
الحفاظ على استدامة البيئة هدف يستلزم تكاتف أفراد المجتمع، وتُعتبر إعادة تدوير المخلّفات، وتحويلها إلى منتجات ذات جدوى اقتصادية مبتكرة، أمراً بالغ الأهمية.
ولأن أشجار النخيل تُعد شرياناً للحياة يضمن العيش في بيئة صحراوية جافة، اختارت بعض المواطنات العمل في مجال تصنيع سعف النخيل، من منطلق إيمانهنّ الراسخ بالمسؤولية تجاه البيئة، وأهمية أن يكون لهنّ دور فاعل في المشاركة في الأعمال التي تخدم هذا المجال، وتصبّ في مصلحته.


ميثاء البادي، مسؤول تطوير أعمال في مصنع «ديزرت بورد» الصديق للبيئة، تقول «اخترت العمل في هذا المجال لأنني مؤمنة بأهمية الاستدامة، والحفاظ على البيئة، من خلال تحويل الموارد الطبيعية غير المستغلة، مثل سعف النخيل، إلى منتجات مفيدة ومستدامة، وهذا واجب علينا جميعاً، كما أنني شغوفة بالابتكار الصناعي، وإيجاد حلول صديقة للبيئة تسهم في بناء مستقبل أكثر استدامة».


وتضيف «أول خطوة في هذا المشوار تبدأ من العمل على تحويل بعض الصناعات، وما ينتج عنها من مخرجات، إلى منتجات صديقة للبيئة، ويُعد مصنعنا مشروعاً رائداً في مجال الاستدامة، وهو تابع لأول شركة في الإقليم تقوم بتصنيع ألواح خشبية معالجة، وأول شركة في العالم تصنّع ألواحاً خشبية من ألياف سعف النخيل، بدلاً من الأخشاب التقليدية. وجاءت فكرة إنشاء المصنع من الإيمان الراسخ بأهمية الاستفادة من الموارد الطبيعية المتاحة، وتقليل الاعتماد على الأخشاب المستوردة، وبما يسهم في الحفاظ على البيئة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وبدأت فكرة المشروع منذ عدة سنوات، إذ تم إجراء دراسات مكثفة حول إمكانية تصنيع الألواح الخشبية من سعف النخيل، وبعد مراحل من البحث والتطوير، تم إطلاق المصنع رسمياً، وبدء الإنتاج الفعلي، ما شكّل خطوة هامّة في تعزيز الاستدامة في القطاع الصناعي».


عن أهمّ ما يميز الألواح الخشبية المنتجة، توضح البادي «إضافة إلى جودة ومتانة الألواح الخشبية التي ننتجها، فهي مقاومة للرطوبة، والحشرات، ما يجعلها خياراً مثالياً في العديد من الصناعات، مثل الأثاث، ومواد البناء، كما أن تصنيعها يتم بطرق صديقة للبيئة، فهي لا تتطلب قطع الأشجار، بل نحصل على سعف النخيل المتطاير، والذي يحتاج إلى عقود للتخلص منه، وما نقوم به هو تحويله إلى شيء مفيد، يجعلنا نسهم في تعزيز مفهوم الاقتصاد الدائري، ويقلل من التلوث البيئي، ونحمد الله تعالى، إذ حققنا نموّاً كبيراً في المبيعات، وزادت الثقة بمنتجاتنا مع مرور الوقت. وحالياً، نعمل على التوسع بشكل أكبر لتلبية الطلب المتزايد، سواء من الشركات، أو الأفراد، هذا ما يخصّ السوق المحلي، أما العالمي فبدأنا بالفعل بتصدير منتجاتنا إلى بعض الأسواق الخارجية، ونسعى إلى تعزيز وجودنا في الأسواق العالمية، وهدفنا هو أن نصبح من روّاد صناعة الألواح المستدامة عالمياً، والمساهمة في تقليل الاعتماد على الأخشاب التقليدية المستوردة».


استخدام الموارد الطبيعية بشكل مسؤول ضرورة حتمية
وتكمل سلامة القبيسي، مسؤولة إدارية في المصنع «أؤمن بضرورة استغلال الموارد الطبيعية بشكل مسؤول، بخاصة سعف النخيل، الذي يمكن تحويله إلى منتجات مفيدة، وصديقة للبيئة، وها نحن نرى الواقع بأم أعيننا، فلدينا حالياً 300 موظف، ونتطلع خلال السنوات المقبلة، إلى زيادة عدد العاملين وفقاً لاحتياجات الإنتاج، والتوسع في الأسواق، مع إمكانية الوصول إلى 500 موظف، أو أكثر، حسب تطور الطلب على منتجاتنا، إذ نختار موظفينا بناء على مهاراتهم وخبراتهم في المجال الصناعي، إضافة إلى الالتزام بروح الفريق، والرغبة في التعلّم المستمر، ونبحث دوماً عمّن يتمتعون بشغف تجاه الاستدامة والابتكار، ويؤمنون برؤيتنا في تقديم منتجات صديقة للبيئة، كما أن الدقة، والانضباط، والقدرة على التكيّف مع التطوّرات التكنولوجية، تُعد من الشروط الأساسية، التي نحرص على توافرها في موظفينا».

وفي تعليقها على تحويل النظرة لأهمية استخدام المواد الطبيعية المعاد تدويرها، تشير القبيسي «أقنعنا عملاءنا بالإقبال على منتجاتنا من خلال تقديم مخرجات عالية الجودة تتميّز بالمتانة، والاستدامة، مع تسليط الضوء على الفوائد البيئية لاستخدام مواد طبيعية معاد تدويرها، بدلاً من الأخشاب التقليدية، والحقيقة أننا وجدنا وعياً متزايداً لديهم حول أهمية الاستدامة، لكننا أيضاً عملنا على نشر التوعية من خلال حملات تسويقية وتثقيفية توضح تأثير استخدام منتجاتنا في تقليل الانبعاثات الكربونية، والحفاظ على الموارد الطبيعية».
* تصوير: محمد السماني