13 فبراير 2025

ماذا خسرت ميجان ماركل بابتعادها عن العائلة المالكة؟

كاتبة صحافية

مجلة كل الأسرة

ليست ميجان ماركل، زوجة الأمير البريطاني هاري، من النوع الذي يستسلم بسهولة، لاسيما بعد نجاحها في بلوغ منصة «نتفليكس». إنها تستخدم كل الوسائل المتاحة لتلميع صورتها التي بهتت خلال السنتين الماضيتين، ولكي تعود بقوة إلى الأضواء. فقد كان من المفترض أن تعرض حلقة برنامجها «لايفستايل»على «نتفليكس» بعنوان «مع الحب… ميجان» في  الخامس عشر من شهر يناير، هذا ما شاهدناه في الإعلانات المسبقة عن الحلقة، ولكنها تأجلت بسبب حرائق كاليفورنيا.

مجلة كل الأسرة

يقول المثل الشعبي: «بعيد عن العين ... بعيد عن القلب»، ويكاد ينطبق على ميجان، الممثلة التي اقترنت بالنجل الأصغر لملك بريطانيا. لقد مضى وقت التمرّد وحانت «جردة الحساب»، بعد مرور خمس سنوات على قرار الثنائي الأميري ترك بريطانيا، والانتقال إلى الإقامة في الولايات المتحدة، للتحرر من قيود العائلة المالكة، وبروتوكولاتها. لم تجد الكنّة الأمريكية المكان الذي كانت تتوق إليه في صدر البلاط.

الكل يعرف، من دون الكثير من الفطنة، أن قرار الابتعاد جاء من ميجان، وأنها هي التي حرّضت هاري عليه. إنه شاب مضطرب الشخصية، عانى صدمة قاسية، منقاد بأمر الحب لزوجة قوية الشخصية. ويبحث عن دور منفصل عن ذلك الدور المرسوم له شرعياً، باعتباره (البديل) لشقيقه الأكبر، الأمير وليام، الذي يشغل منصب ولي العهد، في حال حدثت أمور مفاجئة، أو طارئة. لا أحد يتنبأ بما قد يأتي به القدر.

مجلة كل الأسرة

حلم الشهرة وبريق الثروة

ميجان، الممثلة السابقة التي تخطت الأعراف الملكية وارتبطت بالأمير الشاب الأعزب، على الرغم من أنها كانت متزوجة ومطلقة، تصوّرت أن هذه الزيجة ستمنحها منصة رفيعة تستطيع من خلالها تحقيق أحلامها في الثروة، والشهرة، والبريق. كانت تتصور أنها ستأخذ الحيّز الفارغ الذي تركته أميرة القلوب ديانا، إثر مصرعها المأساوي في حادث سيارة. ومن يعرف الممثلة الخلاسية يدرك أن طموحاتها لم تكن تعرف حدوداً. هذا ما تؤكده الكاتبة المتخصصة في شؤون العائلة المالكة، آنا باسترناك. 

ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، مهما بلغ من الطموح، والذكاء، والمواهب، وحسن المظهر. لم تتصور ميجان أن تقاليد آل وندسور تشبه الأسوار الحديدية والقضبان التي تحبس أفراد الأسرة، وتلزمهم باحترامها، والخضوع لها. ثم إن العروس الأمريكية الحسناء ذات السّمرة الجذابة، ليست وحدها في الساحة، فهناك كيت ميدلتون، زوجة ولي العهد الأمير وليام، التي تحظى بشعبية واسعة، وتجيد الانضباط وفق القواعد الصارمة لدورها البروتوكولي. 

قامت بين الكنّتين حساسية خفية حيناً، ومعلنة أحياناً، والصحافة الشعبية في لندن تنقب تحت الأرض، وتبحث عن أدنى حبّة لتجعل منها قبّة. وقد كانت شخصية ميجان محفزة للانتقادات مهما كانت هفواتها صغيرة. لقد أخذوا عليها، مثلاً، أنها أغلقت باب السيارة بنفسها، ولم تنتظر أن يغلقه مرافقها المكلف براحتها. هفوة تافهة لا تتوقف عندها أعراف العائلات المالكة في بلجيكا، أو هولندا، أو الدنمارك، لكنها تسيل الكثير من الحبر في بريطانيا.

انتهت أعياد الميلاد ورأس السنة، وعادت العاصمة البريطانية إلى حياتها الطبيعية. لكن زائر لندن في هذه الأيام لا يملك سوى أن يلاحظ ذلك الغياب الإعلامي للأمير هاري، وزوجته. لقد مضت خمس سنوات على ابتعادهما عن العائلة، وحرمان الأمير من كثير من امتيازاته، لكنه مهما حاول التعويض من خلال أعمال تجارية وإعلامية، ونشر كتاب يروي فيه ما يعتبر أسراراً، وفضائح تجري في قصر «بيكنجهام»، كل ذلك لم يوفر له الأموال المنتظرة، ولا سمح لزوجته بأن تعتلي عرش القلوب.

مجلة كل الأسرة

حسابات غير متوقعة

قبل «هجرة» الثنائي، كانت شعبية ميجان طاغية، وبحسب استطلاعات الرأي، فإنها كانت تستحوذ على نسبة 70 في المئة من قلوب البريطانيين. لكنها اليوم هبطت بشكل كبير، خصوصاً بعدما انكشف للرأي العام من تباعد الأميرين الشقيقين اللذين كانا يداً بيد، وكتفاً لكتف، بعد رحيل والدتهما. واجها الصدمة، وتشاركا الحزن والدموع وهما ما بين الطفولة والمراهقة. وإذا كان مواطنو ميجان في الولايات المتحدة قد استقبلوها مثل نجمة من نجمات «الروك»، فإن ذلك الاستقبال تراجع، خصوصاً بعد التعرف إلى نفقات الحماية الباهظة التي يحتاج إليها الأمير البريطاني الأشقر، وزوجته السمراء. لماذا يكون على دافع الضرائب الأمريكي أن يتكفل بنفقات حراسة ضيفين يملكان الملايين؟ 

تكتب الصحفية تينا براون، مؤلفة كتاب «أوراق القصر»: إن ميجان لم تحب بريطانيا، ولم يخطر ببالها أن تنحني يوماً لوطأة التقاليد الملكية. وهي لم تتوقع أن زواجها من هاري سيحرمها حريتها، ذلك الحق المقدس لدى كل أمريكي. لقد حلمت، مع زوجها، بالقيام بانتفاضة لتحديث العائلة المالكة، وتحويلها إلى نمط يتماشى مع العصر، وبالتالي، تحقيق ما يسعيان إليه من أهداف، من دون التفريط في امتيازات الرتبة الأميرية.

فات هاري وميجان أن الملكة إليزابيث، تلك الجدة التي كانت في الثالثة والتسعين من العمر، قادرة على قطع الحبل السري مع حفيدها المفضل، طالما أن تصرفاته تهدّد سمعة العرش البريطاني، وصورة العائلة المالكة في نظر الشعب. وهكذا وجد دوق ودوقة ساسيكس، نفسيهما محرومين من اللقب الملكي، ومن المخصصات المالية التابعة له. من لا يؤدي الواجبات البروتوكولية لا مكان له في الامتيازات، والأموال. فالأمير موظف في القصر، مثل غيره من العاملين، ومن لا يعمل لا يقبض مرتّباً. مع هذا، حرصت الملكة قبل رحيلها على التأكيد أن حفيدها خسر امتيازاته، لكنه لم يخسر حب العائلة، له ولزوجته.

مجلة كل الأسرة

يفعلان المستحيل لكسب المال

حتى ذلك الحب تعرّض بعد شهرين لهزة كبرى، حين وافق هاري وميجان على الظهور في مقابلة مع أوبرا وينفري، قالا فيها الكثير مما يمكن أن يزعج الملكة العجوز، ويقلق عظامها. وأمام أنظار 60 مليون متفرج أمام شاشات التلفزيون، اتهمت ميجان العائلة المالكة بالعنصرية، ولو بشكل غير مباشر، حين زعمت أن هناك من أبدى قلقه من لون البشرة الذي سيولد عليه طفلها.

مجلة كل الأسرة

بعد وفاة الملكة، جاء كتاب المذكرات الذي نشره هاري، ليزيد الطين بلّة. 416 صفحة عادت عليه بمبلغ وصل إلى 26 مليون دولار. ورغم الضجة العالمية التي أثارها الكتاب فإن البريطانيين وجدوا فيه نصاً يهدف بالدرجة الأولى إلى كسب المال، على حساب نشر الغسيل القذر للعائلة. وطبعاً، لم يقع اللوم كله على هاري، بل اعتقدت أغلبية القراء أن لزوجته يداً في ما كتبه. إنها العقل الذي يدير الأمير المتمرّد. وفي الحقيقة أن الثنائي بات يفعل المستحيل لجمع المال، مستغلاً انتماءه لعائلة مالكة تمرّد عليها. وبحسب صحيفة «فوربس» فإن ما كسبه الاثنان خلال السنوات الأخيرة الماضية يزيد على 135 مليون دولار. وهي ثروة سمحت لهما بشراء منزل فخم في كاليفورنيا يضم 15 غرفة، ومثلها من الحمامات. ماذا ينفع المال حين يخسر المرء نفسه، وعائلته؟

مجلة كل الأسرة

مع حلول عام 2023 بدأت علائم التصدّع تظهر في شعبية الزوجين اللذين أحرقا كل الجسور مع العائلة في بريطانيا. لقد أرادا أن يكسبا التعاطف باعتبارهما من داعمي الأعمال الإنسانية، والمؤسسات الخيرية، على غرار الأميرة ديانا، المثال الأعلى لهاري، أو الزوجين ميشيل وباراك أوباما، المثال الأعلى لميجان. وحتى في الولايات المتحدة، بدأت الصحافة تتساءل عن معنى إصرار الزوجين على حماية حياتهما الخاصة، وملاحقة كل من يدسّ أنفه في شؤونهما، بينما يسمحان لنفسيهما باستعراض أسرار العلاقات داخل قصر «باكنجهام»، ونشر ما يعتبر أسراراً عائلية لا يجوز بيعها، والتكسب منها؟ لقد توقعت مجلة «رولينج ستون» للزوجين مرحلة من الخواء، بعد أن باعا كل الأسرار والمحادثات. ولم يخب توقع المجلة لأن «البودكاست» الذي سجلته ميجان لمنصة «سبوتيفاي» لم يحقق الأثر الذي كانت تطمح إليه. بل إن المنصة أوقفت التعاقد معها بشكل مفاجئ، ومهين. والأمر ذاته يقال عن المشاريع التي تقدما بها إلى «نتفليكس»، حيث لم تلق اهتماماً، ولا تجاوباً.

وحتى على الصعيد الشخصي، لم تكن الأمور بأفضل من الصعيدين، العملي والمالي. فقد أخذ هاري أول طائرة إلى لندن حال علمه بأن والده، الملك تشارلز الثالث يعاني المرض الخبيث. لكن الملك خصص لابنه لقاء استغرق أقل من نصف ساعة، ليس على انفراد وإنما بحضور الملكة كاميلا. ففي نظر القصر صار هاري يحمل صفة «الخائن» الذي يتصرف خلافاً لمصلحة العرش. وهو لا يزال يجري وراء الحكومة التي ترفض أن تمنحه احتياطات الحماية التي يتمتع بها كل فرد عامل من أفراد العائلة المالكة. أما علاقته بشقيقه وليام، الملك المقبل، فلا شيء ينبئ باحتمال تحسّنها، وصفاء الأجواء تمهيداً لعودة الابن الضال. ولا يزال هاري يلاحق قانونياً عدداً من الصحف الشعبية التي كانت العائلة المالكة تحرص على الحفاظ على «شعرة معاوية» معها. وتقول الصحفية المستقلة، فانيسا جريجوريادس، إن هاري مؤمن بأن مصرع والدته كان بسبب ملاحقة مصوري الصحافة لها، ويريد الانتقام. وهذا هو الأمر الوحيد الذي يختلف فيه مع ميجان التي تسعى لكسب الصحافة إلى جانبها.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

بجوار كل هذه الإخفاقات، ما زالت شائعات الطلاق تلاحق الثنائي، حتى لو لم تكن صحيحة. ميجان تحرص على التأكيد أنها وزوجها مثل الملح والفلفل، يحضران دائماً معاً جنباً إلى جنب. إن الوضع الحالي يجعل من الأمير مستمراً في نشاطه الخيري، بينما تتردّد أخبار عن احتمال ظهور زوجته في مسلسل تلفزيوني، وتكملة برنامجها «لايف ستايل». وبخصوص هذا البرنامج الذي يدور حول الطعام، والأسفار، وطرائق العيش، لم يفت البريطانيين أنها تقدم حلوى شهيرة من مطبخهم، هي «كعكة فيكتوريا الإسفنجية». 

اقرأ أيضاً: هل خطفت ميجان ماركل الكاميرا من زوجها الأمير هاري؟