19 يناير 2025

محمد رُضا يكتب: أحلام ذهبت مع الريح

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

مجلة كل الأسرة

  وصلت إلى فندق رويال بالاس في منطقة وستوود فيلاج بعد الساعة الواحدة ليلاً بقليل. لم أكن أرغب في التحدث إلى أحد، لكن الشاب الذي وقف وراء مكتب الاستقبال قرأ اسمي وحدّثني بالعربية. سألني عن مهنتي فقلت «ناقد أفلام».

انطلق يتحدّث عن حبه للتمثيل، لكنه لاحظ أني أكتفي بهز رأسي معظم الوقت. قال: «انتظر لحظة. أنا أحب التمثيل ولذلك جئت من المغرب إلى هنا. سأمثل لك شيئاً من شكسبير».

خرج من وراء مكتبه وألقى جزءاً دام دقيقتين من «هاملت». أدّاه وألقاه بعنايةِ من خَبر تمثيل الدور مسرحياً. أبديت إعجاباً صادقاً بأدائه. ثم استأذنت وحملت حقيبتي إلى غرفتي.

حدث ذلك قبل نحو عشر سنوات. حال عودتي إلى الفندق بعد زيارة لمهرجان تورنتو في منتصف الشهر التاسع من العام الماضي ، مررت على الفندق وسألت عنه. تذكّره عجوز يعمل هناك منذ ذلك الحين لكنه لا يعرف عنه شيئاً. أخبرني صديق أن المغربي عاشق التمثيل اكتفى بالزواج من أمريكية وهو يعمل في متجر.

ماذا تفعل إذا كنت طموحاً ولم يسعفك الحظ في تحقيق طموحك؟ هناك الآلاف منا، نحن العرب الساعين لتحقيق أحلام كانت تبدو سهلة المنال، حقق بعضنا بعضاً منها، والباقي ذهب مع الريح.

هناك مخرجون عرب من أجيال مختلفة جالسون في منازلهم بعدما قدّموا أوراق اعتمادهم في حفنة من الأفلام. فجأة وجدوا أنفسهم كما لو كانوا من خارج هذا العالم. طمحوا وسعوا ولم ينجحوا لأن من يستطيعون تحقيق الأحلام يداومون النظر بعيداً.