مُبتدئة في عالم الإجرام، فكّرت في أن تسرق بعض المال من خلال تنفيذ جريمة احتيال على رجل، إلا أن خطتها باءت بالفشل، إثر استخدامها شيكاً بنكياً أسهم في كشف هويتها، وورّطها في قضية تزوير أمام القضاء.
قصة «المحتالة المبتدئة» التي كانت قد وضعت أول خطة «فاشلة» في حياتها، اطّلعت «كل الأسرة» على تفاصيلها من حكم قضائي، بعد إلقاء القبض عليها.
تعود تفاصيل القضية إلى أن فكرة تنفيذ جريمة احتيال كانت تراود الفتاة «ل»، التي تعمل براتب زهيد جداً، في مكتب خدمات عامة، لرغبتها في الحصول على مبلغ مالي كبير بسرعة، ولعدم قناعتها بأن العمل هو الطريق الوحيد لجمع المال.
في أحد الأيام، عرفت الفتاة من أحد الأشخاص أن هناك رجلاً يبحث عن طريقة يستثمر فيها مبلغاً مالياً، فوضعته هدفاً من أجل الاحتيال عليه.
تمكنت الفتاة من التواصل مع الرجل هاتفياً، ومحاورته حول رغباته في الاستثمار والمجالات التي يرغب في العمل فيها، وعندما لاحظت جديّته المُطلقة، وامتلاكه للمال، بدأت تفكر في سرقته، واستغلاله.
وضعت الفتاة خطتها التي كانت في بدايتها قائمة على ألا تظهر أمامه باسمها الحقيقي، وإنما باسم شخصية أخرى، حتى لا يستدلّ عليها، ثم تختفي بمجرّد أن تحصل على المال منه.
بعد وضع الخطة، عادت الفتاة للحديث مع الرجل عبر طرح فكرة الاستثمار معها في مشاريع «تأجير من الباطن»، بدعوى أنها تقوم باستئجار شقق من مالكيها مباشرة، ثم تؤجّرها لعدة أشخاص بنظام السرير الواحد، وستتقاسم الأرباح الشهرية الناتجة عن التأجير معه.
طلب مفاجئ من الرجل
وافق الرجل على الدخول معها في هذا الاستثمار، فطلبت منه أن يلتقيا، ويدفع لها مبلغاً مالياً مقداره 15 ألف درهم، كبداية للعمل في المشروع، لكنه وضع شرطاً فاجأ الفتاة، وخطّتها.
أبلغ الرجل الفتاة أنه سيسلمها المبلغ نقداً، وفوراً، لكنه ولضمان حقوقه سيأخذ منها «شيك ضمان بقيمته»، هنا أصبحت الفتاة في موقف مُحرج لأنه بهذه الطريقة سيكشف شخصيتها الحقيقية، إن سلمته شيكاً باسمها.
لعلاج هذه المُعضلة، توجهت الفتاة إلى مكتبها، وبحثت في الملفات المُكدّسة، فوجدت شيكاً «ضمان» باسم امرأة كانت قد سلمته لها منذ فترة طويلة، ولم تردّه إليها، فقررت استغلال الشيك، وانتحال اسم المرأة صاحبته أمام الرجل.
أخذت الفتاة الشيك وتوجهت من أجل لقاء الرجل، وادّعت أن اسمها هو «اسم المرأة» المدوّن على الشيك، ثم أخذت منه مبلغ 15 ألف درهم وسلّمته الشيك، واتفقا على اللقاء الشهري لتقاسم الأرباح فيما بينهما.
اختفت ولم تظهر
مضى الشهر، وحان موعد تسديد الأرباح بناء على الاتفاق بين الطرفين، إلا أن الفتاة اختفت، ولم تعد تجيب الرجل على اتصالاته، فأيقن أنه تعرّض لعملية نصب واحتيال.
أخذ الرجل «شيك الضمان» الذي بحوزته، وتوجه إلى البنك لاستخدامه، وصرفه لاسترداد ماله، إلا أن البنك أبلغه أن التوقيع على الشيك غير مُطابق للتوقيع الموجود في سجلاته، لذلك فإن هذا التوقيع «مزوّر».
لجأ الرجل، على الفور، إلى الجهات الشرطية، وقدم بلاغاً بتعرّضه للاحتيال، وتزوير الشيك، فتواصلت الشرطة مع المرأة المدوّن اسمها على الشيك، وطلبت منها الحضور إلى مركز الشرطة.
لم يشاهدها.. ولم تشاهده
حضرت المرأة إلى مركز الشرطة، ووقفت إلى جانب الرجل، فلم يعرف أيّ منهما الآخر. يقول الرجل «لم أشاهد هذه المرأة مُسبقاً، ولم أتعامل معها، ولم ألتق بها».
أما المرأة، فقالت إنها «لم تقم بتسليم الشيك إلى الرجل، ولم يسبق أن تعاملت معه، وإن التوقيع على الشيك يختلف كلياً عن توقيعها الحقيقي في البنك».
وأضافت أنها «لا تعلم من وقّع على الشيك، ومن سلّمه للرجل، لكن سبق لها أن تعاملت مع فتاة تعمل في شركة للخدمات، وسلمتها شيكاً على بياض كضمان لمعاملة تتعلق بتثبيت إقامة زوجها، وأن هذه الفتاة لم تُعد الشيك إليها بعد تثبيت الإقامة».
القبض على المُحتالة
بعد إفادة المرأة، تمكنت الجهات الشرطية من معرفة هوية الفتاة، والمكتب الذي تعمل فيه، فألقت القبض عليها، ثم طلبت من الرجل الحضور إلى مركز الشرطة، وعندما شاهدها كانت ردّة فعله: «هذه هي من احتالت عليّ وسلّمتني الشيك».
الاعتراف بالجريمة
رضخت الفتاة بعد كشف أمرها، وأقّرت بتسليم الشيك إلى الرجل، والتوقيع علي، بعد أن حصلت عليه من المرأة في مقر عملها كضمان، ولم تُعده لها، مُؤكدة أنها «خدعته بأن ادّعت له بأنها سوف تقوم باستثمار المبلغ في تأجير الشقق بالباطن».
لائحة اتهام وحكم المحكمة
رفعت النيابة العامة في دبي لائحة اتهام بحق الفتاة إلى الهيئة القضائية في محكمة الجنايات، تتضمن 3 اتهامات، هي: «التوصل إلى الاستيلاء لنفسها على أموال منقول عبارة عن مبلغ 15 ألف درهم العائدة إلى المجني عليه»، إلى جانب تهمتَي تزوير «الشيك»، واستعماله لغرض الاحتيال.
خلال المحاكمة، أقرت الفتاة بتنفيذها جريمة الاحتيال على الرجل، لكنها قدمت تنازلاً مُصدقاً منه بعد أن أعادت المبلغ المالي إليه.
نظرت المحكمة القضية، وقضت بانقضاء الدعوى في تهمتها الأولى المتمثلة في «الاستيلاء على مال الرجل استناداً إلى التنازل الشخصي منه»، لكنها دانت الفتاة بتهمتَي «تزوير الشيك»، و«استعماله»، وحكمت بمعاقبتها عن التهمتين بالحبس لمدة شهر، والإبعاد عن الدولة، ومصادرة الشيك المزوّر.