يبدأ فيلم «جلال الدين» ، إخراج: حسن بنجلون (المغرب- 2024)، برجل يدخل مسجداً وينهار مريضاً. لن يتجه الفيلم لشرح حالته البدنية، لكننا سنعلم أن الرجل فقد زوجته، وهو في حالة رثاء شديدة أثّرت فيه. ننتقل من هذا الوضع إلى بعض ذلك التاريخ، وعلاقته مع زوجته الطيّبة، وابنه الشاب الذي يبدو على مفترق طرق سيختار، تبعاً للقصّة، بعض التيه، قبل أن يلتقي والده الذي بات الآن شيخاً.
في مقابلاته، ذكر المخرج بنجلون أن الفيلم هو دعوة للتسامح، وإبراز القيم الأخلاقية والإنسانية. هذا موجود بالفعل في الفيلم، لكن ليس هناك جودة في أيّ عمل لمجرّد نيّته، ورسالته. هاتان عليهما أن تتمتعا بما يتجاوز مجرّد السّرد، وإبداء النصيحة، وإيجابيات التطوّر من الخطأ إلى الصواب. في «جلال الدين» معرفة في كيفية سرد الحكاية، مع مشاهد استرجاعية تبدو قلقة، لكنها تؤدي الغرض منها. لكن ليس هناك أيّ جهد إضافي لشحن ما نراه بمزايا فنية بارزة. حتى التمثيل الجيد، توظيفياً، من ياسين أحجام في دور جلال الدين، له حدود في رفع درجة الاهتمام بالعمل ككل.
فيلم حسن بنجلون السابق لهذه المحاولة «من أجل القضية» حوى أفكاراً أفضل في سبيل سرد وضع إنساني أعلى ببعض الدرجات من هذا الفيلم الجديد. حكاية الشاب الفلسطيني الذي لا يجد وطناً، والصحفية اليهودية التي تتعاطف معه، لم يرضِ كثيراً من النقاد (على عكس هذا الفيلم الجديد الذي تناقل ناقدوه أفكاره أكثر مما بحثوا في معطياته الأخرى)، لكنه كان أكثر تماسكاً كحكاية، وأكثر إلحاحاً. بدوره، لم يحمل تطوّراً كبيراً في مهنة المخرج التي تعود إلى سنوات عدّة، لكنها كانت محاولة محترمة لمخرج أراد المزج ما بين القضية الماثلة (بطل الفيلم عالق على الحدود بين الجزائر والمغرب)، وبين تلك الدعوة للتسامح التي يطلقها الفيلم الجديد أيضاً.