11 مارس 2025

فتاوى رمضان وأحكام الصيام.. إجابات عن أهم الأسئلة من «الإمارات للإفتاء الشرعي»

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

أصدر مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي مجموعة من الفتاوى الدينية المتعلقة بشهر رمضان المبارك، بعد تدقيق من خبراء ومفتين شرعيين مختصين، بهدف توجيه المسلمين في الدولة، وتوضيح بعض الأحكام الشرعية المهمة التي تتعلق بالصيام، والعبادات الأخرى، خلال هذا الشهر الفضيل.

وقد تضمنت الفتاوى التي تمّ نشرها مجموعة من الأحكام المتعلقة بالأمور التي قد تثير تساؤلات عدّة بين الصائمين، مثل: نية الصيام، وجواز استخدام بعض الأدوية في رمضان، والتعامل مع الحالات الصحية الخاصة أثناء الصوم. كما تناولت الفتاوى الأحكام الخاصة بتأدية الصلاة، وإطعام الفقراء، وأموراً أخرى تتعلق بسُنن رمضان، إضافة إلى أحكام تتعلق بزكاة الفطر، والكفارة الكبرى.

نستعرض 17 فتوى من مجموع 55 فتوى، تمثل مرجعاً للمسلمين في الإمارات خلال شهر رمضان المبارك، أصدرها مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، كمرجعية لضمان صحة عبادات الصائمين في هذا الشهر الفضيل:

مجلة كل الأسرة

1- هل تكفي نيّة واحدة لصوم رمضان كاملاً، أم لا بدّ من تجديد النية عند كل ليلة منه؟

تكفي نية واحدة لصوم رمضان كله عند أول ليلة منه، فلا يجب عليك تجديد النية بعد ذلك ما لم يحصل انقطاعٌ للصوم خلال الشهر.

قال الإمام مالك رحمه الله: (من بَيّت الصيام أوّل ليلة من ‌رمضان أجزأه ذلك عن سائر الشّهر) «الاستذكار 3/ 285».

وإذا حصل الفطر في رمضان لعذر، كالسفر ونحو ذلك، وأردت أن تعود إلى الصوم، وجب عليك تجديد النيّة في الليلة التي تسبق نهار صيامك.

قال بعض العلماء: (من سافر في رمضان ثم قدم... عليه أن يستأنف التبييت، وكذلك المرأة تحيض ثم تطهر، والرجل يمرض ثم يفيق) «التاج والإكليل للمواق: 3/ 341».

2- أخبرني الطبيب أن الصيام يؤثر في صحتي، فماذا يجب علي؟

ما دام الطبيبُ أخبرك أن الصوم يؤثر في صحتك، فعليك أن تُفطر وتقضي ما أفطرت من الأيام عند القدرة على الصوم، ولا إثم عليك ولا كفارة؛ لقوله تعالى: «وَمَنْ كَانَ مَريضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر» «البقرة: 185».

مجلة كل الأسرة

3- أرغب في تعويد ابني على الصيام علماً بأنه غير بالغ، فما حكم ذلك؟

لا يجب على الطفل شرعاً أن يصوم رمضان حتى يبلُغ؛ لقوله، صلّى الله عليه وسلّم: «إِنّه ‌رُفع ‌القلم ‌عن ثلاث: وذكر منهم: الصّبي حتى يَحْتَلم» (رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين)

وإذا رأى والداه أن يُعوّداه على الصيام وكان يطيقه، فذلك حسن؛ لما فيه من العناية بتربية الأبناء، وتعويدهم على الطاعات.

قال بعض العلماء: (أما الصوم فيؤمر به الصبي حين يُطيقه الصبي، وإن لم يحتلم، وكان عروة يأمر بنيه بالصلاة إذا عقلوها، وبالصوم إذا أطاقوه)، «النوادر والزيادات: 1/ 269».

4- أنا لا أحفظ القرآن الكريم وفي صلاة التراويح والقيام أقرأ من المصحف، فهل ذلك جائز؟

تجوز قراءة القرآن من المصحف، أو الهاتف المحمول أثناء صلاة التراويح، أو القيام، فعن عائشة، رضي الله عنها: «أنّها كان ‌يَؤُمّها غلامها ذَكوان ‌فى ‌المصحف في رمضان»، «رواه البيهقي، وغيره»

وقال الإمام مالك، رحمه الله: (لا بأس بأن يؤمّ الإمام الناس في المصحف في رمضان وفي النافلة) «المدونة: 1/288».

5- سمعت أن من احتجم وهو صائم فسَد صومه، فهل ذلك صحيح؟

الحجامةُ لا تؤثر في صحة الصوم؛ لحديث ابن عباس، رضي الله عنهما: «أَن النّبي صلّى الله عليه وسلّم، ‌احْتَجَم ‌وهو ‌صائم» «رواه البخاري».

قال بعض العلماء: (الحجامة لا تفطر) «المعونة: 1/ 473».

مجلة كل الأسرة

6- تبيّن أني أكلت بعد الوقت المحدّد في الإمساكية بدقيقتين تقريباً، فهل صومي صحيح، وهل يجب علّي الالتزام بوقت الإمساكية؟

ما دمت قد توقفت عن تناول السحور قبل دخول وقت أذان الفجر فصومك صحيح.

قال الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشرَبوا حتى يَتبيّن لَكُم الخَيط الأَبيَض مِنَ الخَيطِ الأَسود ‌من ‌الفجر ثمّ أتمّوا الصّيام إلى الليل)، «البقرة: 187».

ويستحب لك الإمساك على جهة الاحتياط قبل موعد الأذان بدقائق، ويدل لذلك ما رُوي عن زيد بن ثابت، رضي الله عنه، قال: «تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ، صلّى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ»، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قَالَ: «قَدْرُ ‌خَمسِينَ ‌آية»، «متفق عليه».

7- استخدمت معجون الأسنان بعد أذان الفجر ولم أبتلع منه شيئاً، فهل صومي صحيح؟

ما دمت تيقنت عدم وصول شيء منه إلى حلقك فصومك صحيح.

قال بعض العلماء: (إذا استاك فلا فرق بين ‌السواك الرطب واليابس بشرط أن يحترز عن ابتلاع شيء منه، أو من رطوبته فإن ابتلعه أفطر) «المجموع شرح المهذب: 6/ 377».

8- صليت الظهر في الدوام وبعد رجوعي نمت ولم أستقيظ إلا عند المغرب فصليت العصر والمغرب، فهل صومي صحيح؟

صومك صحيح؛ لأن النوم عن الصلاة لا يؤثر في صحة الصوم، ولكن ينبغي للصائم اغتنام شهر رمضان في الإكثار من الأعمال الصالحة، ومن أهمها المحافظة على أداء الصلاة في وقتها، قال الله تعالى: ‌﴿حَافِظُوا ‌على ‌الصَّلَوَاتِ ‌وَالصَّلاةِ ‌الْوُسْطى، وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ «البقرة: ٢٣٨».

قال ابن مسعود رضي الله عنه: «سَأَلْتُ النَّبِيَّ، صلّى الله عليه وسلّم، أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: ‌الصَّلَاةُ ‌علَى ‌وَقْتِهَا»، «متفق عليه».

9- كنت مسافراً في الطائرة وأنا صائم، فعلى توقيت أيّ بلد أفطر؟

عليك أن تفطر عند غروب الشمس عنك، سواء كنت في الجو، أو في الأرض، ولا يطلب منك مراعاة توقيت فطر البلد المتجه إليه، ولا البلد الذي انطلقت منه؛ لأن كمال الصوم مرتبط بمجرد تحقق الصائم من غروب الشمس عنه، قال الله تعالى: (ثُمّ أَتمُّوا الصِّيَام إِلَى الليل)، «البقرة: 187»، وعن عمر رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا أَقْبَلَ اللَّيْلُ وَأَدْبَرَ النَّهَارُ، وَغَابَتِ الشَّمْسُ، ‌فَقَدْ ‌أَفْطَرَ ‌الصَّائِمُ»، «رواه مسلم».

10- كنت أتوضأ وأنا صائم في رمضان وشعرت بقليل من الماء وصل إلى حلقي، فهل صومي صحيح؟

إذا تأكدت من وصول الماء إلى حلقك فعليك القضاء.

قال بعض أهل العلم: (قلت: أرأيت من ‌تمضمض فسبقه الماء فدخل حلقه أعليه القضاء في قول مالك؟ فقال: إن كان في رمضان، أو في صيام واجب عليه، فعليه القضاء، ولا كفارة عليه) «المدونة: 1/ 271»

وينبغي للصائم ألا يبالغ في المضمضة أثناء الوضوء؛ لحديث النبي، صلّى الله عليه وسلّم، أنه قال: «بَالِغْ ‌في ‌الِاسْتِنْشاقِ ‌إِلَّا ‌أَنْ تَكُون صائماً»، «رواه أبو داود وغيره».

مجلة كل الأسرة

11- والدي لا يستطيع الصوم؛ لكبر سنّه وعنده السكّري، فهل يجب عليه دفعُ الفدية بدلاً من الصيام؟

لا يجب عليه دفعُ الفدية، ولكن تستحب له إذا كان عجزه عجزاً مستمراً، بحيث لا يتوقع القدرة على الصوم في أيّ وقت من أوقات السنة؛ لما رُوي عن أنّ أنس بن مالك رضي الله عنه: «كَبِرَ حَتَّى كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ. ‌فَكَانَ ‌يَفْتَدِي»، «موطأ مالك: 1/ 307»

قال الإمام مالك، رحمه الله: (لا أرى ذلك واجباً، وأحب إلي أن يفعله إذا كان قوياً عليه)، «موطأ مالك: 1/ 307».

12- أعلم أن العشر الأواخر من رمضان يطلب فيها الاجتهاد في العبادة أكثر من غيرها، فما هي الأعمال التي ينبغي فعلها في هذه العشر؟

ينبغــي الاجتهاد فــي العبــادة بمختلــف أنواعهــا فــي العشــر الأواخر مــن رمضــان، كالحــرص علــى مداومــة القيــام فيهــا، والإكثار من تلاوة القرآن، والصدقة، وفعل الخيرات، كمــا كان النبــي، صلّى الله عليه وسلّم يفعل، ففي حديث عائشة رضي الله عنها: «كان رَسُول اللَّهِ، صلّى الله عليه وسلّم، يَجتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِر، ‌مَا ‌لَا ‌يَجتَهِدُ ‌في ‌غَيرِه»، «رواه مسلم».

ومما ينبغي في هذه العشر إيقاظ الأهل للصلاة في الليل، والذكر، والدعاء، وتحرّي ليلة القدر، قالت عائشة رضي الله عنها: «كَانَ النّبي، صلّى الله عليه وسلّم، إذا ‌دخل ‌الْعَشْرُ ‌شَدَّ ‌مِئْزَرَه، وَأَحْيَا لَيلَهُ، وَأَيْقَظَ أهْلَه»، «رواه البخاري».

13- ما هو وقت إخراج زكاة الفطر؟

الأفضل أن تُخرَجَ زكاة الفطر بعد صلاة الفجر، وقبل صلاة العيد؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: «أن النبي أَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدّى قبل خُرُوج النّاس إِلى الصّلاة»، «متفق عليه»

ويجوز إخراجُها قبل يوم الفطر بيومين، أو ثلاثة؛ لما ثبت: «أَنَّ عَبد الله بن عمر كَانَ يَبْعَثُ بزكاة الفِطرِ إِلى الّذي ‌يجْمَعُ ‌عِندَهُ قَبْلَ الفِطرِ، بيومين، أَوْ ثلاثة»، (موطأ مالك: 1/ 296).

كما أنه يجوز إخراجها من أوّل شهر رمضان.

قال بعض العلماء: (أَمَّا تَعْجِيلُ زَكَاةِ الفِطرِ فَلَا تَجُوز قَبلَ شَهرِ رَمَضَانَ، ‌وَتَجوز ‌في ‌شَهر ‌رمضانَ، وقبل شوّال) «الحاوي الكبير 3/ 162».

14- بعض الناس يقول إن زكاة الفطر يجب أن تخرج من الطعام، فهل يجوز إخراج قيمتها نقداً؟

يجوز إخراج قيمة زكاة الفطر نقداً، ومما يدل لذلك قول معاذ رضي الله عنه، لأهل اليمن: «ائْتُوني بِعَرضٍ، ثِيَابٍ خَمِيصٍ ‌أَوْ ‌لَبِيسٍ، ‌فِي ‌الصّدَقَة، مَكَانَ الشّعير وَالذّرة، أَهوَن عَليكُم، وَخَيرٌ لأَصْحاب النَّبيّ بِالمَدِينَة»، (رواه البخاري)

قال بعض العلماء: (إن أعطى ‌قيمة الحنطة جاز عندنا؛ لأن المعتبر حصول الغنى، وذلك يحصل ‌بالقيمة كما يحصل بالحنطة) «المبسوط» للسرخسي: 3/ 107».

وتقدّر قيمة زكاة الفطر بـ 25 درهماً إماراتياً عن كل فرد.

ـ أخرجت زكاة الفطر عن أهل بيتي، فهل يجب عليّ أن أخرج الزكاة عن العاملة في البيت، والعمال الآخرين الموجودين عندي؟

لا يجب عليك أن تخرج زكاة الفطر عن العاملة في البيت، ولا عن العمال الآخرين عندك، فالمؤجِّر لا يجب عليه إخراج زكاة الفطر عن الأجير.

قال بعض العلماء: (ولا يؤدي -يعني زكاة الفطر - عن ‌الأجير، ولكن ‌الأجير المسلم يؤدي عن نفسه) «الاستذكار 3/ 263».

وإن رغبت في إخراج زكاة الفطر عن عمالك تطوعاً منك فلك الأجر، ولتخبرهم قبل الإخراج عنهم.

مجلة كل الأسرة

15- كانت عندي بعض التجاعيد وأخذت حُقَن البوتكس والفلر لإزالتها في نهار رمضان، فهل ذلك يؤثر في صومي؟

حُقَن البوتكس أو الفلر لا تؤثر في صحة الصوم؛ لعدم وصول شيء منها إلى الحلق أو الجوف.

قال بعض العلماء: (الجسد يتغذى من خارجه بالدهن، وغيره، ولا يفطر ‌إجماعاً)، «الذخيرة للقرافي: 2/ 505».

16- ما هي الأشياء التي تلزم منها الكفارة الكبرى في رمضان؟

تلزم الكفارة ‌الكبرى في رمضان بإحدى المسائل الآتية:

  • الجماع، فمن جامع في نهار رمضان منتهكاً حرمة الشهر فعليه القضاء والكفارة.
  • إخراج المني، فمن تعمّد إخراج المني في نهار رمضان فعليه القضاء والكفارة.
  • الأكل أو الشرب، فمن أكل أو شرب بفمه في نهار رمضان متعمداً فعليه القضاء والكفارة.
  • قال بعض أهل العلم: (تجب الكفارة في إفساد صوم رمضان انتهاكاً بموجب الغسل: وطئاً وإنزالاً، ‌والإفطار ‌بما ‌يصل ‌إلى ‌الجوف أو المعدة من الفم)، «مواهب الجليل للحطاب: 2/ 431».
  • قطع نية الصيام، فمن رفع نية الصوم في نهار رمضان عمداً - وذلك بأن قصد الخروج من الصوم - وجب عليه القضاء والكفارة.

قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: (من أصبح ‌ونيته ‌الإفطار في رمضان ولم يأكل ولم يشرب فليقضِ ويكفّر)، «الجامع لمسائل المدونة: 3/ 1182».

17- أستعمل بخاخ الربو دائماً عند الحاجة وأحياناً أستعمله في نهار رمضان وأنا صائم، فهل بخاخ الربو يفسد الصوم؟

إذا كان محتوى بخاخ الربو مجرّد هواء (أوكسجين)، ليس فيه أي مادة علاجية فلا يفطر.

أما إذا كان يحتوي على مواد علاجية يصل رذاذها إلى الحلق فإن استعماله مفطر؛ لأن وصول المائع إلى الحلق من المفطرات.

قال بعض أهل العلم: (أمّا ‌ما ‌وصل ‌للحلق من المتحلل ففيه القضاء)، «حاشية الدسوقي: 1/ 528».