هل انتهى عصر النجومية؟ ماذا يحدث في عاصمة السينما هوليوود؟
عندما يتساءل البعض عن غياب الممثل أو الممثلة- النجم، فإن ذلك يعكس وضعاً فعلياً هوليوود تصنعهم حالياً لكي تضعهم معاً في بطولة أفلامها المكلفة. وإذا ما رفض بعضهم تحويل مستقبله إلى «حساء خضراوات» فإن احتمال نجاحه منفرداً يهتز بقوّة.
أين ذهب الممثل- النجم؟ لماذا لم نعد نراه كما كان آباؤنا يفعلون، كلما أطل بفيلم جديد يتولى بطولته؟ ما الذي يحدث حقاً في عاصمة السينما العالمية؟
إذا كان السؤال حول عمالقة التمثيل في الفن السابع أمثال مارلون براندو، تايرون باور، كلارك غايبل، باربرا ستانويك، جاك نيكولسن، صوفيا لورِين، جوليانو جيما، همفري بوغارت، جيمس ستيوارت، كاثرين دينوف، انطوني كوين، وعشرات سواهم، فإن الجواب هو أن معظمهم وافته المنية ورحل عن الدنيا. القلة الباقية اعتزلت، أو تجهد لأن تبقى حاضرة. المثال الأبرز هنا كاثرين دينوف (81 سنة) التي شوهدت هذا عام 2024 في ثلاثة أفلام متعاقبة.
نجوم ينتظرون رنين الهاتف
أما إذا كان السؤال منوطاً بنجوم جيل الثمانينيات والتسعينيات، ممن ما زالوا أحياء، أمثال سلفستر ستالون، وأرنولد شوارتزنيغر، وسيغورني ويفر، وسوزان ساراندون، وأنطوني هوبكنز، ومل غيبسن، وجسيكا لانغ، وكيم باسنجر وغلن كلوز، وهاريسون فورد، وستيفن سيغال، وروبرت دي نيرو، وآل باتشينو، وسواهم من الجيل ذاته، فحبهم للبقاء على الشاشة مثالي يدفعهم للظهور، إما في أدوار مساندة، وإما في أفلام صغيرة معظمها يتوفر على منصات الاشتراكات. بعضهم الآخر ينتظر أن يرنّ هاتفه مرّة كل ثلاث، أو أربع سنوات من العزلة.
أما بالنسبة إلى الزمن الحالي، فإن الأمور مختلفة، فعلى الأقل تمتّع من تم ذكرهم أعلاه بأدوار خالدة لا تُنسى، في أنواع سينمائية متعدّدة (أكشن، دراما، كوميديا، ميوسيقية، إلخ…). أفلام ستالون، على ركاكة بعضها، كانت تخليداً لطريق شقّه بنجاح، على الرغم من صعوبته. أفلام كلينت ايستوود هي ذخر سينمائي متنوّع، وثري المضامين. جيسيكا لانغ رائعة في كل دور قامت به خلال العشرين سنة السابقة من هذا القرن.
الحال أنه لم يعد هناك ممثلون كثيرون يستطيعون حمل أعباء فيلم واحد، من نقطة الانطلاق إلى أعلى قائمة النجاح. أحد القلّة توم كروز، وذلك بسبب سلسلة Mission:Impossible التي قاد بطولتها منفرداً، والذي ما زالت لديه ورقة واحدة من هذا المسلسل، مفترض فيها أن تهبط على شاشات السينما في مايو المقبل.
فيلم النجم الواحد.. مخاطرة
بكلمة أخرى: لم يعد هناك نجوم كما كان الحال في زمن مضى. نعم هناك توم هانكس، وروبرت داوني جونيور، وجوني دَب، وسكارلت جوهنسن، ودانيال كريغ، ونيكول كِدمن، لكن، وعلى عكس الماضي البعيد عندما كان اسم الممثل رهاناً على إقبال هائل لجمهور لا يفوّت أي فيلم له، لا يستطيع أحد من هؤلاء، على الرغم من ذيوع اسمه، ضمان نجاح فيلم واحد.
ما يثبت ذلك هو استقراء حقيقة سقوط أفلام قام المذكورون أعلاه بأداء بطولاتها منفردين، لكنها أثمرت عن فتور إقبال، كما حال توم هانكس، وجنيفر لورنس، وجوني دَيب، وروبرت داوني جونيور.
هل قضت هوليوود على نجومها؟
الحادث فعلياً أن هوليوود قضت على نجومها بنفسها.. كيف فعلت ذلك؟ ما هو المنهج الذي اتبعته، ولماذا؟
الذي حصل، منذ ثلاثة عقود وإلى اليوم، هو أن هوليوود أطلقت، منذ مطلع هذا القرن، مئات الأفلام ذات الأجزاء المتسلسلة، بحيث بات اهتمام الجمهور منصبّاً على الفيلم، وليس على الممثل الذي لم يعد وحده في معظمها، بل يؤازره ممثلون آخرون، من نفس حجم النجومية.
كثير من هذه المسلسلات تضع عدّة ممثلين مشهورين في البطولة، كما حال سلسلة The Avengers التي ضمّت روبرت داوني جونيور، وسكارلت جوهانسن، وغوينيث بولترو، وسامول ل. جاكسن، كريس حمسوورن، ومارك روفالو، وكريس إياانز، تحت مظلّتها.
في مسلسل «كابتن أمريكا»، وإلى جانب داوني جونيور وجوهانسن، وإيفنز أيضاً، تناثر بول رد، وتوم هولاند، واليزابث أولسن. كل واحد من هؤلاء قدّم في هذا المسلسل، وسواه من أفلام الكوميكس، والسوبر هيروز نمرته، وقبض أجره، ومضى منتظراً الجزء التالي.
أي فيلم خارج هذه المنظومة مرجّح فشله. بذلك تكون هوليوود قد أسهمت في دفن نجومها عبر توجيه الجمهور لقبول الجميع معاً، على طريقة «اشترِ اثنين واحصل على الثالث مجاناً».
لذلك، لا عجب أن أعلى الأفلام إيراداً حول العالم كسرت إمكانية تعزيز العودة إلى أيام كان اسم ممثل كبير واحد (لنقل كلينت ايستوود، أو أنطوني هوبكنز)، كفيلاً بجرّ أقدام المشاهدين إلى صالات السينما، بسببه هو.
الأفلام العشرة التي تقود قائمة أعلى الأفلام رواجاً حول العالم تتألف من أربعة أفلام من «الأنيميشن»، هي Inside Out 2، وDespicable Me 4، وMoana 2، وKung Fu Panda 4.
بعض هذه الأفلام جاءت بممثلين مجهولين، وأخرى جلبت بعض الأسماء المعروفة. في «إنسايد آوت 2» تم الاعتماد على عدد من الممثلين غير المعروفين، أمثال مايا هوك، وليزا لابيرا، وتوني هايل، ولويس بلاك.
في «مونا 2» تمّت الاستعانة باسم معروف واحد، هو دواين جونسن، الذي تقاضى 50 مليون دولار، وتمّت إحاطته بممثلين مجهولين. نعم، الإقبال على هذا الفيلم أثمر عن 441 مليون دولار حتى الآن (ما زال معروضاً)، لكن ليس بسبب اسم بطله جونسن، بل بسبب تطبيع جمهور مستعد لأن يرى الفيلم كحلقة مسلسلة أكثر مما يهتم لو أن جونسن أودنزل واشنطن، قام بالأداء الصوتي.