جمعت بينهما الصداقة في كل شيء الحلو والمر والحب ثم السجن، كونا معًا أغرب تشكيل عصابي، عناصره مكونه من الزوج الذي يعمل كبائع، والزوجة التي تعمل كممرضة صباحًا وسكرتيره ليلًا.
استغلت السكرتيرة الحسناء وجودها في عيادة طبيب النساء والتوليد لتتعرف على كل كبيرة وصغيرة، ومن هنا راودتها فكرة النصب على السيدات الراغبات في الإنجاب، الفكرة كانت فكرتها والتنفيذ كان عن طريق زوجها. حققا نجاحًا ملحوظًا في عملياتهما الاجرامية، ربما أمرهما لم يكن ليكتشف بهذه السهولة لولا خطأ وقع فيه الدجال المتحرش، فأوقع بالجميع.. تفاصيل مُثيرة دارت أحداثها وسط العاصمة.
لم يكن المتهم من عتاة الإجرام لكن ساقته الظروف إلى السجن بشكل درامي. نجح في خداع الجميع لفترة ليست بالقصيرة. بدأت الحكاية منذ بضعة سنوات، عندما ارتبط المتهم بزوجته التي تعمل ممرضة، حياتهما كانت تسير بشكل طبيعي، لكن مع زيادة أعباء الحياة اضطرت الزوجة للعمل في الفترة المسائية سكرتيرة عند أحد أطباء النساء والولادة، أما زوجها فالتحق للعمل في الفترة المسائية بإحدى المحال التجارية كبائع. ظروف الحياة أثرت بشكل أو بأخر على استقرار الحياة الزوجية، الزوج لا يكل ولا يمل من البحث عن حلول غير تقليدية للخروج من أزمته المالية الخانقة.
السكرتيرة وخطة الشيطان
عرض الزوج على زوجته حلًا غريبًا وربما غير تقليديًا، فكر في استئجار شقة صغيرة في إحدى الأماكن الشعبية حيث تتوه فيها الوجوه، كانت الخطة تتمثل في أن تستغل زوجته الممرضة معرفتها بكل كبيرة وصغيرة عن المرضى المترددين على عيادة الطبيب الذي تعمل لديه ومن ثم تقوم بالإيقاع بهن بطريقة أو بأخرى.
بدأت الخطة في التنفيذ من خلال الممرضة البشوشة، حيث تقوم بعمل صداقات مع المترددين على العيادة، ونظرًا لأنها تعمل سكرتيرة خاصة للطبيب فهي على علم بكل صغيرة وكبيرة تخص المرضى. بدأت الفكرة من الحالات التي تعاني من تأخر الإنجاب ولكن بشروط محددة وهي الحالات التي يرجى منها الشفاء لكن مع استمرار العلاج ولا يوجد موانع كبرى تعوق مسألة حملهن. وبعدها تبدأ المرحلة الثانية من الخطة وهي تكوين صداقات مع المترددين على العيادة، ثم تحاول اقناعهن بأنها تعرف أحد "الشيوخ" يطلق عليه لقب (الشيخ البركة) يستطيع عمل الأحجبة وفك الأسحار، بالإضافة إلى قدرته على علاج العقم ومساعدة النساء في تعجيل الإنجاب. وبطريقة أو بأخرى نجحت الممرضة البشوشة في خداع الجميع والتأثير عليهن وإقناعهن بالذهاب للشيخ البركة. الغريب في الأمر أن كثير من الحالات بدا أنهن يستجبن للعلاج الوهمي أو النفسي الذي يمنحه الدجال المبروك الذي كان يشترط على كل ضحاياه الاستمرار في المتابعة مع الطبيب، وفي حقيقة الأمر كانت نسبة شفاء السيدات تعود في الأساس إلى الطبيب الذي كان يجهل ما يحدث من وراء ظهره.
تخدير واغتصاب
كانت كل الأمور تسير بشكل مرتب ومنظم لا تشوبه أي شائبه، إلى أن وقع الدجال في المحظور، عندما حضرت إليه سيدة جميلة في نهاية العقد الثالث من العمر، تفوح منها رائحة العطر الجميل، وجهها البشوش لا يدل أبدًا على سنوات عمرها، بمجرد رؤيتها ارتعدت مشاعره وكأنه لأول مرة يرى سيدة جميلة. جلس أمامها وبدأ في الاستماع إليها وكأنه هو من بحاجة للعلاج وليس هي، بدأت الزوجة تحكي للدجال البركة حالتها الصحية ومدى شغفها واشتياقها للإنجاب. تنهد الدجال النصاب تنهيدة كبيرة، ابتسم ابتسامة الواثق من نفسه، أكد لها أنه سيبدأ في جلسات العلاج. أغلق الأنوار، شرع في إشعال النيران والبخور، وضع بعض المواد غير المعلومة ليزيد الأمر إثارة ومنح الزوجة الجميلة كوبًا من الماء وطلب منها تناوله حتى النهاية، لم تمر سوى دقائق معدودات حتى غابت الزوجة عن الوعي تمامًا وبدأت رحلة الذئب البشري المتمثل في صورة «معالج روحاني» في انتهاك جسد الزبونة الضحية بلا شفقة أو رحمة تحت تأثير المخدر،.وبعد مرور بعض الوقت استيقظت الزوجة من غفوتها لكن كل شيء كان قد انتهى، هددها الدجال النصاب بالفضيحة لو أخبرت أي شخص بتفاصيل ما حدث، مؤكدًا لها أن عليها نسيان هذا الأمر وكأنه لم يكن.
غادرت السيدة المسكينة منزل الدجال والخيبة والهزيمة تلاحقها، وتخشى العار والفضيحة، لملمت شتات نفسها، فكرت ماذا تفعل، هل تستجيب لكلام الدجال أم تُبلغ عنه حتى تنال انتقامها منه؟.. وفي وسط صراعها النفسي قررت أن تذهب إلى قسم شرطة العاصمة لتحكي تفاصيل ما حدث بداية من الممرضة التي أقنعتها بالذهاب إلى الشيخ النصاب مرورًا بما حدث لها من اغتصاب وانتهاك لأنوثتها. لم تمر سوى دقائق معدودات حتى تم تسيير مأمورية لمكان الدجال النصاب ومداهمة منزلة حيث عُثر على العديد من الأحجبة وصور النساء وكتب السحر وأنواع مختلفة من البخور، وتم القبض عليه وزوجته بتهمة ممارسة الدجل والشعوذة واغتصاب سيدة تحت تأثير المخدر. فوجئت زوجته الممرضة الجميلة بالنصف الثاني من الاتهام وهو الاغتصاب، لم تصدق ما سمعت، وقع الخبر عليها كالصاعقة ما دفعها للاعتراف بكل شيء انتقامًا من زوجها الخائن في وجهة نظرها.
اعترافات مدوية للدجال النصاب
تحدث الدجال زعيم التشكيل العصابي بعد سقوطهما في قبضة رجال الشرطة، قائلًا "فعلت أكثر من جريمة ونجحت بشكل أو بأخر إخفائها عن الجميع، بل وحافظت على حُسن سيري وسلوكي دون لفت الانتباه لي، ظللت أعمل لبضعة سنوات وحققت نجاحًا ملحوظًا في هذا المجال، زبائني كانوا من مختلف الفئات المجتمعية، بمساعدة زوجتي الممرضة التي كانت تقدم لي تقرير وافي بحالة الزبونة (الضحية) قبل البدء في عقد الجلسات المختلفة". وواصل المتهم كلامه "دفعتني شهوتي لارتكاب حماقة كبرى، بعدما سال لعابي على سيدة جميلة في نهاية العقد الثالث من عمرها، قمت بهتك عرضها وهددتها بالفضيحة وأقنعتها أنها لن تنجب أبدًا لو علم أي شخص بتفاصيل ما فعلت، لكنها لم تكترث لكلامي، حيث أبلغت عني وعن زوجتي الشرطة، حتى فوجئت برجال المباحث يداهمون منزلي للقبض عليه، بعدها انهار كل شيء، وتم القبض على زوجتي التي علمت بعد إلقاء القبض على تفاصيل محاولة اغتصابي للزبونة الضحية فاعترفت بكل شيء انتقامًا مني".
تمت إحالة الدجال المتهم وزوجته للنيابة العامة التي أمرت بحبسهما 15 يوم على ذمة التحقيقات الجارية معهما، واستدعاء بعض السيدات اللاتي وردت أسمائهن في دفتر الحالات المتعاونة والمترددة عليه للاستماع لأقوالهم تمهيدًا لإحالة المتهم وزوجته إلى محكمة جنايات العاصمة.
* القاهرة: كريم سليمان