ظهرت في مواقع التواصل الاجتماعي في عالمنا العربي قصص وصور بعض الرجال الذين خالفوا أعراف الزواج، وتعاليم الشرع، واقترنوا بأكثر من زوجة في حفل زواج واحد.. منهم من تزوّج بامرأتين، ومنهم من تزوّج بأربع، ودائماً تقابل قصص وأخبار هؤلاء بتعليقات ساخرة من جماهير المتابعين.. لكن يبقى السؤال المهم هنا: ما حكم الشرع في سلوك هؤلاء؟ وما المباح والمحظور شرعاً في التعامل مع الزوجات في فراش الزوجية؟
«ترند» مخالف للعرف
في البداية، سألنا العالم الأزهري د. نصر فريد واصل، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر ومفتي مصر الأسبق، عن حكم الشرع في الزواج بأكثر من زوجة، مرة واحدة، فقال: «الزواج بامرأة واحدة هو الأصل في شريعتنا الإسلامية، والتفكير في زوجة ثانية عندما تكون هناك ضرورة لذلك.. فكيف يدرك الرجل أنه في حاجة إلى أربع نساء قبل الزواج؟ هذه من بدع العصر، والهدف منها هو «الترند» أو مخالفة العرف. ولذلك نحثّ المسلمين على عدم الانصياع لهذه البدع. لكن لو حدث وتزوج الرجل بأكثر من زوجة في وقت واحد، فالزواج من الناحية الشرعية صحيح ومستوفٍ لأركانه، لو خلت الزوجات جميعهن من الموانع الشرعية.
ما هي الموانع الشرعية للزواج بامرأة بعينها؟
يجيب د.واصل: «موانع الزواج كثيرة، منها المؤبد ومنها المؤقت، كأن يكون بين الزوجين ما يمنع التزويج من محرمية، بسبب نسب، أو رضاع، أومصاهرة، ودليله الآية (23) من سورة النساء في بيان المحرّمات من النساء، ومنها أن تكون المرأة على ذمة رجل آخر، أي متزوجة، ومنها اختلاف الدين بين الزوجين، بأن يكون مسلماً وهي وثنية، أو لكونها مسلمة وهو غير مسلم، ويستثنى من الاختلاف في الدين جواز زواج المسلم بالكتابية، بشرط أن تكون عفيفة، أيضاً قد تكون المرأة في عدة من نكاح من زوج سابق».
حرام شرعاً
وهل يجوز للزوج جمع الزوجات في فراش واحد؟ يوضح د. علي عثمان شحاتة، رئيس قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر «هذا أمر تحرّمه الشريعة الإسلامية، ومن يفعل ذلك من الرجال آثم شرعاً، ومخالف لتعاليم دينه، ومن توافق على ذلك من الزوجات يلحقها الإثم نفسه، وتجلب لنفسها غضب الله، وعقابه».
ويضيف: «الإسلام يحترم خصوصية المرأة، ولا يجوز أن تكشف المرأة عورتها المغلظة أمام امرأة أخرى، حتى ولو كانت زوجة لزوجها، فستر العورة بين الزوجتين واجب. ولذلك لا يجوز أن يجامع الرجل زوجتيه، الواحدة أمام الأخرى، ولا يجوز للمرأة أن تنظر إلى عورة الأخرى. هكذا تعلّمنا من بيت النبوة، فرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لم يجمع بين زوجاته في فراش واحد، كل واحدة منهن كانت لها شخصيتها واعتبارها، في أمورها الشخصية».