09 فبراير 2025

مهرجان برلين السينمائي 2025 يعود بوعود ومواجهاً تحديات جديدة

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

مجلة كل الأسرة

ينطلق مهرجان برلين السينمائي الدولي في الثالث عشر من هذا الشهر، وفي البال إنجاز دورة ناجحة، على عكس دوراته في السنوات الثلاث الأخيرة. لكن ما هي هذه التحدّيات، وهل ينجح المهرجان الكبير في التغلب عليها؟

الأميركية تريشيا تاتل، مديرة مهرجان برلين
الأميركية تريشيا تاتل، مديرة مهرجان برلين

إنها الدورة الخامسة والسبعين تستمر لعشرة أيام، تحت إدارة جديدة تقودها الأمريكية تريشيا تاتل التي خلفت إدارة أخفقت في جلب السينمائيين الأهم، كما كان الحال في عقود برلين الغابرة.

مجلة كل الأسرة

فشل الإدارة السابقة سبب رئيسي في هذا التراجع، لكنه ليس الوحيد. وهناك حقيقة أن المهرجان يبدأ باكراً في كل عام، ما يحدّ من قدرة الأفلام المعروضة فيه على الانتقال إلى رحاب موسم الجوائز، وصولاً إلى الأوسكار، كما حال مهرجانَي «كان» و«فينيسيا» اللذين يتنافسان، حالياً، على من يستطيع إيصال فيلمه إلى ترشيحات الأوسكار، هذا العام. تقوم المنافسة بين فيلم «ذَ بروتاليست»، الذي عُرض في فينيسيا، و«إيميليا بيريز»، الذي عرضه «كان»، كلاهما سيدخل سباق الأوسكار رسمياً، لكن واحداً فقط، قد يفوز بالجائزة الثمينة.

كذلك بين مخرجَيه، برادي كوربت وجاك أوديار، كما بين أبطال كلا الفيلمين، مثل أدريان برودي عن «ذَ بروتاليست»، وزوي سالادنا في «إيميليا بيريز»

مشهد من فيلم Blue Moon
مشهد من فيلم Blue Moon

عقبات أمام مهرجان برلين السينمائي

هذا وضع دخيل يترك أثره في مجمل عمليات الاختيار، والعروض، في الوقت الذي يحاول فيه مخرجون، أوروبيون وعرب وآسيويون، كثيرون، إيجاد موطئ قدم في مثل هذه المناسبات. في هذا الاتجاه، يبدو أن «برلين» هو الذي يحظى باهتمام المخرجين والمنتجين الذين ما زالوا أكثر استقلالية، وأقلّ شهرة من سواهم.

على أن المشكلة الأساسية الكامنة في تفضيل المخرجين والمنتجين «الكبار»، مهرجانَي «كان» و«فينيسيا» ما زالت قائمة، ومؤثرة. عقبة لا يمانع المهرجان الألماني في تجاوزها في الدورات المقبلة إذا ما استطاع.

حالياً، فإن معظم الأفلام المشتركة في مسابقة هذه الدورة، وخارجها هي لأسماء قليلة الشهرة، أو جديدة، وغير معروفة كثيراً، كما تفصح قائمة الأفلام المتسابقة لدورة هذا العام.

 تضم القائمة 19 فيلماً، من بينها فيلمان فقط، لأسماء تتمتع بالحضور الفني، والإعلامي، هما الأمريكي رتشرد لينكلاتر الذي سيعرض فيلمه الجديد Blue Moon ، والروماني رادو جود الذي يتقدّم بفيلم «كونتيننتال 25»، كلاهما اشترك في مسابقات ودورات «برلين» من قبل.

الباقون من ذوي الأسماء الأقل شهرة، مروراً بمن لا شهرة لهم على الإطلاق. هذا لا يعني حكماً لمصلحة، أو ضد أحد، بل واقع حال لمهرجان ما زال يلعب الدور الكبير في حياة السينما العالمية، على الرغم من هذه العقبات المذكورة.

رغم ذلك، وتأكيداً على أهميّة دوره، قامت الحكومة الألمانية بمنح المهرجان مبلغ مليونَي يورو، علاوة على الميزانية المقررة له سابقاً. وهناك صعود تدريجي في كلفة هذا الحدث منذ 2011، عندما بلغت ميزانيته 19 مليوناً ونصف المليون، وحافظت على هذا القدر للعامين التاليين، ثم ارتفعت إلى 21 مليون يورو، ثم أضافت مليون يورو كل سنة حتى عام 2020، عندما ارتفعت مجدداً إلى 27 مليوناً و200 ألف يورو. وفي 2021 تم تقليص الميزانية إلى 21 مليوناً و300 ألف يورو، ثم ارتفعت مجدداً في العام التالي إلى 28 مليوناً و800 ألف يورو، وواصلت ارتفاعها في عام 2023 لتبلغ 32 مليوناً و300 ألف يورو. وفي العام الماضي، ارتفعت الميزانية مجدداً إلى 33 مليون يورو، قبل إضافة المنحة الجديدة لدورة هذا العام.

مجلة كل الأسرة

ثلاثية سعودية خاصّة

الاشتراك السعودي لافت هذه السنة، ومضمون عبر ثلاثة أفلام تم تمويلها مشاركة في دول عربية وغربية أخرى.

في المسابقة «يونان» لعمير فخر الدين، الذي يحمل اسم المملكة لجانب ألمانيا، وكندا، وإيطاليا، غرباً، وفلسطين، وقطر، والأردن، شرقاً. دراما حول مؤلف كتب عربي يترك بلاده مهاجراً إلى جزيرة تقع في شمال أوروبا، بغية الانتحار. سيعدل عن ذلك بتأثير من امرأة مسنّة تدير الفندق الذي حل فيه. أسماء مهمّة في هذا الفيلم، منها الفلسطيني علي سليمان، والألمانية هانا شيغولا، كما اللبناني جورج خبّاز.

الفيلم الثاني انطلق كإنتاج مصري في الأساس تحت عنوان «التسوية»، لمحمود رشاد (يعرض في قسم «رسبكتيفز»)، وأغلب تمويله جاء من السعودية، وقطر، وفرنسا، وألمانيا. قصّة شقيقين أمام أزمة ناتجة عن حادث وقع لوالدهما في المصنع الذي يعمل فيه، والذي يعرض تسوية غير مناسبة.

الفيلم الثالث سيعرض خارج المسابقة (برليناري سبَشال)، مع أعلام ثلاث دول ترفرف فوقه، وهو «رؤى موروثة للمستقبل» (Ancestral Visions of the Futur) المنتمي إنتاجياً إلى السعودية، وألمانيا، وفرنسا، ومن إخراج سينمائي جديد هو لاموهانغ جريمايا موسَس. هذا فيلم غير روائي لم يُكشف بعد عن موضوعه.

 وبينما من المبكر الحكم على هذه الأفلام، وعلى كل الأفلام الأخرى، حتى بقراءة خلفيات بعض مخرجيها الذين سبق لهم وحققوا أفلاماً، إلا أنه يمكن القول إن سبعة عشر فيلماً من تلك المتسابقة تعرض عالمياً للمرّة الأولى، باستثناء فيلمين، هما الأمريكي «لو كان عندي سيقان لرفستك» If I Had Legs I'd Kick You، كوميديا من الجديدة ماري برونستين، الذي سيعرض في مهرجان صندانس خلال الأيام القليلة المقبل.

الفيلم الثاني من النرويج بعنوان «أحلام. جنس. حب» لداغ يوهان هوغرود، الذي بوشر عرضه في النرويج هذا الشهر.