جيهان صفر: الإتيكيت ضرورة أساسية وهو مفتاح العلاقة الزوجية الناجحة

تتخذ من الإتيكيت منهج حياة، تخصصت فيه، وتعلمت أصوله حتى تغيّر النظرة غير المكتملة عنه، تراه مفتاح العلاقة الزوجية الناجحة، إذ بالتزام الشريكين بقيمه وذوقيّاته، تصبح الحياة أكثر سعادة واستقراراً، لذلك تدعو الأهل إلى تطبيق قواعده على الأبناء، لكون تصرفاتهم انعكاساً لصورة الأسرة في المجتمع.

في حوارها مع «كل الأسرة»، تتحدث جيهان محمد صفر، مدربة مهارات الحياة الاجتماعية، وإتيكيت، عن مقومات العلاقات الناجحة، وأصول التنشئة السليمة، وإتيكيت تبادل الزيارات في رمضان:
يعرّف الإتيكيت بأنه فن الخصال الحميدة، فهل تعلّم أصوله ضرورة أم رفاهية؟
الإتيكيت هو أسلوب حياة يعكس شخصية راقية تحترم الآخرين وتُحترم في المقابل، وله أهمية كبيرة في حياة الفرد، لكونه يزيد من ثقته بنفسه، ويحسن صورته، ويساعده على بناء علاقات اجتماعية وطيدة، وراقية، ولذلك يعتبر ضرورة أساسية في حياة الأفراد.
يفتقد بعض أبناء الجيل لإتيكيت التعاملات الاجتماعية، فهل هناك مسؤولية تقع على عاتق الأسرة في هذا الصدد؟
بالتأكيد، فمن واجب الوالدين تنشئة الأبناء على هذه الذوقيات، لأن تصرفاتهم تعكس صورة الأسرة للمجتمع، وبلا شك، فإن غياب هذا الأسلوب أثناء التربية يجعل مخرجات هذه الأسرة غير جيدة.

هل لمصطلح الإتيكيت مكان بين الزوجين؟ وما الجوانب التي من المفترض أن يطبّقا فيها الإتيكيت؟
الإتيكيت بين الزوجين لا يعني التكلف، أو التصنع، بل هو مفتاح لعلاقة زوجية ناجحة، تعتمد على الاحترام، والحب، والتفاهم، وعندما يلتزم الطرفان بهذه القيم والذوقيات تصبح الحياة الزوجية أكثر سعادة، واستقراراً، ما ينعكس إيجابياً على الأسرة والمجتمع، أما الجوانب التي تطبق فيها الإتيكيت في الحياة الزوجية فتكون بالاستماع، والإنصات باهتمام، واختيار الكلمات والمفردات أثناء الحوار، وعدم الإحراج، والتحكم في ردود الأفعال، والاعتذار عن الخطأ، واحترام المساحة الشخصية، وإظهار الودّ والحب في كل المواقف.
في رأيك، هل يُعد الإنصات أثناء إدارة الحديث وسيلة فعّالة لإنجاح أي حوار أُسري؟
مفهوم الإنصات هو أنني أسمعك، وأفهم ما تقول، وأتفاعل معك عاطفياً، ويكون فعّالاً عندما تكون هناك أريحية في التعبير عن وجهات النظر، وعن الأفكار، وعن المشاعر، أما إذا غاب فلا تسير الحياة كما يتمناها الزوجان.
تحدثت عن أهمية التغلب على الغضب في العلاقة الزوجية، لكونك مدرّبة حياة.. كيف يحقق الشريكان ذلك؟
أهمية التغلب على الغضب تبدأ عندما يدرك الطرفان خطورة هذا السلوك على العلاقة الزوجية، ولذلك، أطلب دائماً من الشريكين عدم تصعيد الموقف، والجلوس والتحدث بهدوء، حتى لو بعد فترة من الحدث، وليعبّر كل منهما عن مشاعره حتى يفهم السبب الحقيقي للغضب، ومن ثم البحث عن حل، وهذا لن يحدث إذا لم تكن هناك لغة هادئة وواضحة في الحوار قوامها الإنصات، بجانب اختيار الوقت والمكان المناسبين للنقاش.

يقع بعض الآباء في خطأ توبيخ أبنائهم أمام الآخرين، فهل يشير الإتيكيت لأسلوب يجب أن يتّبعوه معهم؟
أيّ نقاش مع الأبناء يجب أن يكون بعيداً عن أي شخص خارج نطاق البيت، على أن يدار الحوار بعيداً عن التوبيخ، والصوت العالي، بل بالنقاش الهادئ، والتأكيد على عدم تكرار الخطأ في المستقبل.
نعيش روحانيات الشهر الفضيل، هل هناك أصول يجب مراعاتها عند تبادل الزيارات العائلية؟
بالنسبة إلى التجمع على مائدة الإفطار، من المهم أن نتواجد قبل موعد أذان المغرب بربع ساعة، على الأقل، للاستعداد سواء للصلاة، أو لكسر الصيام، والبدء بالإفطار. أما بالنسبة إلى فترة ما بعد صلاة التراويح، أو السحور، فالأوقات مفتوحة، وتبعاً لأصحاب المجلس، أو الدعوة، لا سيما لو كانت الأحاديث في هذه التجمعات عن الذكريات الرمضانية الجميلة، بخاصة أمام الأبناء، حتى تبقى حاضرة لديهم في الذاكرة.
ماذا عن الأطفال وما يجب أن تراعيه الأم قبل خروجهم من البيت؟
الأطفال في الأعمار الصغيرة غير متحكمين في مزاجهم، ومشاعرهم، وسلوكهم، لذا من المهم معرفة هل المكان يتناسب معهم، أم لا، ويجب على الأم إطعامهم قبل الخروج من المنزل، مع تجهيز ملابس احتياطية لأي ظرف طارئ، وشرح بعض التعليمات الخاصة بالمكان الذي سيتواجدون فيه، تجنباً للإحراج.

كيف ترتبط السعادة بالإتيكيت، من وجهة نظرك؟
الذوقيات تعزز من جودة العلاقات الاجتماعية، وتجعلها تسير بهدوء، من دون ضغوطات، وبالتالي، يشعر الفرد بالراحة، والسلام الداخلي، والتقدير، ما يجعله يشعر بالسعادة التي ينشدها، ويبحث عنها طوال حياته.
حدثينا عما أضافه استخدام الإتيكيت كمنهج حياة بالنسبة إليك؟
أصبحت أكثر سهولة في التعامل، وأكثر تنظيماً لكل مجريات حياتي، وأكثر لباقة ورقيّاً مع الآخرين، فتعلم الإتيكيت يظهر فطرة الإنسان، وخصاله الجميلة التي خلقه الله تعالى بها.
هل هناك من اكتسبت منه حب هذا المجال، أم أقبلت عليه بمحض إرادتك؟
هذا المجال بالنسبة إلى عائلتي وأسرتي أسلوب حياة منذ الصغر، فقد اكتسبته من والدي، ومن المحيطين بالعائلة، ونشأت عليه، وأحببت أن يكون نمط حياة كل إنسان، لما له من فائدة تنعكس عليه، وعلى من حوله، ولذلك تخصصت في دراسته.
من أكثر الشخصيات الملهمة بالنسبة إليك، وأثّرت في شخصيتك؟
تعلّمت من والدي رقيّ الحديث، وإدارة العلاقات الاجتماعية مع الآخرين، وتعلمت من والدتي حب المسؤولية والاهتمام بالأبناء، والذوقيات العامة في الزيارات، والأناقة. وعلى الصعيد العام، فقد تأثرت بشخصية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فعلى الرغم من مسؤولياته الكثيرة، إلا أنه دائماً ما يخصص وقتاً للقراءة، والبحث، والتعلم، وهو شيء زاد من تعلقي بالكتاب.

ما مجالات الكتب التي تحتويها مكتبتك الخاصة؟
أنا قارئة نهمة للكتب، وأحب القراءة في شتى المجالات، إذ تحتوي مكتبتي على كتب ومراجع في تخصصات عدّة، كما تضم أيضاً نسخا نادرة من بعض الكتب، والروايات، ولكن الأقرب إلى قلبي كتب السرد القصصي، لما لهذا العالم من سحر يجذبني كثيراً.
حدثينا عن أسرتك وأكثر أفرادها قرباً إلى شخصيتك..
أنا زوجة لرجل موسيقي، ومثقف، ووطني من الطراز الأول، ما جعل المسؤولية الوطنية والمواطنة الإيجابية هدفنا الأول في تربية أبنائنا الثمانية، فلدينا 4 فتيات تخرّجن في الجامعة، ويعملن في وظائف مختلفة بالدولة، وما زال البقية على مقاعد الدراسة، وكل واحد من أبنائي يحمل مزيجاً من صفاتي، وصفات والدهم، ما جعل هناك تنوّعاً في أنماط الشخصيات بالمنزل، ما أثر إيجابياً في شكل الحوار حول أيّ موضوع.
ما أهم أهدافك في الحياة؟
ترك أثر إيجابي، ولو كان بسيطاً، لدى أيّ شخص أقابله، أو يستمع لي، أو يتعامل معي، فهذا الشيء يشغلني كثيراً، لكونه لا يبقى للإنسان بعد رحيله سوى الأثر الذي يتركه مع الناس، وعلينا أن نحسن هذا الأثر.
* تصوير: يوسف الأمير