ثلاثة وخمسون عاماً مضت، شهدت إنجازات دولة تخطّت بريادتها وتفرّدها عالمياً تلك السنوات بمراحل، فعلى أرض الواقع استطاعت الإمارات أن تحقق تقدماً منقطع النظير في شتى مجالات الحياة، وها نحن نحتفل بعيد الاتحاد الـ 53، المناسبة التي تُعد فخراً لكل مواطن كان لإسهاماته دور في رفعة هذا البلد، وتقدمه.
نلتقي في السطور التالية نماذج حفرت اسمها بحروف من نور في قطاعات العمل المختلفة، لتتحدث عن دورها، ودعم الدولة اللامحدود في نجاحها.
د. مي الطائي: الإمارات نموذج عالمي ملهم في شتى المجالات
الدكتورة مي ليث الطائي، مديرة كلية الإمارات للتطوير التربوي، تقول «نستذكر في هذه المناسبة الغالية على قلوبنا، مسيرة البناء والعطاء التي رسّخ أسسها الآباء الأوّلون، وتابعتها القيادة الرشيدة، لتصبح الإمارات نموذجاً عالمياً ملهماً في شتى المجالات، ومثالاً يحتذى عنوانه «الإنجازات الرائدة والتنمية المستدامة القائمة على الإنسان». ومن أبرز هذه الإنجازات التي تستحق الفخر والاعتزاز، تلك التي حققتها المرأة الإماراتية التي كان نجاحها وتميّزها الشغل الشاغل للوالد المؤسس المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فأرسى اللبنة الرئيسية لتمكينها، ودعمها في كل المجالات، لاسيما في قطاع التعليم، انطلاقاً من رؤيته الحكيمة بأنها شريك محوري في مسيرة البناء والتنمية، فاستطاعت إثبات ريادتها وتفوّقها في شتى القطاعات، بفضل التعليم والتدريب المتقدم الذي وفّرته لها الدولة. فبإلقاء نظرة سريعة نجد أن نسبة الإلمام بالقراءة والكتابة بين الإناث في الدولة بلغت نحو 95.8 %، بينما تواصل 95% من خريجات المدارس الثانوية تعليمهنّ في مؤسسات التعليم العالي، في حين تشكّل الإماراتية نسبة 70% من خريجي الجامعات، وأكثر من 40% من إجمالي العاملين في قطاع التعليم. وتشغل الإماراتية اليوم نحو 75% من المناصب في قطاعَي التعليم والصحة».
وتابعت د. مي «نُعَد شعباً محظوظاً لانتمائنا لدولة تؤمن بأن تمكين التعليم ليس وسيلة لاكتساب المعرفة فقط، بل هو أداة حيوية تدعم الإنسان والمجتمع، وتسهم في دفع عجلة التنمية المستدامة. فاليوم أصبحت الإمارات في طليعة الدول التي تستثمر بشكل كبير في تطوير التعليم، ما أسهم في إعداد أجيال قادرة على قيادة المستقبل، يتلاقى ذلك مع أهداف ورؤية كلية الإمارات للتطوير التربوي. ونجدّد عهدنا، بمناسبة عيد الاتحاد الـ 53، على مواصلة العمل بروح الاتحاد، وتمكين الأجيال القادمة من التربويين، ودعمهم لاكتساب المهارات والخبرات اللازمة للمساهمة الفعالة في بناء مستقبل إماراتنا المشرق، وسنعمل بكامل طاقتنا لتأهيل أفضل الكوادر التعليمية لتلبية احتياجات المستقبل، ولنمضي بثقة، وعزيمة، وثبات، وتفانٍ في طريقنا للخمسين عاماً المقبلة».
د. حميد الشامسي: الأطباء الإماراتيون يكرّسون مهاراتهم لخدمة وطنهم
من جانبه، يبيّن الدكتور حميد عبيد بن حرمل الشامسي، استشاري الطب الباطني وأمراض الأورام والسرطان، ورئيس جمعية الإمارات للأورام «برز الأطباء الإماراتيون على مستوى عالمي بفضل جهودهم المتواصلة، والتزامهم برفع مستوى الرعاية الصحية في الدولة، وتكريس مهاراتهم لخدمة مجتمعهم، ووطنهم الذي سخّر لهم الغالي والنفيس من أجل الارتقاء بالقطاع الطبي، والوصول به إلى العالمية. كل هذه الأجواء الصحية أسهمت في تفوّقنا، نحن الأطباء، وجعلتنا ندرك حجم المسؤولية التي تقع على عاتقنا، فاستطعنا، بفضل الله تعالى، تحقيق التفوق الأكاديمي والمهني، وتطوير هذا القطاع باستقطاب أحدث التقنيات الطبية والبحثية، ما عزّز من إمكانات التشخيص والعلاج لكثير من الأمراض. وعلى مستوى تخصصنا، فقد أسّسنا أكبر برنامج لزراعة النخاع العظمي، للأطفال والبالغين، في الدولة، والذي يمثل نقلة نوعية في تقديم العلاج الشامل والمستدام للمرضى، وقدمنا أبحاثاً تجاوزت الـ140 بحثاً علمياً في مجال السرطان، والأورام، وهو بكل تأكيد يُعد جزءاً أساسياً من دورنا في تحقيق نقلة نوعية في الرعاية الصحية، ويعكس التزامنا ببناء مجتمع صحي قوي. وإضافة إلى إنجازاتنا الأكاديمية والمهنية، نسعى دائماً لتقديم التوعية الصحية لأفراد المجتمع، عبر تنظيم حملات التوعية، وبرامج الفحص المبكر، ما يساعد على تقليل معدلات الإصابة بالسرطان، وزيادة فرص العلاج الناجح».
هذا التميّز والالتزام في خدمة المجتمع والوطن، يعكسان رؤية الإمارات 2031 الهادفة إلى بناء قطاع صحي، متقدم ومتكامل، وفي هذا الصدد يشير الدكتور حميد الشامسي «نتعهد في هذه المناسبة الوطنية العزيزة، عيد الاتحاد الـ53، بمواصلة العمل بروح العطاء والانتماء، لنسهم جميعاً في رفعة الوطن، وازدهاره، ولنضع الإمارات في مقدمة الدول التي تحقق التميّز في المجالات الصحية، فالقادم أفضل، بإذن الله، حيث إن الإمارات، بفضل قيادتها الرشيدة، في مصاف الدول التي تولي القطاع الصحي اهتماماً كبيراً، من أجل بناء أجيال تعيش الحياة وهي بكامل صحتها، وتقدمها».
أسماء الفهيم: ريادة الأعمال في الإمارات ليست مجرد هدف بل أسلوب حياة
أسماء الفهيم، رئيسة مجلس سيدات أعمال أبوظبي، تعلّق «منذ التأسيس على يد الوالد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، حققت الإمارات قفزات كبيرة في جميع المجالات، ومنها ريادة الأعمال الذي بدوره يوفر إطاراً لتحويل الفكرة إلى عمل تجاري، والنظر للتميّز باعتباره ليس مجرد هدف، بل أسلوب حياة نتبنّاه في كل ما نقوم به، وهذا ما يميّزنا نحن شعب الإمارات».
وعن عوامل نجاح قطاع ريادة الأعمال في الإمارات، تحدثنا الفهيم «إن أحد أبرز عوامل النجاح هو البيئة الداعمة، والفرص الواسعة التي تقدمها الحكومة الرشيدة للمستثمرين، وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فبفضل السياسات الحكومية المرنة، والأنظمة التي تشجع على الابتكار والاستدامة، تمكنّا من تحقيق طموحاتنا والإسهام في تقدم مجتمعنا، ووطننا. وعلى المستوى الشخصي، فأنا أعتبر أن ريادة الأعمال ليست مجرد إنشاء مشاريع، بل هي فرصة لخدمة المجتمع، عبر خلق وظائف تدعم الاقتصاد الوطني، وتشجع ثقافة الابتكار والإبداع، فمن خلال هذه المشاريع نسهم جميعاً في تعزيز مكانة الدولة كمركز عالمي للابتكار، والتنمية. ولا يمكنني أن أتحدث عن ريادة الأعمال والتميّز في الإمارات من دون أن أتوجه بجزيل الشكر والامتنان إلى سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، التي لطالما كانت داعماً كبيراً لريادة المرأة، وتعزيز دورها في المجتمع، إذ تُعد سموّها مصدر إلهام للكثيرات، بفضل رؤيتها الحكيمة، ومبادراتها السباقة التي أسهمت في تمكين الإماراتية في جميع المجالات، بما في ذلك ريادة الأعمال، لقد كانت سموّها، ولا تزال، حافزاً لنا جميعاً للاستمرار في العمل الجاد والمساهمة في تقدم وطننا الغالي. كما أتقدم بأسمى التهاني والتبريكات لقيادتنا الرشيدة، وشعب الإمارات، متمنية أن نواصل جميعاً مسيرتنا نحو المستقبل المشرق، وأن نعمل سوياً لتحقيق رؤية الإمارات بأن نكون من أفضل دول العالم، في جميع المجالات».
مريم المنصوري: خطوات استثنائية لتمكين الشباب الإماراتي من التميّز
لم يكن قطاع الصناعة في معزل عن اهتمامات ودعم الدولة اللامحدود، منذ التأسيس، وتوضح مريم المنصوري، مهندسة إنتاج رئيسية في شركة أداسي، التابعة لمجموعة إيدج، «منذ تأسيس اتحاد دولتنا، اتخذت القيادة الرشيدة خطوات استثنائية لضمان مبدأ تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة، لتحقيق التميز في أدوارهما، حيث تحرص قيادتنا على بذل جهود ملموسة ومتكاملة لتمكين الشباب الإماراتي، بكل فئاته، من التفوق في مختلف المجالات، التعليمية والعملية. وأما في ما يتعلق بخريجي العلوم المتخصصة، فيقدم برنامج «EDGE IGNITE» انطلاقة مميّزة لبناء مسيرة مهنية ناجحة، إذ يتلقّى المشاركون تدريباً شاملاً على مدى 15 شهراً، يدمج بين التعليمين: الافتراضي والحضوري، إضافة إلى توفير الإرشاد الشخصي، وتنمية المهارات الأساسية. وفي هذا السياق، تقوم المرأة الإماراتية بدور حيوي في دعم وتطوير الصناعة المتسارعة النمو في الدولة. على سبيل المثال، فقد أدّت النساء الإماراتيّات دوراً بارزاً في نجاح نظام «قرموشة»، الخاص بالطائرات من دون طيار المزوّدة بأجنحة دوارة. ونحن كنساء، نقوم بأدوار مزدوجة من حيث الأمومة والعمل، حيث نسعى جاهدات لتوفير أفضل رعاية لأطفالنا، بالتزامن مع التفوق والنجاح في حياتنا المهنية. وهذا الإصرار الممزوج بالمرونة يمكنّنا من كسر الحواجز، وتجاوز العقبات في حياتنا الشخصية، وفي القطاعات التي نعمل فيها، مع تحقيق إنجازات رائعة في مجال عملنا، وفي غيره من المجالات. وسواء في «أداسي»، أو عبر مجموعة «إيدج»، تتوفر للنساء الإماراتيات فرص كبيرة للارتقاء بدراستهن إلى أعلى المستويات، وتحقيق إنجازات كبرى في حياتهن المهنية. ومن خلال تجربتي الشخصية، أستطيع القول إن منظومة العمل شكّلت سنداً كبيراً لي في جهودي الأكاديمية، وتحقيق أهدافي المهنية، في ظل الدعم الاستثنائي المقدم للإماراتيات، بدءاً من المرحلة الثانوية، وصولاً إلى تحقيق النجاح والتفوّق في مختلف ميادين العمل».
أحمد الحفيتي: الإمارات حققت إنجازات في القطاع الزراعي المحلي
منذ التأسيس لم تدّخر الدولة جهداً لدعم التنمية الزراعية، وتعزيز معدل الأمن الغذائي الوطني المستدام، وفي رصد لتطوّر هذا القطاع يتحدث أحمد الحفيتي، صاحب مشتل وادي دفتا «ارتبطت بالزراعة منذ الطفولة، وعلى الرغم من تخصص دراستي البعيد عن هذا المجال، إلا أنني لم أنسَ أبداً شغفي بالزراعة، وكنت أستغل أيّ سفرة لي إلى الخارج لجلب البذور والشتلات لمشروعي الذي يضم مشتلاً يضم آلاف الشتلات لنباتات عطرية، ونباتات الزينة، والزهور، والفواكه، والخضار، وبعض المكسّرات، مثل الفستق، والكاجو، والبهارات الهندية، والنباتات الاستوائية، وغيرها».
ثمة إضافة حقيقية يتلمسها أحمد الحفيتي على أرض الواقع «وراء كل شيء عظيم يُنجز قيادة لديها رؤية عميقة، تتمثل في تحقيق الريادة في القطاع الزراعي المحلي، ورفع جودة الإنتاج، وتعزيز الزراعة العضوية، وتأهيل المزارعين لتنفيذ استثمارات مستدامة تحقق مستهدفات الأمن الغذائي، وما نشهده من مبادرات تصب في هذا الجانب، يستلزم أن يكون أبناء الدولة جزءاً منها. وها نحن اليوم، ومنذ أن أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، البرنامج الوطني «ازرع الإمارات»، قمنا على الفور بتخصيص ألفين من شتلة الكاكاو، نقدمها هدية لكل من يريد أن يشارك في هذا الهدف الوطني، كما نأخذ على عاتقنا جلب الشتلات من الخارج، وإخضاعها للظروف المناخية في الدولة، لنتعرف إلى سبل زراعتها وفق الإمكانات البيئية لدينا، بجانب تقديم الورش للطلاب في المدارس والجامعات، وإمدادهم بالمعلومات والإرشادات المتعلقة بالزراعة، وكذلك تقديم النصائح عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز ثقافة «ازرع الإمارات».