لا تتوقف تساؤلات الشباب، من الجنسين، حول موقف الإسلام من المشاعر العاطفية المتبادلة بين شاب وفتاة لم يرتبطا رسمياً بزواج.. هل هذه المشاعر مباحة ويقرّها الشرع.. أم عليها محاذير، وتحكمها ضوابط؟
رجعنا إلى عدد من الفقهاء لمعرفة حكم الشرع.. وهنا خلاصة ما قالوه:
البداية مع د. شوقي علام، مفتي مصر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، حيث سألناه عن حكم الشرع عموماً، في المشاعر العاطفية بين الجنسين، فأجاب «الإسلام لا يحرّم المشاعر العاطفية بين الجنسين، لأنها أمر فطري في الإنسان، ولكن يضع لها ضوابط لتنظيمها، بحيث لا تؤدي إلى أفعال محرّمة، أو تضرّ بالفرد والمجتمع».
وأضاف «المشاعر العاطفية والميول القلبية ليست حراماً في ذاتها، لكن الإسلام يضع ضوابط لهذه المشاعر لكي يضبطها بميزان الأخلاق والقيم، فلا انحراف في سلوك، أو فكر، أو مطلب من أحد الجنسين للآخر. كما أن الهدف من هذه المشاعر في النهاية ينبغي أن يكون هدفاً أسمى، وهو الزواج، فلا مشاعر من أجل تلبية الغرائز بعيداً عن الإطار الشرعي للعلاقة بين الرجل والمرأة».
وأوضح مفتي مصر السابق أن الحب في منظور السنّة النبوية ليس حراماً، فقد ورد أن أحد الصحابة قال للنبي، صلّى الله عليه وسلّم، إنه يحب امرأة معيّنة، فلم ينكر عليه النبي ذلك، وإنما وجّهه إلى الزواج بها.. فالذي يحرّمه الإسلام هو تعلّق شاب بفتاة بهدف إقامة علاقة محرّمة، أو التسلية، أو الانشغال العاطفي المفرط الذي يعيق الإنسان عن مسؤولياته.
وينتهي د. علام إلى تأكيد أن المشاعر العاطفية ليست محرّمة، ولكن يجب أن تُوجه بطريقة صحيحة، إما بالزواج، وإما بضبط النفس، والابتعاد عن أيّ تصرفات مخالفة للشرع.
الحب بين المخطوبين
وهل هناك محاذير للعلاقة العاطفية بين المخطوبين؟ يبيّن د. هاني تمام، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر «المخطوبان غريبان عن بعضهما بعضاً، طالما لم يتم عقد القران. ولذلك، فالعلاقة بينهما ينبغي أن تكون في إطار الضوابط الشرعية، والهدف الأسمى من فترة الخطوبة هو تعرّف كل منهما إلى الآخر، من دون الوقوع في محاذير. وكثيراً ما تفسخ الخطبة، ولا يتم الزواج، لذلك ينبغي على الشاب أن يتقي الله في خطيبته، ولا يجرّها إلى سلوك يحرّمه الشرع. كما ينبغي على الفتاة أن تحافظ على نفسها، ولا تستجيب لمطلب، أو سلوك مخالف لتعاليم الإسلام من خطيبها.
أما المشاعر العاطفية فلا حرج فيها.. فالإسلام أباح علاقة الحب بين المخطوبين في فترة الخطوبة، والحب الحقيقي يكون طاهراً، وعفيفاً، وصادقاً، ولا يجرؤ المحب على ارتكاب أي خطأ في حق المحبوب».
ويضيف «سيدنا النبي، صلّى الله عليه وسلّم، حينما جاء إليه أحد الصحابة وقال له: يا رسول الله إني تقدمت إلى فلانة، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: «هل نظرت إليها؟»، فقال له لا، فقال له النبي: «أنظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما»، وهذا التوجيه النبوي يعني ضرورة وضوح الرؤية بين المخطوبين لتحقيق الودّ، والتفاهم، والحب بينهما».
الحب قبل الزواج
البعض يقول: الحب في الإسلام يأتي بعد الزواج.. فهل هذا المبدأ يقرّه الشرع؟ يشير د. هاني تمام إلى أن «الإسلام يحث كلاً من الرجل والمرأة على أن يتزوّجا بناء على اقتناع وحب، حرصاً على استقرار العلاقة بينهما بعد الزواج. فوجود مودّة، ورحمة، ومشاعر عاطفية متبادلة لا تصاحبها سلوكات مرفوضة، أمر يقرّه الشرع، وإذا لم يكن الرجل يحب خطيبته، أو العكس، فسيقوم أحد الأطراف بظلم الآخر، ولذا، يجب أن يتم بناء الزواج على المحبة والمودة بين الطرفين.
والخلاصة، أن الإسلام دعا إلى الحب بين الطرفين، بخاصة في فترة الخطوبة، حتى يتم الزواج، وإذا لم تتم المحبة بينهما سيكون ذلك بمثابة خسارة كبيرة لهما».
اقرأ أيضاً: «الحلال والحرام» في علاقة المخطوبين