09 مارس 2025

التصدق بالمال بدون علم الزوج أو الزوجة.. هل يجوز شرعاً؟

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

تثير مسألة التصدّق من مال الزوج، أو الزوجة، من دون علم الطرف الآخر، العديد من التساؤلات، بالاستناد إلى الشرع الإسلامي. فالشريعة الإسلامية كفلت لكل من الزوجين استقلالية مالية، حيث يمكن للمرأة التصدّق من مالها، من دون حاجة لإذن زوجها، ولكن يختلف الأمر في حال التصدّق من مال الزوج، من دون إذنه، إلا في إطار من التفاهم بين الزوجين لأن «الأصل في الشريعة أنه لا يجوز للمرأة التصدق من مال زوجها من دون إذنه، لأن المال يُعتبر حقاً للزوج أيضاً».

وفي هذا السياق، نناقش الشروط والضوابط التي ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار عند اتخاذ قرار التصدق، سواء من مال الزوجة، أو من مال الزوج. فماذا يقول الشرع؟ وهل يجوز التصدق من مال الزوج، أو الزوجة، من دون علم الطرف الآخر؟

يقول الدكتور سالم بن أرحمه الشويهي، دكتوراه في الشريعة «لا حرج على المرأة في التصدّق من مالها بما شاءت، ولا يشترط لذلك إذن زوجها عند جماهير العلماء، وكذلك الزوج. لأن المرأة لها ذمّة مالية مستقلة عن زوجها، وهي أهل للتملك والتمليك، لقول الله تعالى: «للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن»، ولقوله تعالى «فإن طِبْنَ لَكُم عن شيء منه نَفساً فَكُلوه هنيئاً مريئاً». ومن مفاخر الشريعة الإسلامية أنها كفلت للمرأة حريتها في مالها، وما زالت بعض الدول الغربية، حتى اليوم، تسوّد تشريعات بأن المرأة إذا أرادت أن تتعامل مالياً في ما تملك، طالبها البنك، أو الجهة الرسمية، بضرورة الحصول على توقيع الزوج».

بيد أن د.الشويهي يتلمس البعد الاجتماعي والنفسي بين الزوجين، حيث يؤكد أنه «لا يشترط إذن الزوج في حال تصدق المرأة من مالها، ولكن من العِشرة بالمعروف بين الزوجين، أن تستأذن الزوجة زوجها تطييباً لخاطره، ودفعاً لما قد يحدث في نفسه من كراهة لتصرّف زوجته، وعليه أن يأذن لها، ولا يكون مانعاً لزوجته من فعل الخير، والإحسان إلى الناس».

مجلة كل الأسرة

ويضيف «وأما تصدّق الزوجة من مال زوجها، فالأصل أنه ليس للمرأة أن تتصدق من مال زوجها من دون إذنه، لقول النبي، صلّى الله عليه وسلّم «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه». إلا ما كان يسيراً قد جرت العادة به، كصِلة الجيران والسائلين بشيء يسير لا يضر زوجها، والأجر بينهما ؛ كما لا حرج على المرأة أن تتصدق من مال زوجها إذا أذِن لها بذلك، والإذن قد يكون لفظياً، وقد يكون الإذن عرفياً، بمعنى أنه قد جَرَت عادة الناس الرضى بهذا، أو تعلم من خُلُق زوجها أنه يرضى بهذا، ولا يمنعه، فلا حرج عليها في هذه الحال أن تتصدق من مال زوجها، ولها أجر الصدقة، ولزوجها أيضاً. قال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم «إذا تصدّقت المرأةُ من طعام زوجها غير مُفسدةٍ كان لها أجرها، ولزوجها بما كسب، وللخازن مثل ذلك». أما إذا منعها، أو كانت تعلم أنه لا يرضى بهذا، فلا يجوز لها حينئذ الصدقة من ماله بشيء، لقول النبي، صلّى الله عليه وسلّم: «لا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا الطَّعَامَ ؟ قَالَ: ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنا».