16 فبراير 2025

رمضان والعلاقات الزوجية.. روحانية الصوم لا تحرم الإنسان ما أحلّه الله

محرر متعاون

مجلة كل الأسرة

في رمضان يعيش معظم الأزواج والزوجات، حالة روحانية خاصة مع هذا الشهر الفضيل، وينشغل الجميع بالطاعة، والعبادة، فضلاً عن الواجبات الوظيفية والإنسانية، والتسابق في أعمال الخير. وقد يبالغ البعض في التفرغ للعبادة، ويحرم نفسه ممّا أحلّه الله له في ساعات الإفطار.. فهل هذا مطلوب شرعاً؟ وكيف تتشكل العلاقة بين الزوجين طوال هذا الشهر الكريم؟

التزين للزوج في رمضان

البداية مع الفقيهة الأزهرية د. سعاد صالح، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات، بالجامعة الأزهرية، حيث سألناها عن موقف الشرع من سلوك بعض الزوجات اللاتى يعِشن روحانية هذا الشهر الكريم، وينصرفن عن التجمّل لأزواجهن في رمضان؟

أجابت قائلة «روحانية الصوم لا ينبغي أن تحرم الإنسان من تلبية غريزة مشروعة. ولذلك ينبغي أن تتجمل المرأة لزوجها في غير أوقات الصوم، وأن ترغّبه فيها، وفي ذلك إعفاف لها، وإعفاف لزوجها، وعون لهما على الالتزام بروحانية الصوم. فالرجل الذي تشبعه زوجته في الأوقات المباحة في رمضان، لن ينظر إلى امرأة في الشارع، حتى لو كانت في شكلها، وملابسها، وتصرفاتها، مثيرة للغرائز، والمرأة التي يشبعها زوجها لن ينصرف ذهنها إلى شيء آخر غير العبادة، وأداء الواجبات، الأسرية وغير الأسرية، المطلوبة منها خلال هذا الشهر الكريم.

فالإشباع العاطفي بين الزوجين مطلوب في رمضان، كما هو مطلوب في كل أيام السنة، بعيداً عن الإسراف، حفاظاً على الصحة العامة، وحتى يقوى الإنسان على الصوم، والإسلام دين اعتدال في كل شيء، وكما يطالب المسلم بالاعتدال في طعامه وشرابه خلال هذا الشهر الكريم، حتى لا يصاب بالأمراض، فهو يطالبه أيضاً بالاعتدال في إشباع رغباته الأخرى، وفي المقدمة المعاشرة الزوجية، حتى لا يصاب بالوهن والإرهاق، ويعرّض نفسه للإجهاد، والمخاطر الصحية خلال رمضان».

سلوك لا يليق بالصائمين

بعض العلماء أفتى بإباحة القبلة بين الزوجين في نهار رمضان إذا كان كل منهما يستطيع أن يتحكم في شهوته.. فهل هذا السلوك يتفق مع روحانية الصوم وحالة الزوجين النفسية في نهار رمضان؟

 يوضح العالم الأزهري د. نصر فريد واصل، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق «الصيام عبادة من أفضل العبادات، شرعه الله تعالى ليهذّب النفس، ويعوّدها الخير، فينبغي أن يتحفظ الصائم من الأعمال التي تخدش صومه حتى ينتفع بالصيام، وتحصل له التقوى التي ذكرها الله تعالى في قوله: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون»، فمن قدر على ضبط نفسه فلا مانع منها، فقد ثبت عن عائشة، رضي الله عنها، أنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبّل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لأربه».

وعن عمر، رضي الله عنه، أنه قال: «هششت أي: نشطت يوماً فقبّلت وأنا صائم، فأتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: صنعت اليوم أمراً عظيماً؛ قبلّت وأنا صائم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أرأيت لو تمضمضت بماء وأنت صائم؟ قلت لا باس بذلك، قال «ففيم؟»، أي قال له النبي: ففيم إذن، جعلت نفسك قد أتيت أمراً عظيماً؟

الخلاصة، أن بعض العلماء رخّص في القبلة بين الأزواج والزوجات، وكرّهها البعض الآخر، وأرى أن تركها أولى، فرمضان شهر عبادة، وله روحانية خاصة، وهذا السلوك لا يليق بالصائمين».

الكفارة على الزوج وحده

ماذا لو قام زوج بإكراه زوجته على المعاشرة في نهار رمضان؟

يقول د. علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي مصر الأسبق «إكراه الرجل لزوجته على المعاشرة في نهار رمضان سلوك لا يليق بمسلم، ويجلب للزوج الإثم بلا شك، وعليه القضاء والكفارة. أما الزوجة، ضحية هذا الإكراه، فهي مطالبة بقضاء ذلك اليوم، ولا إثم عليها، وإن كان واجباً عليها أن تقاوم رغبته الشيطانية، وتجب على الزوج وحده كفارة، وهي صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع الصيام يخرج عمّا يعجز عن صومه إطعام ستين مسكيناً من أوسط ما يطعم أهله.

وإذا كان الزوج مفطراً لعذر شرعي، وكانت الزوجة كذلك، فلا إثم في المعاشرة في هذه الحالة، بشرط ألا نتصنع الأعذار، فالله سبحانه وتعالى مطّلع على مكنونات النفوس، ويحاسب الإنسان على الأعذار الوهمية».

اقرأ أيضاً: علماء الأزهر: الإهمال العاطفي والجنسي بين الزوجين ينذر بالطلاق