بين ليلة وضحاها، تحوّل شاب فلسطيني من أهالي غزة إلى شخصية تُخصص لها تقارير مصوّرة في وسائل إعلام أمريكية، وأوروبية. إنه حمادة شكورة، مؤثر «إنفلونسر» يتابعه نصف مليون شخص في أنحاء العالم، يشاهدون نشاطه وهو يشمّر عن ذراعيه أمام موقد وسط الشارع ليطبخ عشرات الوجبات لأطفال غزة الجياع، كل يوم.
قبل الحرب على القطاع، اعتاد حمادة نشر تسجيلات خفيفة حول أماكن التسلية والمطاعم في غزة. لكن منذ السابع من نوفمبر الشهير، تحوّل الشاب الساخر إلى طباخ ماهر، واتخذت حساباته وجهة جديدة. وبفضل هاتف ذكي، واتصال متقطع بالشبكة، اتسعت شهرة «حمادة شو»، وراح ينشر تفاصيل عمله الذي هو طريقته الخاصة في المقاومة.
يعتمد حمادة شكورة (33 عاماً) على ما هو متوفر من مواد أولية، ومن خضار وحبوب، تباع بسعر زهيد في أسواق شعبية، أو قد يجد ضالته في معلّبات وأكياس تأتي من إعانات دولية. وهو يعرف أن الغزّاويين غير معتادين على الوجبات الباردة التي تصل في علب الكرتون من المتبرّعين، أو المعلّبات الخالية من مذاق مقبول. لذلك يستخدم مهارته في طهي الطعام، ويتكفل بتحويل المعلّبات إلى طبخات شهية مخصصة لأطفال المنطقة التي يكون فيها. فهو قد اضطر للتنقل 3 مرات مع زوجته وأطفاله، بعد هدم البيت الذي كان يقيم فيه.
يصوّر حمادة نشاطه اليومي ويبث تسجيلاته كل أسبوع عبر «إنستغرام». وفي التسجيلات يبدو الطباخ وهو يحرك ملعقته الخشبية الطويلة في قدور واسعة، بينما يتحلق الأطفال حوله في انتظار استواء الطبخة، وهي أطعمة تتنوع ما بين أنواع الحبوب من رز، وبرغل، وقمح، وشوربة الخضار والبطاطا، أو الدجاج في حال توفره. ونقل تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية عن عدد من الأطفال قولهم إنهم يحبون ما يقدمه لهم حمادة، لأن وجباته «زاكية»، وهي مفردة في اللهجة الفلسطينية تعني لذيذة.
ومع تقارير الأمم المتحدة عن مخاطر المجاعة، وعواقب سوء التغذية على أطفال غزة، يؤكد حمادة شكورة في تسجيلاته أنه سيواصل نشاطه هذا حتى تستقر الأوضاع، حيث يأمل أن تنتهي الحرب، فهو مثل غيره من الآباء، يريد لأبنائه أن يكبروا في سلام.