دفعت فتاة مبلغ 30 ألف درهم ثمناً لردّها على مكالمة هاتفية تلقتها من «رقم غريب»، لا تعرف صاحبه، بعد اتصاله بها في وقت مُتأخر من الليل.
وفقاً لتفاصيل القصة التي اطّلعت «كل الأسرة» عليها من حكم قضائي، فإن «المُتصل الغريب» استغل سذاجة الفتاة، وعدم وعيها، لسرقة المبلغ المالي الكبير منها، بكل سهولة ويسر.
اتصال هاتفي يطلب تحديث البيانات
بدأت تفاصيل القصة عندما كانت الفتاة، تُطالع هاتفها النقال في مقر سكنها، قرابة الساعة الحادية عشرة ليلاً، وإذ برقم هاتف غريب يتصل بها، فتردّدت في الردّ عليه في البداية.
عاود ذات الرقم الاتصال بالفتاة عدّة مرات، فقررت الرد لاعتقادها أن أمراً ما سيئاً قد حدث، يجعل هذا الرقم «الغريب» يُلحّ في الاتصال عليها في هذا الوقت المُتأخر.
أجابت الفتاة على المكالمة الهاتفية، وإذ بالمُتصل يُباغتها في الحديث، ويُبلغها أن هذه المكالمة هامة جداً لها من قبل إدارة البنك الذي تضع حسابها فيه، مُستنكراً عليها عدم إجابتها على الهاتف بشكل مُبكر.
استطاع الرجل بسرعة أن يجعل الفتاة في موقف دفاعي لتصبح صيداً سهلاً في شباكه، ومخططاته الهادفة إلى سلب مالها، تقول الفتاة «أبلغني أنه موظف من البنك الذي أضع فيه مالي، وأنه يجب أن أعمل فوراً على تحديث بياناتي الشخصية، فتجاوبت معه، وأكدت رغبتي في تحديث البيانات».
وأضافت «طلب مني رقم حسابي الشخصي، فأخبرته به، ثم تلقيت رسائل من البنك عبارة عن رقم، فطلب مني أن أبلغه به، فقمت بسرده له، ثم تلقيت عدة رسالة نصية تفيد خصم مبالغ مالية من حسابي وصلت قيمتها إلى 30 ألف درهم».
بعد تلقيها رسائل الخصم، أغلق «المُتصل الغريب» الهاتف، فقد تمكن من سرقة حسابها المالي بكل سهولة ويسر، بسبب جهلها، ما أصابها بحالة من الذهول والصدمة، وسارعت إلى الاتصال بالشرطة لتقديم بلاغ حول الواقعة، ثم اتصلت بإدارة البنك من أجل مساعدتها لكن بعد فوات الأوان.
6 عمليات خصم
وفقاً لتقرير صادر عن البنك، فإن «المُتصل الغريب» استطاع عبر 6 عمليات بنكية من تحويل مبلغ 30 ألف درهم إلى حساب شخص يدعى «ن»، وقد يكون هذا الحساب عائداً إلى الشخص نفسه.
على الفور، باشرت الجهات الشرطية التحقيق في الواقعة، ومتابعة صاحب الحساب إلى أن تعرفت إلى هويته، حيث تبين أنه رجل يبلغ من العمر 37 عاماً، فتم إلقاء القبض عليه.
الرجل: أنا نجّار!
ادّعى هذا الرجل بعد ضبطه بأنه «لا تربطه أيّ علاقة بالفتاة المجني عليها، وأنه دخل الدولة قبل نحو 8 أشهر بتأشيرة عمل في مهنة نجار لدى شركة خاصة، وأنه لا يعمل لديها حالياً، وإنما يعمل وحده في مجالات مُختلفة».
وبعد مواجهته بواقعة النصب والاحتيال على الفتاة، ذكر الرجل أنه لا علاقة له بما حدث معها، ولا علاقة له بالحساب البنكي الذي تم تحويل المبلغ المالي إليه، رغم أنه مُسجل باسمه.
وحول كيفية وجود حساب بنكي باسمه، ادّعى بأنه «تعرّف إلى شخص من بلاده، وأن هذا الشخص طلب منه بطاقة هويته حتى يبحث له عن عمل، قبل نحو 3 أشهر، وأنه سلمه بطاقة هويته في ذاك الوقت».
ادّعى الرجل أيضاً أنه لم يستخدم بطاقة هويته في فتح حساب بنكي، وأنه لم يسبق له التوجه إلى البنك لفتح حساب، فيما لم يُقدم أي معلومات حول الشخص الذي تحجج بقيامه بأخذ هويته منه، سوى اسمه الأول فقط.
لائحة أتهام
بعد عدم الاقتناع بحجته، رفعت النيابة العامة، لائحة اتهام بحق الرجل إلى الهيئة القضائية في المحكمة الابتدائية بتهمة «التوصل إلى الاستيلاء لنفسه على مبلغ 30 ألف درهم من المجني عليها، بالاستعانة بطريقة احتيالية، وبانتحال صفة غير صحيحة، واتخاذ اسم كاذب».
وطالبت النيابة العامة بمعاقبته عملاً بالمادة 451 البند أولاً من المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بإصدار قانون الجرائم والعقوبات، والتي تنص على أنه «يعاقب بالحبس، أو بالغرامة، كل من توصل إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره، على مال منقول، أو منفعة، أو سند، وتوقيع هذا السند، أو إلغائه، أو إتلافه، أو تعديله، بالاستعانة بطريقة احتيالية، أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه، وحمله على التسليم».
إنكار.. والمحكمة: محاولة لإثارة الشك
مثُل الرجل أمام القضاء فأنكر التهمة الموجهة إليه، مُجدداً إنكاره للاحتيال والنصب على الفتاة، إلا أن المحكمة رأت أنه في ضوء أدلة الثبوت من أقوال المجني عليها، والحساب البنكي الخاص باسمه، فإنها «تعرض عن دفاعه، ولا تعول عليه، اطمئناناً منها لأدلة الثبوت سالفة الذكر بحقه».
ورأت المحكمة أن «دفاع المتهم وسيلة لدرء الاتهام، ودرب من دروب الدفاع لم يقصد منه سوى الإفلات من مغبة الاتهام»، مُشيرة إلى أنها «تلتفت عمّا أثاره دفع المتهم بإنكاره باعتباره محاولة منه للتشكيك في الدليل الذي اطمأنت إليه».
غرامة 35 ألف درهم
دانت الهيئة القضائية في المحكمة الابتدائية، الرجل بالتهمة الموجهة إليه، وقضت بتغريمه مبلغ 35 ألف درهم، مُوزعة بين 5 آلاف غرامة عن التهمة الموجهة إليه، و30 ألف درهم عن قيمة المبلغ الذي استولى عليه، وأمرت «في حال عدم تسديده الغرامة أن يُحبس عن كل 100 درهم لمدة يوم واحد».
كما قضت المحكمة بإبعاده عن الدولة بعد قضاء مدة الحكم، عملاً بالمادة 126 من المرسوم بقانون العقوبات والجرائم.