09 فبراير 2025

مطالبة المرأة بتعويض مادي لتطليقها.. ابتزاز يدينه الشرع

محرر متعاون

مجلة كل الأسرة

شرع الإسلام الطلاق ليكون حلاً أخيراً، عندما تصل العلاقة بين الزوجين إلى طريق مسدود، وتفشل كل وسائل التوفيق بينهما، وفي هذه المرحلة ينبغي أن يبادر الزوج إلى تطليق زوجته، بخاصة إذا ما كانت راغبة في ذلك، وعبّرت عن رغبتها له، من دون أن يبتزها ويجبرها على التنازل عن حقوقها المادية، أو مقابل تعويض مادي له، كما يفعل بعض الأزواج.

نعم، للأسف بعض الأزواج يلجؤون إلى ابتزاز زوجاتهم، ومطالبتهن بعوض مادي عند الطلاق.. فماذا يقول الشرع هنا؟

كانت زوجة مصرية قد ظهرت في برنامج فضائي، وناشدت الأزهر بالتدخل إقناع زوجها بتطليقها، حيث يرفض تلبية طلبها على مدى عامين كاملين، إلا بعد تعويضه مادياً، ويعيش كل منهما بعيداً عن الآخر.

ابتزاز وقهر للزوجة

يقول د. فتحي عثمان، عضو هيئة كبار العلماء وأحد أبرز علماء الفتوى بالأزهر «الإسلام أحاط العلاقة الزوجية بسياج أخلاقي، حتى لو حدث خلاف، وتنافر، وشقاق بين الزوجين، وأن تستمر بالمعروف، وفي إطار المودة والرحمة، حيث رسم الخالق سبحانه لهذه العلاقة صورة أخلاقية مثالية في قوله سبحانه «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة»، فالمعاشرة بالمعروف، أو الفراق بالمعروف، حيث يقول الحق سبحانه: «فإِمساكٌ بمعروف أَو تسريح بإِحسان».

ولا شك في أن من مظاهر الإساءة للزوجة وقهرها التي يدينها الشرع، إجبارها على تقديم أموال، أو التنازل عن حقوق لكي تحصل على الطلاق. وعلى كل امرأة تتعرض لهذا الابتزاز أن تلجأ إلى القضاء، وتثبت إضرار زوجها بها، لتحصل على الطلاق للضرر، وهو طلاق تقرّره الشريعة الإسلامية، وتحصل بموجبه الزوجة على كامل حقوقها الشرعية لدى الزوج».

حدود تعويض الطلاق خلعاً

ولكن كيف تتخلص الزوجة الكارهة لزوجها من حياتها الزوجية في حالة عدم وقوع ضرر عليها؟ يجيب عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر «الشريعة الإسلامية جعلت للمرأة عدة مخارج، تستطيع بإحداها التخلص من حياتها الزوجية التي لا تطيقها: منها (الطلاق خلعاً)، وهذا حق لكل امرأة كارهة لاستمرار علاقتها بزوجها، ويكون ذلك بأن تردّ إليه ما أخذت من صداق، ونحوه، إذ ليس من العدل أن تكون هي الراغبة في الفراق وهدم عش الزوجية، ويكون الرجل هو الغارم وحده، قال تعالى: "فَإِن خِفتُم أَلا يُقيما حدودَ اللّه فلا جُناح عَليهما فيما افتَدَتْ بِه".

وفي السنّة النبوية الشريفة، أنّ امرأة ثابت بن قيس، شكت إلى الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، شدّة بغضها له، فقال لها: «أتردّين عليه حديقته»؟ وكانت مهرها ـ فقالت: نعم، فأمر الرسول ثابت أن يأخذ منها حديقته، ويطلّقها تطليقة.. ومن العدل هنا أن تقدم الزوجة لزوجها كل ما حصلت عليه، من مهر وهدايا، لكي يطلقها، حيث لا ينبغي أن يتحمل الرجل وحده تكاليف هدم بيته. لكن حدود التعويض في الطلاق الخلعي تتوقف عند ما حصلت عليه الزوجة من الزوج في صورة مهر، أو هدايا ثمينة، كالذهب، أو سيارة، أو مسكن وخلافه».

التعويض في حالة الشقاق

وما الحكم لو حدث شقاق بين الزوجين وتدخل حكمان للإصلاح بينهما وأوصيا بالتفريق على تعويض يدفعه الزوج أو الزوجة؟

يبيّن د.الفقي »لو حدث شقاق بين الزوجين، وتم تكليف الحكمين بالإصلاح بينهما، وفشلت جهود الإصلاح، وتمت التوصية بالفراق بين الزوجين على عوض لأحدهما بعد دراسة الحالة، والوقوف على أسباب الشقاق، وجب العمل بتوصية الحكمين، سواء أكان التعويض للزوج، أم الزوجة، فالله سبحانه وتعالى يقول: «وَإِنْ خِفتُمْ شِقَاقَ بَينِهِمَا فَابعَثُوا حَكَماً مِّن أَهلِه وحكماً مّن أَهلِهَا إِن يُريدا إِصلاَحاً يُوفّق اللّهُ بَيْنَهُمَا»، وتسمية القرآن لهذا المجلس العائلي بـ «الحكمين» يدل على أن لهما حق الحكم والفصل».

ماذا تفعل الزوجة التي يقهرها زوجها ويرفض تطليقها؟

يوضح د. عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر «قهر المرأة في بيت الزوجية والإبقاء عليها للإضرار بها نفسياً، وإجبارها على التنازل عن حقوقها قبل الطلاق «ظلم يرفضه الإسلام ويدينه»، فالطلاق حق للمرأة، كما هو حق للرجل، والشريعة الإسلامية أعطت المرأة المتضررة من العيش مع زوجها حق الطلاق، والتخلص من حياة القهر والظلم، مع زوج لا يحترم حقوقها النفسية والمادية. والزوجة التي تتعرض لذلك من حقها اللجوء للمحكمة وهي مطالبة شرعاً بتلبية رغبة الزوجة بعد اتخاذ إجراءات ووسائل التوفيق بينهما، والتي تختلف من بلد لآخر.. لكن في النهاية الإسلام لا يقرّ إجبار زوجة على استمرار الحياة مع رجل لا تريده».

اقرئي أيضاً: للمرأة المغتربة في الإمارات.. هذه هي حقوقك عند الطلاق