هناك العديد من القضايا التي تحفل بها أفلام العالم. مشاكل ومتاعب فردية ومجتمعية وكونية. حتى أفلام السوبرهيروز والكوميكس باتت تختلق عوالم مماثلة لتقديم حكاياتها التي سيحلها (ولو إلى الفيلم التالي قبل أن تبدأ من جديد) البطل المغوار وأصحابه العجيبون.
لكن معظم ما يصلنا من أفلام «قضايا» هي أفلام مخلصة لما تعرضه. هذا العام مثلاً يمكن وصفه بعام فلسطين لناحية الأفلام التي تناولت ما تمر به غزة من أوضاع صعبة وغير إنسانية.
عام السينما الفلسطينية
في مقدمة هذه الأفلام عملان للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي الذي قام هذا العام بتقديم فيلمين في وقت متقارب. الأول من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة» والثاني من إخراج 22 مخرجاً ومخرجة، جمعها أشرف مشهراوي في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر». جميع هذه الأفلام تتحدّث عن غزة وما حدث فيها في الأسابيع الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة. بعض تلك الحكايا مؤثر وبعضها الآخر توليف روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعاً تكشف عن مواهب لو قدّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.
ذكريات الحرب في البوسنة
ذكريات الحرب نجدها في فيلم المخرج البوسني دنيس تانوفيتش الجديد «صيفي المتأخر» (My Late Summer). تانوفيتش يقدم فيلمه باسم بوسنيا وهرزوغوفينا كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بالأوسكار كأفضل فيلم أجنبي عن «أرض لا أحد» No Man Land. صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها في شخصية بطلته.
حدث ذات مرّة
تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصربي المتمثل في Russian Consul («قنصل روسي») للمخرج ميروسلاف لكيتش. في عام 1973، عندما كانت يوغوسلافيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه. تم إرساله إلى كوسوفو؛ حيث يجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفييتي و«عودة روسيا كروسيا» حسب قول الفيلم.
التاريخ يعود مجدداً
في فيلم البرازيل وولتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» «I'm Still Here»، وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات. في الإطار نفسه يعود بنا الفيلم الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازر قام بها الشيوعيون الحاكمون في البلاد ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.
وفي «أمواج»/ Waves للتشيكي ييري مادل حكاية أخرى عن كيف ترك حكم سابق آثاره في ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.
تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة» الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة.
حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وقد عاشت مؤخراً حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما تم اغتيال الرئيس بارك الذي قام به رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (تم إلقاء القبض عليه لاحقاً وإعدامه). وفيلم 12.12: The Day، هو ثالث فيلم شاهده هذا الناقد حول الموضوع ذاته.