هل سيكون العام الجديد بداية للرحلات والسياحة الفضائية؟ وما هي المشروعات المبتكرة التي توسع آفاق السفر في مدار الأرض؟
من المتوقع أن يشهد قطاع السياحة الفضائية تطورات كبيرة هذا العام، خصوصاً في طبقة الستراتوسفير من الغلاف الجوي، أي على بعد نحو ثلاثين كيلومتراً من سطح الأرض. وإذا لم تكن الرحلات في هذه الطبقة من الغلاف الجوي رحلات فضائية حقيقية، فإن الارتفاع فوق سطح الأرض لهذه المسافات يوفر بحد ذاته متعة خاصة، وتجربة فريدة في مشاهدة انحناءات الأرض، واستكشاف الظلام المحيط بها. وستكون هذه المغامرة المميّزة في متناول جمهور واسع ممن يعشقون الفضاء، ويتحمسون للسفر خارج كوكبنا، حيث يستمتعون بمشاهدة ذلك الجمال والإبداع الربّانيّين من ارتفاعات شاهقة جداً.
تطور رحلات البالون الستراتوسفيري
بعدما أتمَّت شركة «زيفالتو» الفرنسية الناشئة، رحلتها التجريبية المأهولة بنجاح في أكتوبر 2024، تخطط اليوم لبدء نشاط تجاري طَموح يتعدّى مجرد السياحة إلى البعد العلمي.
أما شركة «ستراتوفلايت» الفرنسية كذلك، فتعمل من جهتها على تطوير نظام نقل مبتكر في طبقة الستراتوسفير، من خلال كبسولة مجهزة بمنصة تشبه الشرفة تقع خارج المركبة، وتتيح للمسافرين الخروج إلى الفضاء، بعد الاستعداد بارتداء بدلة الضغط، واستخدام وحدة دعم الحياة. وقد تقرر أن تنطلق هذه الرحلة التجريبية في الربع الأول من عام 2025، وتتوقع «ستراتوفلايت» إنجازاً كبيراً على هذا الصعيد.
وفي قطاع الطيران الخاص، تدرس شركة «أكسيوم سبيس»، بالتعاون مع شركة «سبيس إكس»، القيام بمهمتين؛ الأولى AX-4، ومن المقرر إطلاقها في فصل الربيع، وستحمل طاقماً مكوّناً من أربعة رواد فضاء، منهم عضو في وكالة الفضاء الهندية (إيسرو)، ورائد فضاء مَجَري، ورائد فضاء بولندي من وكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، أما المهمة الثانية فسوف يتم تأجيلها إلى العام المقبل.
هل ستؤثر حالة مركبة بوينغ ستارلاينر في الرحلات السياحية مستقبلاً؟
تخطط شركة SpaceX ليكون هناك تناوب بين رواد الفضاء من خلال إطلاق Crew-10 في نهاية مارس، وCrew-11 في يوليو، على أن يعود إلى الأرض رائدا فضاء ستارلاينر «بوتش ويلمور»، و«سونيتا ويليامز»، العالقان في الفضاء منذ أكثر من 10 اشهر، بسبب مشكلات تقنية واجهتها مركبتهما أثناء رحلتها إلى محطة الفضاء الدولية (ISS) في شهر يونيو 2024، ومنها تسرب الهيليوم وأعطال مختلفة في نظام الدفع. وبقرار من وكالة ناسا، وحفاظاً على سلامة رائدَي الفضاء، مازال «ويلمور» و«سونيتا» في المحطة الدولية حتى اليوم، بعدما كانا سيقضيان في الفضاء وفقاً للبرنامج ثمانية أيام فقط.
ومازال مصير مركبة ستارلاينر التابعة لشركة بوينغ غير مؤكد، ولكن ما هو مؤكد أنه تقرر إطلاق رحلة تشغيلية، إكسبيديشن 73/74، في نهاية العام وعلى متنها طاقم مكون من أربعة رواد فضاء. ومع اقتراب نهاية العمر الافتراضي لمحطة الفضاء الدولية، حددت «ناسا» وشركاؤها الدوليون، مثل اليابان وكندا ووكالة الفضاء الأوروبية، عام 2030 ليكون عام تقاعد المحطة قبل توقفها عن العمل نهائياً في عام 2031، وبهذا قد تصبح فرص رحلات البشر إلى الفضاء محدودة.
أول مهمة بشرية في المدار القطبي
وفي السياق، تستعد شركة سبايس إكس لإطلاق «FRAM2»، أول مهمة بشرية لها في مدار قطبي، لمراقبة الأرض. ومن المقرر أن تنطلق هذه المهمة الخاصة، التي لن تكون سياحية، في نهاية العام، بطاقم مكوّن من أربعة رواد وما يلزم من حمولة. أما الهدف الرئيس من الرحلة، فهو تنفيذ برنامج علمي حول التفاعلات الجوية، ودراسة الظواهر الضوئية، وصحة رواد الفضاء.
أول محطة فضائية خاصة
وفي عام 2025، سيتم إطلاق «هافن-1»، وهي وحدة صالحة للسكن من شركة «Vast» الأمريكية، وسيتم نقلها على متن مركبة «SpaceX Falcon 9»، وستوفر هذه المحطة، التي تعد من المشروعات الفضائية الواعدة لهذا العام، مساحة صالحة للسكن تبلغ 45 متراً مكعباً، وهي مصممة لاستيعاب أربعة أشخاص يمكنهم أن يقيموا فيها 30 يوماً. وستعمل على ارتفاع 425 كيلومتراً فوق الأرض، الأمر الذي يوفر ظروفاً مثالية للتجارب العلمية، وأنشطة الجاذبية الصغرى. وستكون «هافن -1» تجربة نموذجية لإرسال «هافن-2» في عام 2028، وهي وحدة أكبر حجماً تتسع لعدد أكبر من الركاب.
أخيراً، تعتزم الصين القيام برحلتَي «شنتشو»، خلال شهرَي مايو ونوفمبر، إلى محطتها الفضائية الصينية. كما سيتم تنفيذ تناوب طاقمين خلال رحلتَي إكسبيديشن 73، وإكسبيديشن 74، إلى محطة الفضاء الدولية باستخدام مركبة الفضاء الروسية «سويوز».