26 يناير 2025

الفقيهة د. فتحية الحنفي: الزواج واجب في 3 شروط.. وفي حالة واحدة لا يجوز

محرر متعاون

مجلة كل الأسرة

الزواج في منظور الإسلام من سُنن الله في خلقه، فكل المخلوقات والكائنات الحية تتزاوج بحكم الفطرة.. وشرعاً، لا يجوز لمسلم أن ينصرف عن الزواج إلا لعذر شرعي، فكل البالغين، من الجنسين الذين تتوافر لهم مقوّمات الزواج مطلوب منهم شرعاً أن يتزوجوا، لحماية أنفسهم والمجتمعات التي يعيشون فيها، من المشكلات النفسية، والجسدية، والأخلاقية.. ولتحقيق مقاصد الزواج، وهي كثيرة، ومتنوّعة.

لكن.. ما موقف الشريعة الإسلامية من الشباب الذين يفضلون عدم الزواج.. بخاصة أن دراسة مصرية حديثة نوقشت، أخيراً، في جامعة القاهرة، أكدت أن 28% من الشباب يفضلون العيش بلا زوجة، وبلا أولاد.

في البداية، سألنا الفقيهة الأزهرية د. فتحية الحنفي، أستاذة الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: كيف ينظر الإسلام إلى رفض بعض الشباب الزواج اقتناعاً بأفكار تشجع على حياة العزوبية؟

قالت «انصراف، أو عزوف بعض شبابنا عن الزواج، مع توافر مقوّماته، أمر يخالف الطبيعة البشرية التي خلقنا الله عليها، فكل إنسان طبيعي بداخله غرائز، وشهوات، ينبغي أن تلبّى، ولا يجوز، في نظر ديننا الحنيف، أن تلبّى هذه الغرائز بعيداً عن الطريق الشرعي الذي أحلّه الله، وهو الزواج. كما أن من أهم مقاصد الزواج، إلى جانب الإعفاف وحفظ النفس، التكاثر، والتناسل، وتعمير الأرض، ولذلك كان الزواج في نظر الإسلام حاجة، إنسانية واجتماعية، وحاجة وطنية لا ينبغي أن ننصرف عنها، إلا لأسباب وأعذار مقبولة شرعاً».

هل حث الإسلام على الزواج يعني وجوبه على الإنسان؟

تجيب أستاذة الشريعة الإسلامية في الأزهر «الحث على شيء لا يعني وجوبه، والزواج في نظر الإسلام يراوح حكمه بين أربعة أحكام.. فقد يكون واجباً، وقد يكون حراماً، وفي بعض الحالات يكون سنّة، أو مكرهاً.

متى يصبح الزواج واجباً؟

 يكون الزواج واجباً بشروط ثلاثة:

الأول: أن يتيقن الشخص الوقوع في الزّنى إذا لم يتزوج.

الثاني: ألّا تكون له قدرة على الصيام الذي يحميه من الوقوع في الزّنى.. فرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يقول: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة – أي مؤنة الزواج- فليتزوّج، فإنه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»، أي عاصم من الوقوع في الرذيلة.

الثالث: أن يكون قادراً على المهر والإنفاق من كسب حلال.

هل هذه الأحكام تنطبق على الرجل والمرأة، أم تخص الرجل وحده، باعتباره صاحب القرار الأول في الزواج؟

هذه الأحكام تخص الرجل، كما تخص المرأة.. وقد قال الفقهاء إنه إذا خافت المرأة على نفسها من فاجر لا يصدّه عنها إلا الزواج، يجب عليها أن تتزوج. والرجل المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من عدم الزواج يجب عليه أن يتزوج.

ويكون الزواج حراماً على كل من لم يخشَ الزّنى، وكان عاجزاً عن الإنفاق على المرأة من كسب حلال، أو كان عاجزاً عن القيام بواجباته الزوجية، فإن علمت المرأة عجزه هذا ورضيت به، وأيضاً إذا علمت بعجزه عن النفقة ورضيت، فإنه يجوز بشرط أن تكون رشيدة.. أما إذا علمت أنه يكسب من حرام ورضيت، فإنه لا يجوز.

ويكون الزواج سنّة لمن له رغبة فيه، لكنه لا يخاف على نفسه الزّنى، سواء أكان رجلاً أم امرأة، وفي هذه الحالة يكون الزواج سنّة، لما فيه من تحصين نفسه، وتحصين زوجه، والحصول على الولد الذي تكثر به الأمة، ويكون عضواً عاملاً في بناء المجتمع.

ويكره الزواج إذا خاف الشخص عدم القيام بحقوق الزوجية، كالمرأة التي ليست لها رغبة في النكاح، وليست محتاجة إليه، وليست خائفة على نفسها من الفجر، فإن زواجها في هذا الحالة ـ كما قال الفقهاء ـ يكون مكروهاً.. وأيضاً الرجل الذي لا رغبة له في الزواج، وليست له قدرة على المهر والإنفاق، فإنه يكره له الزواج.

ويكون الزواج مستحباً لمن له رغبة في النكاح، وكان قادراً على نفقته، ولكنه يأمن على نفسه من اقتراف ما حرّم الله عليه.

يسّروا الزواج

وما حكم الشرع في من يضع العراقيل في طريق الزواج كمن يطلب مهراً كبيراً، أو يمنع ابنته من الزواج ممن ترغب فيه؟

 الإسلام ينظر إلى الزواج على أنه آية من آيات الله لتحقيق الاستقرار، النفسي والاجتماعي، ولذلك يحذّر من وضع العراقيل في طريقه، فهو الطريق الشرعي لتلبية نداء الغريزة، لكل من الرجل والمرأة، ولا توجد شريعة سماوية دعت إلى الزواج، وحثت عليه، ورغّبت فيه كما فعلت شريعة الإسلام. ومن هنا، فكلّ من يضع عراقيل في طريق الزواج آثم شرعاً، ويجلب لنفسه غضب الله، وعقابه، لأن وضع عراقيل في طريق الزواج يعني تشجيع الوقوع في الخطيئة، والانزلاق في وحل المعصية والرذيلة، وفي هذا إفساد للمجتمع.

اقرأ ايضاً: لماذا يخشى الشباب الزواج؟ وكيف يتغلّبون على عقدة الخوف من الارتباط؟