«مجمّع سري»، أو Conclave، الولايات المتحدة - دراما، نال عاصفة من الإعجاب، وعدداً من الجوائز، ودخل مناسبات ومهرجانات عدة. إنه عن ثلاثة أيام على كرادلة الفاتيكان فيها انتخاب بابا جديد. لكن المسألة ليست بهذه السهولة. الفيلم من إخراج إدوارد برغر.
في نطاق أفلام عدّة دارت حول مختلف الأديان السماوية، يأتي «مجمّع سري» بإطلالة جديدة على الفاتيكان، وما يدور وراء جدرانه، حسب المخرج إدوارد برغر الذي شيّد شهرته، قبل عامين، عندما حقق «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية».
يتبع «مجمّع سري» مجموعة من الأفلام التي تم إنتاجها في السنوات الثلاثين الأخيرة، والتي دارت حول الكنيسة الكاثوليكية، مثل «ريبة» (Doubt) لجون باتريك شانلي (2008)، و«صمت» (Silence) لمارتن سكورسيزي (2016)، و«مصلّح أول» (First Reformed) لبول شرادر (2017)، ولا ننسى «شفرة دا فينشي» لرون هوارد (2006). ليس دائماً بقصد الأذى كما المثال الأخير، لكن مع كثير من الحديث حول الريبة التي تنتاب الراهب، أو الكاردينال، وصولاً إلى البابا.
مرشحون للخلافة
بعض هذه الريبة تتبدى في فيلم استقاه المخرج إداورد برغر من رواية وضعها روبرت هاريس بالعنوان ذاته («مجمّع سري»).
هذا الفيلم يركّز على عنصر آخر غير الريبة التي تنتاب بعض شخصياته. كل كاردينال في الفيلم من بين الساعين إلى كرسي بابا الفاتيكان لديه مسيرة معوجّة في حياته. ذنب كبير أخفاه حتى لا يؤثر في دخوله الصرح، أو وصوله إلى الأبوّة التي يصبو إليها. هناك المرشّح ترمبلاي (جون ليثغو)، الذي نحّاه البابا الراحل قبل موته، وينفي ذلك عن نفسه، مرشحاً نفسه للخلافة، والكاردينال بيلليني (ستانلي توشي) الذي يكذب لكي يتم انتخابه، والكاردينال النيجيري أديامي (لوسيان مساماتي) الذي اقترف خطيئة جنسية في ماضيه. حتى الكاردينال اللاتيني لومباردي (روبرتو سيتران) الذي تم في النهاية انتخابه يخفي (إلى حين)، أنه وُلد امرأة، ويعيش كرجل.
مع هذا الكم من الفضائح، قرار من الكاتب، والفيلم، بأن الفساد معمّم، والوحيد الذي لا ذنب لديه هو لورنس نفسه الذي لا يود ترشيح نفسه، بل يشرف على الانتخابات التي تدور في قاعة مغلقة لثلاثة أيام. إنه يستمع ويُفاجأ طوال الوقت.
في اليوم الثالث، تقع حادثة إرهابية لا نراها، بل نسمعها، ونشاهد إحدى نوافذ القاعة وهي تتطاير. مرتكبو العملية (يقول الفيلم إنها انطلقت بالمواكبة مع عمليتين أخريين في أوروبا) ما يدفع الكاردينال تودسكو (سيرجيو كاستليتو)، وهو أحد المرشّحين لخلافة قداسة البابا، لإلقاء خطاب ناري حول الإرهابيين الذين يستحقّون القتل. هذا بدوره خروج عن تعاليم البابوية. المشهد خطابي، لكنه يستحق الاهتمام، لأن الكاردينال الذي سينتخب (لومباردي) هو الوحيد الذي تكلم معارضاً، من زاوية أن تودسكو عليه أن يعي العالم الذي نعيش فيه، ضارباً المثل بما حدث في العراق، وأفغانستان، على أيدي الاحتلال.
إبهار في الديكور والإخراج
في مشهد عابر نجد في الفيلم مقارنة بالانتخابات الأمريكية الأخيرة ، وفي الصميم تصوير كل من لديه حوار يلقيه في الفيلم (باستثناء لورنس)، شخص مادي يفكّر في المكانة التي يصبو إليها وكيف سيصل إليها إما بالكذب، أو المكيدة، أو بإثارة الشائعات. ليس أن ما يعرضه المخرج من غير المحتمل، لكن الفيلم لا ينوي حصر نطاقه بحدود المحتمل فقط، بل يُظهر أن الجميع مشترك في الخديعة رغبة في الخلافة البابوية.
يبهر الفيلم مشاهديه في نصف ساعته الأولى: الشغل الجيد على الديكورات التي استخدمت استوديوهات شينيشيتا في روما (لجانب أماكن أخرى)، لتصميم جدران ولوحات وأسقف شبيهة، وتصوير ستيفان فونتاين الخالي من الهفوات، كما في تأسيس الحكاية، وأساساً في قدرة راف فاينس الرائعة في الأداء. هو من كان يستحق الأوسكار أكثر من سواه.
كل هذه العناصر الفنية تستمر في حضورها وتألقها، لكن الحكاية هي التي تنحني منحدرة صوب «سوب أوبرا»، وصولاً إلى نهاية يكشف فيها الفيلم أن وراء كل هذا الجمال البادي رسم سلبي للفاتيكان.