25 نوفمبر 2024

قلم المرأة الإماراتية يرتقي بالأدب ويوثق التراث

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

تمتلك الكاتبة الإماراتية مهارة سرد الأحداث وراوية التراث لتنقلنا عبر الزمان والمكان، ولتجسد صورة حيّة عن حياة الأجداد، وتفاصيلها اليومية، فمن خلال قصصها تسلّط الضوء على جوانب مختلفة من التراث الإماراتي، بدءاً من الحِرف والصناعات التقليدية، وصولاً إلى العادات الاجتماعية والتقاليد المتوارثة.. هذه الكتابات ليست مجرد توثيق للتراث، بل هي محاولة لإعادة إحيائه، وإبراز أهميته في تشكيل هوّيتنا الوطنية.

مجلة كل الأسرة

التقت «كل الأسرة» كاتبات إماراتيات اجتمعن في معرض الشارقة الدولي للكتاب، لمناقشة تجربتهنّ في ورشة معهد الشارقة للتراث، لكتابة مجموعة قصصية بعنوان «على أجنحة الطير»، تشمل جوانب من التراث الإماراتي، من خلال الطير في حياة المجتمع الإماراتي قديماً، تميّزت هذه المجموعة القصصية بجماليّتها اللغوية، وبراعة سرد القصص. فالكاتبات الإماراتيات استطعن أن يمزجن بين الأصالة والمعاصرة، ليخرجن لنا بقصص تتسم بالإبداع، والابتكار. فمن خلال استخدام اللغة السلسة والصور الشعرية، نجحن في نقلنا إلى عوالم خيالية مستوحاة من التراث، وفي الوقت نفسه، تناولن قضايا معاصرة تهم المجتمع الإماراتي. هذه القصص دليل على أن التراث ليس الماضي وحسب، بل هو مصدر إلهام لا ينضب للإبداع الأدبي.

مجلة كل الأسرة

قصص الجدّات الملهمة

الكاتبة فاطمة المزروعي، تركّز في روايتها على المرأة الإماراتية، خصوصاً أنها تحفظ حكايات جدّتها التي كانت تحكيها لها في مجلس المنزل في طفولتها «كانت حكايات جدّتي كبخور العود يملأ المكان، تتحدث عن أيام مضت، عن نساء قوّيات كنّ يصنعن مكحلهنّ بأنفسهن، وهذا ما استعرضته في روايتي «كحل أثمد»، فقد كن يصنعن الكحل بأنفسهن من حِبر الحوت، بطريقة معيّنة، ولا يتكحّلن به إلا للتطبيب، أو للتزيين بعد عودة أزواجهن من رحلات البحر، والصيد، أو التجارة. فقد سلطت الضوء على العديد من الأحداث والمشاعر التي تصاحب فترة إعداد الكحل، ووضعه في المكحلة، فكل قطعة من ثياب الجدات تحكي قصة، كل خرزة ملوّنة ترمز إلى حدث ما، كنت أستمع بشغف إلى قصصهنّ عن المهن الحرفية التي كانت تمارسها النساء، وكيف كنّ يجمعن الأعشاب الطبيعية ويصنعن منها العلاجات. تلك الحكايات كانت بمثابة نافذة نظرت منها إلى ماضٍ زاخر بالتراث، والعادات، والتقاليد، وأدركتُ قيمة المرأة الإماراتية في الحفاظ على هويتنا».

مجلة كل الأسرة

توثيق التراث من الأرشيف البريطاني

لطالما شغفت الكاتبة حصة البلوشي بتاريخ الإمارات، بخاصة في فترة الاحتلال البريطاني، وعلقت على الأمر قائلة «هناك الكثير من القصص والروايات التي تناقلتها الأجيال، لكنني أردت أن أذهب إلى أبعد من ذلك، وأن أكتشف الحقيقة كاملة، فقرّرت أن أغوص في الأرشيف البريطاني، وأقرأ الوثائق الأصلية، لأكشف عن جوانب خفية من تاريخنا، ولأفهم بشكل أعمق هوّيتنا، وثقافتنا، وأعمل حالياً على كتابة مجموعة قصصية، كل قصة تتناول وثيقة معيّنة من الوثائق البريطانية. فقد سلطت الضوء في مجموعة «على أجنحة الطير» على إحدى القصص التي حصلت عليها من الوثائق البريطانية، ودور المرأة الإماراتية في الكفاح ضد الاحتلال الإنجليزي، وقد استلهمت هذه القصة من لوحة كانت معروضة في متحف المرأة في دبي، وجسدت هذا الكفاح من خلال قصة فتاة نجت من مذبحة نفذها الجنود البريطانيون بحق الشعب الإماراتي حينذاك، وترجمت مخاوفها من طير «أو رخيش» الأسطوري، المعروف في تراثنا الإماراتي».

مجلة كل الأسرة

قيم التسامح والأمل

أما الكاتبة فتحية النمر، فقد ترجمت القيم الإيجابية التي تتمتع بها دولة الإمارات، وأبرزها قيم التسامح المتأصلة في جذور المجتمع الإماراتي منذ القدم، وتبيّن «لطالما ارتبط الغراب في ذاكرتنا الشعبية بالتشاؤم، والنحس، لكنني قرّرت في روايتي أن أقدّم رؤية مغايرة لهذا الطائر الأسود. فبدلاً من أن يكون رمزاً للشر، والبؤس، أردت أن أقدّمه ككائن ذكي، وملاحِظ، يتمتع بقدرة هائلة على التكيّف والتأقلم مع البيئة القاسية. الغراب في روايتي هو دليل حكيم، يرافق البطل في رحلته الشاقة، ويقدم له النصائح، والدعم المعنوي، وهذه النظرة الإيجابية لطائر الغراب تعكس رؤية دولة الإمارات للأمور، فهي دولة التسامح والإيجابية والأمل».

مجلة كل الأسرة

تجربة متنوّعة

كما تركز الكاتبة الشابة عفراء محمود على الاهتمام بالبيئة والاستدامة، من خلال القصص التي تسلط الضوء في أحداثها على التراث الإماراتي، ومشاركتها في الورشة التي جمعتها بكاتبات إماراتيات، وترى أن هذا النوع من الأعمال المشتركة، يعدّ خروجاً عن منطقة الراحة، والكتابة من منظور شخصي، إلى تجسيد رؤية جماعية، ولكن بسِمات وبصمات مختلفة، وتجعل العمل متنوّعاً وملهماً بالنسبة إلى القارئ.