26 مارس 2025

ما أفضل ما يفعله المسلم في عيد الفطر المبارك؟.. د. علي جمعة يجيب

محرر متعاون

مجلة كل الأسرة

كل عام وأنتم بخير.. ها نحن نعيش فرحة عيد الفطر المبارك.. اليوم الذي جعله الله أعظم مكافأة على صوم شهر رمضان المبارك، والحرص فيه على أصدق العبادات، وأفضل وجوه الخير.. ويبقى السؤال الهام: كيف نحتفل بالعيد في ظلّ ما يحيط بنا من صخب وضوضاء الحياة العصرية؟ وما أفضل ما يقدّمه المسلم، لأهله والمحيطين، به في هذا اليوم؟

سألنا العالم الأزهري د.علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، مجموعة من الأسئلة المتعلقة بعيد الفطر المبارك، ونستعرض في ما يلي ردوده عليها. 

ماذا يعني عيد الفطر في حياة المسلم؟

«هو يوم من أيام الله التي أرادها سبحانه، ليكون جزءاً من مكافأة كفاح شهر قضاه المسلم في طاعة الله، وتسابق فيه على تقديم كل أعمال الخير.. لذلك واجب المسلم أن يلتمس كل أسباب الفرح، والسرور، والابتهاج، ويستريح فيه من متاعبه، وسعيه الدؤوب طوال شهر كريم في العمل والعبادة؛ ليجدد بذلك نشاطه، ويستأنف العمل من جديد بقوة وعزيمة».

لكن بعض الناس لا يشعرون بالسعادة في هذا اليوم لما أصابهم من أحزان بسبب فقد عزيز أو غير ذلك.

«شرعت الأعياد في الإسلام تلبية لحاجة الإنسان الفطرية، مادية وروحية، فواجب المسلم أن يتغلب على أحزانه، وأن يحاول نسيان متاعبه النفسية، وإسعاد من حوله في هذا اليوم، مهما كانت آلامه، وأحزانه، والله سبحانه وتعالى يقول: «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا»، فالأعياد الدينية تحيي المشاعر، وتذكّر الناس بما بسطه الله عليهم من النِّعم الوافرة، وبما وفقهم إليه من القيام بأعباء ما كُلفوا به، ولذلك كانت مشروعيتها أبلغ مظهر من مظاهر شكر الله على إنعامه، وعيد الفطر من أعياد الإسلام التي تجسد الانسجام بين الدنيا والآخرة، ولذلك، يستحب الاحتفاء به، والترويح عن النفس من هموم الحياة فيه».

  وما الحكمة في أن يعقب شهر الصيام يوم عيد يبتهج فيه المسلم ويروّح عن نفسه؟

 «الحكمة من عيد الفطر هي إظهار شكر الله على ما أنعم به على المسلم من أداء فريضة الصيام، على أكمل وجه، وأيّ عمل يبتهج به المسلم أهمّ من القيام بما فرضه الله عليه؟ وبذلك يسمو الإسلام بمعنى العيد، إذ يربط فرحته بالتوفيق في أداء الفرائض، وشكر الله على القيام بها، وقد سنّ الله تعالى في عيد الفطر صلاة العيد، وأمر أن يخرج الناس إليها وعليهم مظاهر الفرح والابتهاج، حتى ترى نعمة الله عليهم. وصلاة العيد هي أول مظهر من مظاهر الفرحة، حيث ترتفع الأصوات فيها بالتكبير في بهجة وسرور، والتكبير يعنى التعظيم، والمراد به في تكبيرات العيد تعظيم الله عز وجل، على وجه العموم، ومن مظاهر شكر الله تعالى في هذا اليوم إخراج صدقة الفطر لتغني المحتاجين عن سؤال الناس في هذا اليوم السعيد، فقد حث النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، على إخراج زكاة الفطر، فقال «أغنوهم في هذا اليوم»، وبذلك تكون هناك غاية أخرى من عيد الفطر ألا وهي إدخال السرور والبهجة على المسلمين، رجالا ونساء وأطفالاً، فضلاً عمّا في ذلك من معان للتكافل الاجتماعي».

 وما أفضل ما يفعله المسلم في هذا اليوم؟

"أفضل ما يفعله المسلم في هذا اليوم هو «جبر الخواطر» وزيادة الأواصر الاجتماعية، ويبدأ ذلك ببرّ الوالدين، وصِلة الأقارب، ومودّة الأصدقاء وزيارتهم، فتتزيّن المجالس بالحب، والتراحم، والتواد، وتزول الأحقاد، والمشاحنات، والنفرة، من النفوس. وفرحة العيد في أيامنا هذه لن تكتمل إلا بالتكاتف، والتعاون، والتواصل، والظهور بالمظهر الحسن، ونبذ الفرقة».

بعض الناس يكتفون بتبادل التهاني بالعيد من خلال أدوات التواصل الاجتماعي ولا تحدث بينهم لقاءات مباشرة في هذا اليوم.. بماذا تنصح هؤلاء؟

«يوم العيد.. هو يوم التلاقي والتواصل الحقيقي بين الأهل، والأصدقاء، والجيران، ولذلك ينبغي الحرص على هذا التواصل، طالما كان ذلك ممكناً، ونلجأ إلى تبادل التهاني عبر مواقع التواصل في حالة الغربة، أو صعوبة التواصل المباشر.. وفي كل الأحوال، ينبغي استغلال هذا اليوم الطيّب في تصفية النفوس وتبادل مشاعر المودّة والرحمة.. وما أحوجنا في هذا العصر إلى ذلك.. وما أحوجنا إلى تربية أولادنا منذ نعومة أظفارهم على هذا التواصل».