12 يناير 2025

هل من حق الزوجة معرفة تفاصيل أموال زوجها؟

محرر متعاون

مجلة كل الأسرة

نظّم الإسلام العلاقة المالية بين الزوجين تنظيماً دقيقاً، وجعل لكل منهما ذمته المالية المستقلة، وأمواله التي لا يجوز لأحد- حتى شريك حياته- أن يطّلع عليها، ويعرف تفاصيلها؛ عل الرغم من حرص هذا الدين العظيم على الشفافية الكاملة بين الزوجين.

هذا الأمر- للأسف- يجهله كثير من الأزواج والزوجات، فتشهد العلاقة بينهما نزاعات ومناقشات حادّة حول تفاصيل الأموال الخاصة بكل منهما. فماذا يقول الشرع في هذا الأمر؟

لا ولاية على أموال الزوجة

يقول د.علي جمعة ، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق «الإسلام نظّم العلاقة المادية بين الزوجين، بحيث يحتفظ كل منهما بخصوصية أمواله، فالشريعة الإسلامية جعلت لكل من الرجل والمرأة ذمة مالية مستقلة، فلا يجوز للزوج الاستحواذ على أموال زوجته، ولا ولاية له على تلك الأموال، ولا أخذ شيء منها، إلا برضاها، وأيضاً لا يجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها إلا بعلمه، ورضاه. كما لا يجوز لها أن تطّلع على تفاصيل أحواله المادية، إلا لو كشف هو بنفسه عن ذلك لها، وكثير من الرجال يفعلون ذلك».

ويضيف «من هنا، فإن راتب المرأة الذي تحصل عليه من عملها، أو من ميراثها، أو منحة من أهلها، هو ملك خاص لها لا يشاركها فيه أحد، ولا حق لأحد فيه، ولو كان زوجها، إلا إذا كان قد اشترط عليها ذلك في عقد الزواج، ولا يحق للزوج أن يأخذ منها شيئاً إلا برضاها، وموافقتها، ولو أخذ منها شيئاً جبراً يكون مخالفاً لقوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً». والأمر نفسه بالنسبة إلى الزوجة، لا يجوز لها أن تتلصّص على أموال زوجها، فليس لها من أمواله إلا النفقة الواجبة عليه شرعاً، من مأكل، ومشرب، ومسكن، وكسوة، وعلاج، على خلاف بين الفقهاء».

وينتهي مفتي الديار المصرية الأسبق إلى تأكيد أن أموال كل من الزوجين حق خالص له، وليس للطرف الآخر حق الاستيلاء على تلك الأموال، ولا التلصّص لمعرفة تفاصيلها، ولا يجوز للزوج إرغام زوجته على المشاركة، ولو بجزء من هذه الأموال، في نفقات الأسرة، وإذا كان الزوج موسراً فلا يجوز له شرعاً أن يطالب زوجته، أو حتى يشعرها بأنه يحتاج إلى دخلها، أما إذا كان دخله محدوداً وهي زوجة ثرية، ويحتاج منها أن تساعده للوفاء باحتياجات الأبناء، فعليه أن يطلب منها ذلك في إطار من الودّ والمحبة، وليس بصيغة الأمر، فإن أعطته فهي زوجة مخلصة، عليه أن يعاملها بالحسنى، وإن رفضت فهذا أيضاً حقها ولا يجوز له أن يهينها عقاباً على ذلك.

ويشير د.جمعة إلى أن الأزواج الذين يرغبون في أن تظل المرأة خاوية الوفاض، لاقتناعهم بأن بعض النساء يغرِهنّ كثرة المال ويصبحن أكثر نفوذاً، مخطئون.

الإنفاق مقابل الخروج للعمل

بعض الأزواج يفرضون على زوجاتهم العاملات تحمّل نصف أو ربع مصروفات الأسرة، حسب الاتفاق، مقابل الخروج للعمل.. فهل هذا من حقهم شرعاً؟

يوضح د. علي جمعة «لو اتفقا على ذلك قبل الزواج أصبحت الزوجة ملزمة بذلك، فـ«المؤمنون عند شروطهم»، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.. لكن الأصل أن الإنقاق على الزوجة والأولاد مسؤولية الزوج شرعاً باتفاق أهل العلم».

كما أن بعض الأزواج والزوجات يخلطون أموالهم ويضعونها في البنوك باسم الزوج.. هل هذا صحيح؟ وهنا أيضاً يجيب د. علي جمعة «هذا مؤشر على عمق العلاقة بين الزوجين، لكننا لا ننصح بذلك، وينبغي أن يكون لكل منهما أمواله الخاصة به الموجودة في ذمته المالية، وهذا لا يمنع من التعاون بينهما في كل متطلبات الأسرة، والأولاد، لأن علاقة المودّة والوفاق بين الزوجين قد لا تدوم، وهذا شأن الحياة، متقلبة بين الوفاق والنزاع، وقد يحدث نزاع يؤدي إلى افتراق الزوجين، وهنا لا تستطيع الزوجة أن تحصل على أموالها التي اندمجت مع أموال الزوج، ولا تجد ما تواجه به متطلبات الحياة، وكثيراً ما نسأل عن هذا الأمر، ونقف على شكوى الزوجات».

اقرأ أيضاً: حروب الزوجين بسبب مصروف البيت.. خبراء يقدّمون الحل لتوقيع «اتفاقية محبّة»