30 يناير 2025

رزان العجمي.. من تسلّق الصخور في البر إلى احتراف القفز الحر في السماء

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

اقتحمت رزان العجمي حاجز الجاذبية، لتسبح في سماء المملكة العربية السعودية، وتكتب اسمها بأحرف من نور في سجلات الإنجاز السعودي، وتُصبح أول سعودية تحصل على رخصة القفز المظلي الحر من المنظمة العالمية (USPA)، عبر خمسمائة قفزة في عامين، رقم يعكس شغفاً لا يلين، وإصراراً لا يكل.

مجلة كل الأسرة


لقب الأولى في مجال رياضة القفز الحر في وطنك، ماذا يمثل لك؟

الأولى في السعودية، لقب يدعو إلى الفخر، ولكن شعور المسؤولية ينتابني بشكل أكبر، خصوصاً أنني أعمل على تمكين هذه الرياضة بين النساء في المملكة العربية السعودية، وكسر الصورة النمطية بأن النساء لديهنّ هوايات محدّدة، ولا يمكنهنّ اقتحام رياضة ظلت حكراً على الرجال، لسنوات طويلة. وأحرص بدوري على تشجيعهنّ على خوض التجربة، وأدفعهنّ إلى اتّباع شغفهنّ، وأعطيهنّ أمثلة من مواقف تعرّضت لها في بداياتي، وكيف واجهت تحدّيات صعبة، فدائماً ما أقول إني واجهت الفشل أكثر من النجاح، ولكنني لم أتراجع، على الرغم من أيّ شيء.

لماذا اخترت هذا النوع من الرياضة الخطرة؟

في طفولتي كان والدي يفضل اصطحابنا للّعب في «البر»، حيث المناطق الجبلية والصحراوية، بدلاً من الملاهي ومراكز التسوّق، فكبرت في الطبيعة، وتعلّمت تسلّق الصخور والجبال، فأصبح الأمر جزءاً من شخصيتي، وهوايتي. وقد بدأت رحلتي في عالم القفز الحر كتجربة جديدة أردتُ خوضها، لكنني سرعان ما وقعت في حب هذه الرياضة، فأنا أذكر القفزة الأولى من الطائرة منذ خمس سنوات، وكانت تجربة لا تُنسى، شعرت خلالها بحرية، ومتعة لا توصف، فأنا في السماء بمفردي. بعدها تحولت من فتاة تحلم بالتحليق إلى ملهمة للعديد من النساء، فالقفز المظلي لم يكن مجرد مغامرة، بل قصة إصرار وعزيمة، قصة فتحت آفاقاً جديدة للمرأة العربية، وليست السعودية فقط.

مجلة كل الأسرة

ما الذي دفعكِ لمواصلة هذا الطريق حتى أصبحت مدرّبة معتمدة؟

بعد القفزة الأولى، اكتشفت عالم الطيران بالنفق الهوائي الداخلي، وكان ذلك نقطة تحوّل كبيرة، هذا النفق سمح لي بتطوير مهاراتي بسرعة أكبر، وتعلّم الكثير من الحركات المعقّدة. وبعد فترة من التدريب المكثف، تمكنت من الحصول على رخصة لاعب قفز مظلي حر، ثم شهادة مدرب.

ما هي التحدّيات التي واجهتكِ كأول امرأة سعودية تمارس هذه الرياضة؟

بالتأكيد واجهت بعض التحدّيات، بخاصة في البداية. كان هناك بعض التساؤلات حول مدى ملاءمة هذه الرياضة للمرأة، والخوف من مخاطر هذه الرياضة، والمتاعب التي تدفعني إلى التوقف من حين لآخر، لكنني كنت مصممة على إثبات أن أيّ شيء ممكن، إضافة إلى ذلك، كان هناك تحدٍ في إيجاد مدرّبين مؤهلين في المنطقة، لذلك اضطررت إلى السفر إلى الخارج للتدريب.

ما هو روتين يومك للحفاظ على لياقتك وصحتك؟

القفز المظلي الحر ليس مجرّد رياضة، بل أسلوب حياة. وللحفاظ على لياقتنا البدنية والذهنية، يجب أن نهتم بكل جوانب حياتنا، بما في ذلك الغذاء. تغذية الجسم بشكل صحيح تعزز جهاز المناعة، وتحسّن صحة العظام والمفاصل، وتقلل من خطر الإصابة. إضافة إلى ذلك، فإن الغذاء الصحي يساعد على تنظيم الوزن، والحفاظ على جسم رشيق، ما يجعلنا أكثر استعداداً لمواجهة تحدّيات هذه الرياضة المملوءة بالإثارة.

شاركت أخيراً في «قمة فوربس الشرق الأوسط للسيدات»، ما رسالتك التي قدمتها للنساء هناك؟

أقول دائماً للنساء والشابات، افعلن أكثر مما تستطعن، وأكثر من توقعاتكنّ بأنفسكنّ، لا تستسلمن لأحلامكنّ مهما بدت مستحيلة، إذا كان لديكنّ شغف بشيء ما، فاسعين لتحقيقه بكل قوة، وإصرار. شاركت تجربتي أمام العديد من النساء كي يتشجعن هنّ أيضاً على التفاخر بقصصهن وتجاربهن التي قد تلهم أخريات، ولو بطريقة غير مباشرة.

وما نصيحتك للراغبين في ممارسة رياضة القفز المظلي؟

أقول لهم لا تتردّدوا، واحترموا الرياضة، واعرفوا قوانين اللعبة، والتزموا بها، وتحلّوا بأخلاق الرياضة.

ما هي خططك المستقبلية في عالم القفز الحر؟

لديّ العديد من الخطط المستقبلية، أطمح إلى المشاركة في مسابقات عالمية، وأن أستمر في دعم النساء في مجال رياضة القفز الحر.

تعلّمت كيفية اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة في ظل ضغط شديد، وكيفية التحكم في مخاوفي

ما الصفات والمهارات التي اكتسبتها من رياضة القفز المظلي الحر؟

لم أكن أتوقع أن تغيّر رياضة القفز المظلي حياتي بهذا الشكل. قبل أن أبدأ هذه المغامرة، كنت شخصية خجولة، أجد صعوبة في التحدث أمام الجمهور. ولكن مع كل قفزة، كنت أتحدّى نفسي، وأخرج من منطقة راحتي. تعلّمت كيفية اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة في ظل ضغط شديد، وكيفية التحكم في مخاوفي. اليوم، أشعر بثقة أكبر بنفسي، وقدرتي على مواجهة التحدّيات، وأصبحت أكثر انفتاحاً على تجارب جديدة، وتكوين علاقات اجتماعية.

إذا قررت كتابة قصة تتناول رحلتك، ماذا سيكون عنوانها؟

الشغف، فالشغف هو البوصلة التي توجهنا في حياتنا، هو الذي يحدّد قيمنا وأهدافنا، عندما نكون شغوفين بشيء ما، فإننا نسعى جاهدين لتحقيقه، ونستثمر كل طاقتنا وعواطفنا فيه، القفز المظلي هو شغفي، وهو ما جعلني أضع لنفسي أهدافاً طموحة، وأسعى لتحقيقها. هذا العنوان يعكس قيمة الشغف في حياتي، ومدى تأثيره في مسيرتي.

ما شعورك اليوم بتقدير الدولة لإنجازاتك الرياضية في هذه المرحلة الملهمة من مسيرة المملكة؟

شعر بأني محظوظة بأن أعيش في هذه الحقبة التاريخية التي تشهد فيها المملكة العربية السعودية نهضة وتطوراً غير مسبوقين، إن الدعم الذي تقدمه القيادة الرشيدة للمرأة السعودية، والفرص التي تتاح لنا، هي نعمة لا تُقدر بثمن. أرى أنني مجرد جزء صغير من هذه الحركة التطويرية، وأن دوري هو أن أكون مساهِمة في تطوير الشابات السعوديات في عالم الرياضة، خلال هذه الفترة التي تشهد نهضة غير مسبوقة، وأن ألعب دوراً محورياً في هذه النهضة، فأنا فخورة بنفسي كجزء من هذا التغيير، وأسعى جاهدة لتمثيل المرأة السعودية بشكل إيجابي. أتمنى أن تكون قصتي مصدر إلهام لكل شابة سعودية، وأن تدفعها إلى تحقيق أحلامها، والتطلع إلى المستقبل بثقة وتفاؤل.