأنها هجست بالمفاجأة التي ستحدث عند ظهورها به. وقد تم تعديل الحافات بشكل طفيف أثناء البروفة الأخيرة.
أوشا بالا تشلوكوري.. «سيكند ليدي»
اشتعلت مواقع التواصل ما بين مؤيد لاختيار ميلانيا التي دعمت صناع الموضة الأمريكيين، ولم تستقدم بدلة من «شانيل»، أو «ديور» في باريس، وما بين معارِض وجد في مظهرها تعالياً على باقي الموجودين والموجودات في المنصة. أي، أن هناك من رآها جميلة وبالغة الأناقة، بينما اعتبرها آخرون متكبّرة. وكتب آخرون أن زوجة ترامب ظهرت مرتدية ثياب «الحداد» كأنها في جنازة، وليست في مناسبة سعيدة. وطبعاً، كانت هناك تعليقات وتغريدات يتمنّى أصحابها لو تتاح لهم فرصة رؤية ما يخفيه المعطف الصارم. هذا من جانب، ومن جانب آخر ظهرت آلاف التعليقات التي تمتدح، وتبدي الإعجاب بالمرأة السمراء الجميلة والأنيقة، ذات البدلة الوردية والابتسامة الساحرة، زوجة نائب الرئيس جي دي فانس. وسرعان ما ظهرت المعلومات التفصيلية عنها، وعرف الجمهور العريض أن اسمها أوشا بالا تشلوكوري، وهي محامية هندية الأصل من مواليد سان دييجو، في كاليفورنيا، وسيكون لقبها «سيكند ليدي»، أي السيدة الثانية في البلاد.
قبّعة ميلانيا تسبب إحراجاً لترامب
ما كان للجدل أن يستمر لولا تلك الحركة التي قام بها ترامب على المنصة، حين تقدم لتحية ميلانيا. إن التقاليد تقضي بأن يتبادلا قبلة سريعة على الخد. لكن حافة القبّعة حالت بين شفتي الرئيس الأمريكي السابع والأربعين وبين بلوغ خدّ السيدة الأولى. هل أرادت إبعاده عنها عمداً، كنوع من الاقتصاص النسائي العلني من مغامراته، وخياناته؟ هذا ما يسمى بكيد النساء. أم أنها توارت وراء القبعة لأنها ذات طبع يتحاشى «الطنّة والرنّة»، وقد أعلنت أكثر من مرة أنها لم تكن سعيدة بترشح زوجها للرئاسة، لا في المرة الأولى، ولا في الولاية الثانية. بل إنها مضت أبعد من ذلك، حين سرّبت أخباراً تفيد بأنها لن تقيم في البيت الأبيض إلا كزائرة عابرة، وستقضي معظم وقتها في منزلها الفخم، في فلوريدا.
مهما يكن من أمر، فقد عرفت ميلانيا كيف تسرق الأضواء، وتستحوذ على الانتباه، من دون أن تكشف عن ذراعين، أو صدر، أو نصف ساق. حضرت مغطاة من قمّة رأسها حتى أخمص معطفها، لكنها صارت حديث المجالس في العالم كله. لكنها في الحفل الساهر الذي أعقب التنصيب، عوّضت المتابعين بفستان للسهرة يكشف كتفيها، باللون الأسود، مع خطوط بيضاء عريضة.
اقرأ أيضاً: الوجه الخفي لسيدة أمريكا الأولى