هدى الظهوري: أمزج بين الرسم والفيزياء لإبداع أعمال معاصرة ومتفردة

ترى أن اندماج الفنان في المجتمع الخارجي، وخروجه من بوتقة المتاحف، ضرورة حتمية كي يصل إلى الجمهور، وتدعو إلى إنشاء منصة افتراضية للفنانين الإماراتيين، يتبادلون فيها الآراء والخبرات لدعم إنتاجهم الفني، كما تطالب بزيادة رعاية الموهوبين، وتقديم الدعم الكافي لهم، ليبدعوا، ويطوّرا من أنفسهم.
في حوارها مع «كل الأسرة»، تتحدث الناقدة والفنانة التشكيلية هدى سيف الظهوري، عن كيفية دمجها بين دراسة الفيزياء والرسم، وكيف ساعدها ذلك على إنتاج أعمال معاصرة ومتفردة:

حدثينا عن بدايات المسيرة، ومتى بدأ شغفك بالرسم وهل كان شرارة انطلاق لاختيار مجال الدراسة؟
تخصصت في دراسة الفيزياء، وعلى الرغم من عدم ارتباط مجال الدراسة بالموهبة، لأسباب خارجة عن إرادتي، إلا أنني لم أستطع التخلي عن حلمي، وتعزيز موهبتي في المرسم الحر للشباب التابع لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية، لأمزج بين هوايتي، وما تعلمته، وأنتج أعمالاً معاصرة ومتفردة، تمزج بين الرسم والفيزياء.
تعبّر لوحاتك عن عدة مدارس فنية في عمل واحد، فلماذا اخترت هذا المزج؟
في الوقت الحالي لم يعد هناك وجود مؤثر للمدارس الفنية، والتي أصبح دورها مقتصراً على مجال الدراسة، فالتهجين أصبح السائد في أغلب الأعمال، ففي السابق كان هناك الإنسان والطبيعة، أما الآن فقد رافقتهما التكنولوجيا، ما فرض وجوب التداخل في المدارس الفنية في عمل واحد.

ترين أن المتاحف، على الرغم من أهميتها، غير كافية لتقديم الفنان إلى الجمهور، فما سبيل المبدعين لتقديم أعمالهم من وجهة نظرك؟
الاندماج في المجتمع الخارجي هو السبيل الوحيد لوصول الفنان إلى مبتغاه، فالخروج من بوتقة المتاحف إلى الجمهور ضرورة حتمية فرضها الواقع، ولا يكون ذلك إلا من خلال تواجد الفنان بين المخترعين، والأدباء، والتجار، وغيرهم.
أستخدم سعف النخيل لتشكيل دمى تروي قصص الماضي وتستشرف المستقبل
تكيّفين أعمالك حسب البيئة والأحداث المعاصرة، كيف تجسّدين ذلك على أرض الواقع؟
أحرص على تقديم البيئة الإماراتية في أعمال توظف الفن المفاهيمي، مثل «فن الأرض»، الذي يتميّز بأنه لا يعرض في القاعات، بل في الطبيعة، فأنا أستخدم سعف النخيل لتشكيل دمى تروي للمشاهد قصصاً وأحداثاً تستدعي الماضي، وفي الوقت نفسه تستشرف المستقبل.

ما أهم القضايا التي تشغل تفكيرك، وهل تترجمينها دائماً في لوحة تعبّر عنها؟
أهم قضية أسعى لنصرتها هي قضية الموهوب، فقد سلبت مني موهبة الابتكار في الصغر، ولم تجد من يرعاها، وأتذكر كم كنت طفلة مختلفة عن زميلاتي، شغوفة بالابتكار، إلا أنني لم أجد من يقدم لي يد العون، لذلك أسعى للوقوف مع كل المواهب، من خلال نقلها من المدارس إلى الجمعيات التي ترعاها، مثل جمعية المخترعين الإماراتية، فهناك حاضن وراع للمبتكرين، أمثال أحمد مجان، والمهندس أحمد الحسيني، وقد تعمدت ذكر اسميهما لأنهما جعلا المعارض العادية حاضنات للمواهب.
لديك اقتراح بوجود «منصة للفنانين»، افتراضية لتبادل الآراء والخبرات والأعمال المقدمة، حدثينا عن الاستفادة المرجوّة من هذا.
أطالب بوجود «منصة» خاصة بالفنانين الإماراتيين، وهي عبارة عن موقع افتراضي يتسنى للفنانين من خلاله أن يتشاركوا رؤاهم وأفكارهم، فيدعموا نتاجهم الفني كما ينبغي، فالفنان لا يكفيه لقاء صحفي، أو خبر يصدر عنه، بل هو في حاجة إلى دعم قوي، ومستمر. وبلا شك يحظى التشكيل الإماراتي بدعم بعض الجهات الراعية، إلا أنه ليس دعماً شاملاً، فضلاً عن أنه يقتصر على مجموعة صغيرة من التشكيليين، ونوّد أن يحظى الجميع بهذا من خلال تلك المنصة التي تظهر الجميع، وقد قمت بعمل منصة «فن هدى»، وأعمل حالياً على نقل الأعمال الموجودة فيها إلى مركز إبداعي متنقل.

أسدل الستار ،أخيراً، على معرضك المتنقل، ما السّر وراء سعيك لتنظيمه ومدى تفاعل الجمهور معه؟
أول نسخة تم تنفيذها في حديقة كشيشة بمنطقة الرحمانية، وحضر المعرض لفيف من المهتمين بالموهبة عموماً، وما يميّزه أن الأعمال الفنية كانت تعرض بجانب التاجر، والطباخ، والمزارع، وغيرهم، فالهدف كان عرض الموهبة باختلاف أنواعها لتلتقي جميعها في مكان واحد، والحقيقة أن الجمهور تفاعل كثيراً مع المعرض، ما أسعدنا كثيراً ودفعنا لأن نعيد التجربة مرة أخرى.
كيف أسهمت التقنيات الحديثة في جذب الزوار للفن التشكيلي؟
مواقع التواصل الاجتماعي سدّت الفجوة بين المنتج الفني، والجمهور، وبلا شك أسهمت في زيادة الانتشار لكثير من الأعمال الفنية، ولولاها ربما كانت ستبقى حبيسة المعارض، لا يصل إليها سوى نخبة من المهتمين بهذا النوع من الفن.

هل هناك جوائز أو تكريمات حصلت عليها؟
أول جائزة حصلت عليها في الفن كانت عام 1991، وفي عام 1997 حصلت على جائزة تشجيعية في الابتكار على مستوى الخليج العربي، وعام 2020 حصلت على عدة جوائز، عالمية ومحلية، في الاستدامة البيئية، وعام 2003 حصلت على المركز الثالث في جائزة رابطة الأديبات في الفن التشكيلي، وحصلت مرتين على جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميّز، فئة التربوي المتميز عامي 2021 و2025.
ما هي رسالتك في الحياة؟
رسالتي في الحياة أتوجه بها إلى الموهوبين، وأطلب منهم دائماً أن يصنعوا لأنفسهم مكاناً يليق بموهبتهم، فالموهبة نعمة تحتاج إلى من ينمّيها، وليس في قاموس البشرية كلمة اسمها مستحيل.

حدثينا عن عائلتك وكيف توازنين بينها وبين عملك؟
أغلى ما أملك في هذا الكون عائلتي، فسبب نجاحي هو دعمها لي اللامحدود، فقد حباني الله تعالى بأسرتي الكبيرة المتمثلة في أهلي، وأهل زوجي، وكلهم لديهم فضل في نجاحي، وأسرتي الصغيرة التي تُعد وقودي وقوتي في الحياة، أما ما يتعلق بالشق الثاني من السؤال، فأنا أسعى دائماً إلى التوازن في شتى أمور حياتي، ومن ضمنها اهتمامي بعائلتي، ومراعاة متطلبات عملي.
ماذا عن دعم شريك الحياة بالنسبة لك.
زوجي بمثابة الوقود الذي أستمد منه قوتي في الحياة، فهو الشريك الذي يقاسمني أحلامي وطموحاتي، تلك التي تتبلور في تربية أبنائنا ليكونوا فخراً لوطننا الحبيب، فلدينا ثلاثة أبناء، هم جزء من قلبي، محمد مبرمج كمبيوتر وعضو في شورى شباب الشارقة، ومريم فنانة ومبدعة، وعبد الرحمن أخذ مني شغفه بالحساب والرياضيات، وتجمعني بهم الرغبة في التميز في الشيء الذي يجدون أنفسهم فيه.

هل يوجد
أنتمي لعائلة يتمتع كل واحد فيها بموهبة مختلفة، فأختي فاطمة شغوفة بالرسم، وعلياء موهوبة بالكتابة، وأخي وليد مصور فوتوغرافي، وكلنا لدينا شغف بالهواية، ونسعى لتنميتها بكل ما أوتينا من قوة.
ما الذي تأملين تحقيقه على المستويين، الشخصي والعملي؟
إنشاء مركز إبداعي حاضن للمواهب، وأن أكون راعية لتلك الفئة، حتى تأخذ حقها كما تستحق.
* تصوير: يوسف الأمير