في عالمٍ تسوده الأضواء والشهرة، حيث يتحوّل كل لحظة إلى محتوى مرئي، يعيش المؤثرون والمشاهير على منصات التواصل الاجتماعي حياة مملوءة بالتناقضات. فبين الصورة المثالية التي يقدمونها للجمهور، وبين الواقع المعقد الذي يعيشونه، تسلّط المسلسلات الدرامية العربية الضوء على هذه التناقضات بشكل صريح، ومباشر، وآخرها المسلسل الكويتي «الفاشنيستا»، الذي يكشف عن الصراعات، النفسية والاجتماعية، التي يعانيها أبطالها.
وقد حاورت «كل الأسرة» الممثلتين لولوة الملا، وآسيا، بطلتي مسلسل «الفاشنيستا The Fashionista»، المؤلف من 6 حلقات، والذي انطلقت أولى حلقاته اليوم 9 يناير، عبر +OSN، كأول مسلسل قصير من إنتاجها، ويقدم تجربة مشاهدة مشوّقة، وغنية بالفكاهة والأحداث الرائعة، وغير المتوقعة، من خلال استكشاف مختلف جوانب ثقافة المؤثرين في منطقة الخليج العربي.
تدور أحداث المسلسل حول شخصية مريم الطموحة، التي يدفعها شغفها إلى العمل كمؤثرة تحفيزية، حيث تدفعها نواياها الحسنة إلى تحقيق هدفها النبيل المتمثل في إلهام الآخرين، لكن سعيها الشديد للوصول إلى الشهرة يستحوذ على اهتمامها بشكل كامل، ما يؤدي إلى سلسلة من الأحداث التي تزخر بالمنافسة والطموح، في إطار الدراما الرقمية.
أبطال مسلسل «الفاشنيستا» نخبة من نجوم الكويت
يشارك في هذا المسلسل القصير نخبة من النجوم، منهم لولوة الملا، بدور مريم، وبيبي العبد المحسن، وآسيا، وفاي فؤاد، ومحمد ميرزا، وحمد أشكناني، ويوسف البلوشي، وجمال الردهان بدور والد مريم، وسلوى خطاب بدور والدة مريم، وهدى الخطيب بدور والدة زوج نور.
دفع مشاهير «السوشيال ميديا» لاختيارات سلبية
من جهتها، تحدثت بطلة المسلسل، لولوة الملا، عن التناقضات التي يستعرضها المسلسل، بين الحياة الحقيقية وكيفية مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتقول: كلنا نعرف أن ارتفاع «الفيوز» هو دليل نجاح وشهرة للمؤثر، وجمع هذا العدد العالي من المشاهدات قد يتطلب من المشهور أن يختار اختيارات سلبية قد تؤثر فيه هو شخصياً، في المقام الأول، وقلة الوعي وسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يسببان أضراراً على المستويين، النفسي والأخلاقي.
جماهير «السوشيال ميديا» تشكل ضغطاً على المشاهير
لفتت لولوة إلى تغيّر نظرتها تجاه وسائل التواصل الاجتماعي، قائلة: ازداد تعاطفي الشخصي مع أيّ مؤثر ذي شهرة واسعة، لأن مع هذا القدر من الجماهير المتابعة قد يشكل ضغطاً يومياً كبيراً على المؤثر، الأمر الذي يؤثر في جوانب حياة هذا المشهور النفسية، بل وفي المحيطين به، وبالتالي، قد يحاول أن يكوّن هذا المشهور للجمهور صورة مثالية غير حقيقية عن حياته، والعديد من الطرق الأخرى، التي قد تضر حياة هذا الشخص. «فالسوشال ميديا» من وجهة نظري، مكان قاسٍ، ومشاركة تفاصيل الحياة الشخصية بشكل يومي مع الجمهور أمراً ليس سهلاً.
في «السوشيال ميديا» تختلف الآراء الجارحة والأحكام
وعلّقت لولوة الملا على دور مسلسلات، مثل «الفاشنيستا»، في تحسين مجتمعاتنا، وطريقة تواصلنا في الحياة الواقعية، مقابل الافتراضية، وتقول: إيضاح بعض جوانب المعاناة التي قد يمرّ بها أيّ شخص للوصول لأهدافه، وتذكيرهم بأنهم بشر، وأن نعرف ما يمرّون به، لا يكون في «السوشيال ميديا» فقط، ففي الحياة الحقيقية التي قد ننجرف فيها، بسبب ضغوطات مواقع التواصل الاجتماعي، فكل شخص له تحدّياته الخاصة في الحياة، و«السوشيال ميديا» تختلف فيها الآراء الجارحة والأحكام، وهي حتماً ستؤثر في نفسيتنا، إذا حدثت بشكل يومي، فالتعاطف هو الخيار الأفضل دائماً، بدلاً من إلقاء الكلمات الجارحة، كما يجب أن نعزز الوعي بتأثير «السوشيال ميديا» في العلاقات المحيطة بنا، والأصدقاء، وأفراد العائلة، في حال سوء استخدامها.
ومن خلال حرصنا على إيصال رسائل إيجابية للمشاهدين، انعكست هذه الحالة على فريق العمل أثناء التمثيل، كنا نعمل بروح عائلة واحدة، ليصبح العمل في أحلى صورة، من خلال انتقاء الأزياء ودلالاتها، وتفاني الممثلين في تأدية الدور، وتنوّع الألوان والموسيقى بزوايا جديدة في هذه الدراما، وطريقة الطرح الشبابية، والجديدة من نوعها في دراما الكويتية.
«السوشيال ميديا» تضع صورة مثالية للمشاهير
أما النجمة آسيا، فعلقت على الطريقة التي يتم فيها تشكيل صورة عن المشهور من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت: وضع صورة مثالية للمشاهير، تجعل من السهل عرض نسخة مختلفة عن شخصياتهم، وما يواجهونه من تعقيدات، ومشاكل، وتحديات في حياتهم اليومية. فما نراه على شبكة الإنترنت يعد جزءاً صغيراً جداً من الحياة الكاملة للشخص. من خلال هذا المسلسل، أردنا تسليط الضوء على العديد من الجوانب في حياة الشخص على أرض الواقع، ومختلف الجوانب الاجتماعية المعقدة، مقابل ما يختار إظهاره على وسائل التواصل الاجتماعي. في نهاية الأمر، كل شخص تشاهده على الإنترنت لديه حياة مملوءة بالأحداث والتفاصيل، ويواجه الكثير من المشاكل والتحدّيات، مثلك تماماً، باعتبارك مستهلكاً لهذا المحتوى.
دروس نتعلمها من «السوشيال ميديا»
وأضافت آسيا: المشاركة في مسلسل «الفاشنيستا» ذكرتني بأن وسائل التواصل الاجتماعي تمتلك تأثيراً خاصاً بها، فبمجرد أن يصبح شيء ما، معروضاً على شبكة الإنترنت، فلا يمكن إيقافه، أو التحكم في طريقة عرضه، أو الطريقة التي يتم استقباله بها، والتحدث عنه. كما أن المشاركة في المسلسل علّمتني أن أتقبّل حياتي كشخصية مشهورة كما هي، ففي حياتي الخاصة، يكون الأمر سهلاً إلى حد ما، لكن في حياتي المهنية يصبح الأمر أكثر صعوبة، بسبب التوقعات، والضغوط المرتبطة بها. كما أعتقد أن التفاعل مع الآخرين من منظور إنساني، وإضفاء الطابع الإنساني على الحالات والمواقف التي نشاهدها على الإنترنت، يعتبران أكبر درس نتعلّمه من وسائل التواصل الاجتماعي.
طريقة التعامل مع مشاهير «السوشيال ميديا»
وتابعت: نحن جميعاً عرضة لارتكاب الأخطاء، كما أننا جميعاً عرضة للتأثر بالمواقف التي نشاهدها، والانجراف مع شدّة هذه المواقف، لذلك، فإن مثل هذه المسلسلات تلفت الانتباه إلى أن علينا التفاعل مع الأشخاص الذين نشاهدهم على الإنترنت، بنفس الطريقة التي نتفاعل بها معهم عندما نجلس أمامهم، ونتواصل معهم وجهاً لوجه. فإذا لم تكن قادراً على قول شيء ما، لشخص ما، وأنت تنظر في عينيه، فيجب عليك عدم كتابته مطلقاً على الإنترنت. خلف الشاشة، أنت تمثل نفسك، ومسؤول عن كل ما تكتبه. وخلف شاشة الشخص الذي تكتب له، أو تكتب عنه، يوجد إنسان يتأثر بردود فعلك، وكلماتك، ويشعر بها تماماً كما تشعر وتتأثر أنت بها. مسلسل «الفاشنيستا» يسلط الضوء على كل هذه الأمور.
«الفاشنيستا» عمل فني كبير
واختتمت آسيا اللقاء بالحديث عن أجواء العمل في مسلسل «الفاشنيستا»، قائلة إنه المفضل لديها حتى الآن على صعيد علاقات الصداقة التي كوّنتها، والاحترافية العالية التي يتمتع بها فريق العمل «التجربة في هذا المسلسل كانت فريدة من نوعها، بمعنى أنه لم يرغب أحد في الابتعاد عن المجموعة المشاركة في المسلسل، حتى في الأيام التي لم يكن فيها تصوير. يتمتع المخرج أحمد عبد الواحد بمهارة رفيعة في إدارة كادر العمل، مع المحافظة على طاقة الجميع، وإلهامهم، وهو مخرج رائع لديه القدرة على تحفيز الإبداع لدى الممثلين، وتنسيق أدائهم. ويعتبر مسلسل «الفاشنيستا» متميزاً بفضل التعاون بين OSN، والمجموعة الوطنية للصناعات الإبداعية NCIG التي تولت إنتاج وتطوير المسلسل في استوديوهاتها، حيث يشكل هذا المسلسل عملاً فنياً على قدر كبير من الأهمية، يحمل رؤية واضحة وهادفة.
رسالة محبة ضمن المشهد الحيوي لوسائل التواصل الاجتماعي
من جهته، سلط المنتج المنفذ الكويتي وصانع المسلسلات والكاتب، يوسف القناعي، على مختلف المواضيع الاجتماعية المعقدة بطريقة ذكية، ومبتكرة. وتعليقاً على هذا الموضوع، قال القناعي: «يقدم مسلسل The Fashionista رسالة محبة ضمن المشهد الحيوي لوسائل التواصل الاجتماعي، في منطقة الخليج العربي، لا سيّما وأنه يزخر بالأحداث الفكاهية، والملهمة، مع الدراما والتشويق. كما أردنا التعبير عن جوهر هذه الثقافة المميّزة من خلال طرح أسئلة عميقة تتعلق بالشهرة، والصداقة، والمصداقية».
صناعة قصص مبتكرة وذات تأثير
وتعليقاً على عرض المسلسل، قالت شيخة الصباح، المنتج المنفذ للمسلسل والرئيس التنفيذي لـ NCIG: «كان التعاون مع OSN في إنتاج The Fashionista تجربة إبداعية مثيرة للغاية. في NCIG، رؤيتنا هي صناعة قصص مبتكرة وذات تأثير، يصل صداها إلى كل أفراد الأسرة العربية الحديثة، بينما ندفع حدود الترفيه إلى آفاق جديدة. إن العمل جنباً إلى جنب مع شريك قيّم مثل OSN كان بمثابة شهادة على قوّة الإبداع، والابتكار، والتنوع الثقافي، في سرد قصصنا المحلية. في NCIG، نحن ملتزمون بتوحيد أعظم العقول والفنانين، لإنشاء محتوى عالي الجودة، وجذاب يلهم الأصوات الجديدة، والسرد الجريء. هذا المشروع هو مجرد بداية لرحلة تهدف إلى رفع مستوى صناعة الإبداع التلفزيوني العربي إلى آفاق جديدة».