كيف نحمي المرأة في عصر الذكاء الاصطناعي، بينما نرى التطبيقات الاجتماعية تركّز على جمالها، ويتفنن صنّاع المحتوى في إبراز مفاتنها، متغاضين عن قصص نجاحاتها، العملية والثقافية؟
وكيف نحميها من الإساءات التي ترتكبها الإعلانات بحقها، وتمتهن كرامتها بلا رحمة، بجعلها نموذجاً للفتنة والمعايير الاستهلاكية، كأنها لا تبحث سوى عن التسلية في نمط أنثوي يلغي دورها المهم في تنمية المجتمع؟
لقد زادت هذه التطبيقات جرعة التحدّيات، والعنف الذي يقع على المرأة، في سعيها لتحقيق التوازن بين قبولها الاجتماعي، وتحقيق ذاتها، بعيداً عن معايير الجمال السائدة، وتتجلّى أهم مشكلاتها في أنها تعزّز، وتوجِّه الأفكار والسلوكات ناحية تمجيد الجمال الخارجي، على حساب الذكاء، والأخلاق، أو الإنجازات الفكرية، فالمرأة الجميلة تستحق كل شيء، بينما يتم تهميش المرأة العادية، بغضّ النظر عن مستواها الفكري، أو الأخلاقي، ما يؤثر سلباً في رؤية المجتمع للمرأة، بشكل عام.
وتؤدّي هذه الرسائل المتكرّرة إلى تأثيرات نفسية سلبية، ليس في النساء فقط، بل في المجتمع بأكمله، فهي تخلق لدى المرأة التي لا تتوافق مع معايير الجمال السائدة في هذه الإعلانات، والدراما، شعوراً بالدّونية يدفعها إلى البحث عن طرق لتعديل مظهرها الخارجي، بما في ذلك اللجوء إلى الجراحات التجميلية، التي قد تكون خطرة ومكلفة، نفسياً وجسدياً، وتغرس في عقول وأفكار الصغار عدم تقدير المرأة إلا لجمالها.
ومع ازدياد ظاهرة التركيز على الجمال الخارجي بشكل كبير، تزداد معدلات الاكتئاب والقلق لدى النساء اللاتي يشعرن بأن قيمتهنّ تعتمد على شكلهنّ الخارجي فقط، ما يحدّ من قدرة المجتمع على تقدير النساء بشكل شامل، فالمجتمع يحمل مسؤولية تثقيف الأجيال الصاعدة حول قيمة المرأة الحقيقية، بعيداً عن القوالب النمطية، ورفض أيّ محتوى لا يبرز إنجازات النساء في مجالات مختلفة، مثل العلوم، والفنون، والسياسة، ويسلط الضوء على قصص نجاح نساء قُمن بتغيير العالم بفضل عقولهنّ، وجهودهن.
ويجب أن يدرك كل فرد في المجتمع أن المرأة ليست مجرّد وجه جميل، أو جسم متناسق، بل هي كائن يحمل في داخله عقلاً مبدعاً، وأخلاقاً عالية، وروحاً قادرة على الإلهام والتغيير، والتركيز على هذه الجوانب التي ستحدث تغييراً إيجابياً في نظرة المجتمع للمرأة، وتعزز من ثقتها بنفسها.
كما يجب على وسائل الإعلام أن تتبنّى رؤية أكثر شمولية ومتوازنة للمرأة، من خلال إنتاج محتوى درامي يُظهر النساء بأدوار قيادية، ومؤثرة، ويركز على قوتهنّ الفكرية والأخلاقية، بدلاً من التركيز المفرط على الجمال الخارجي.
إن حماية المرأة من التأثيرات السلبية للإعلام، والدراما، تبدأ بتغيير جذري في طريقة التفكير، والمعايير المجتمعية، يركّز على أن الجمال ليس هو المعيار الوحيد لتقدير المرأة، بل إن عمقها الفكري ومساهمتها في بناء المجتمع، هما ما يستحقان التقدير والإشادة، وهذا التغيير سيسهم في تعزيز ثقة المرأة بنفسها، ويقلل من الضغوط التي تدفعها إلى تغيير مظهرها الخارجي للقبول الاجتماعي.
وحماية المرأة من الصور النمطية التي ترفع من شأن الجمال، وتقلل من قيمة الصفات الأخرى، واجب مجتمعي وأخلاقي، يتطلب جهوداً مشتركة بين وسائل الإعلام، والمؤسسات التعليمية والثقافية، والأفراد، لتحقيق تغيير إيجابي، يعيد للمرأة مكانتها الحقيقية ككيان مؤثر، ومبدع، وليس كوجه جميل فقط.
اقرأ أيضاً: سألنا الرجال.. ما الصفات التي تفضلها في المرأة؟