المدوّنة باولا الست: التركيز على الصحة النفسية والجسمانية هو الأساس

باولا الست، مدوّنة موضة، ورائدة أعمال لبنانية مقيمة في الإمارات، أطلقت، أخيراً، العلامة التجارية الخاصة بها التي تحمل اسم «جوا»، لتقديم منتجات غذائية صحية، وترسيخ مفهوم التوازن المستدام الذي يضمن الرشاقة، بعيداً عن الحلول المؤقتة..
التقيناها وقالت إن «جوا» هي حلمها القديم الذي تجدّد وتحقق، أخيراً، ومن خلاله أرادت أن تعمّم تجربتها الشخصية على المتابعين لها:

لنبدأ من مشروعك الأخير «جوا»، ماذا تخبرينا عن قصته وإطلاقه؟
إطلاق علامة تجارية تخدم الصحة وتكون خاصة بي، هو الحلم الذي كان يراودني منذ زمن، وتحقق، أخيراً، في الإمارات من خلال شركاء في العمل يفكرون مثلي. لقد كانت فكرة الغذاء والرشاقة، وإطلاق «براند» لي موجودة لديّ، ولكن لم أكن أعرف متى ستتحول إلى واقع، وما حدث معي أنه منذ نحو خمس سنوات تعرّضت لضغوطات نفسية، وتركت بلدي لبنان، وانتقلت إلى الإمارات، وازداد وزني نحو 14 كيلو غراماً، ما جعلني في حالة نفسية سيئة، لكنني سارعت لمجابهتها، ولم أسمح لها بالدوام طويلاً، حيث إنني قرّرت أن أخسر الوزن المضاف، وأستعيد حياتي الصحية.
ولكن التحدّي تمثل في أنني أحب تناول الطعام، واحتاج إلى تناول الحلويات، والسكريات، يومياً، كي أحافظ على مزاج جيد، كما أنني امرأة عاملة، وعملي يحتاج إلى بذل الجهد والطاقة أمام الكاميرا، وخلفها، لذا قرّرت أن أعتمد نظاماً غذائياً متوازناً، وشاملاً، ومستداماً، ومضيت فيه متحدّية نفسي أولاً، والفكرة السائدة التي تقول إنه لكي نخسر الوزن علينا أن نحرم أنفسنا من المأكولات الشهية ثانياً.
وبعد أن نجحت في هذين التحدّيين وحققت الوزن المثالي، والصحة الأفضل، قررت أن أطلق علامة تجارية غذائية لترسيخ مفهوم العناية بالجسد، والعقل، والنفس، فكانت «جوا»، وأطلقتها بالتعاون مع فريق عمل وشركاء، ومتخصصين، وطهاة، لتقديم قائمة متنوعة من وجبات الإفطار، والسلطات، والمخبوزات الصحية، ورقائق البروتين، وغيرها من المواد الطبيعية التي أتناولها بدوري، والتي تمدني بالطاقة، والحيوية، والنشاط، وقرّرت أن أنقل هذه التجربة الإيجابية إلى كل الناس، لكي يكونوا أفضل نسخة عن أنفسهم.

عرفناك من خلال مواقع التواصل كمدوّنة موضة انطلقت من لبنان إلى دبي والعالم، فكيف تصفين هذه الرحلة؟ وما هي أبرز الفعاليات التي شاركت فيها وانعكست إيجاباً على مشوارك؟
تراكم التجارب من خلال المشاركة في الفعاليات هو الذي أفادني، بدأت مدوّنة موضة، ورائدة أعمال في الموضة، وكنت من الـ«فاشن» الأوائل في التجارة الإلكترونية، وأخذت البيع بالتجزئة إلى مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، والمباشر، واستطعت أن أثبت نفسي في هذا المجال، ولكن شعرت بأنني أريد المزيد من النجاح، وأحلامي تكبر، وشاء القدر أن وقعت أحداث عام 2019 في لبنان، والتي شعرنا على إثرها بأننا خسرنا الكثير، كجيل شاب وطموح، لذا، قرّرت الانتقال إلى دبي لكي أعطي لنفسي فرصة جديدة.
وهنا حيث أقيم في دبي، شاركت في عدة فعاليات، والتقيت مجموعة مختلفة من الناس في مجالات عدة، لكن المجال الذي جذبني كثيراً خلال تجربة الوزن الزائد التي ذكرتها، هو مجال الصحة، واكتشفت شغفي الكبير بالصحة، وأنا في الأساس درست العلوم وكنت أنوي التخصص في مجال الطب، لكن الموضة سرقتني إليها، والى عالم الـ«سوشيال ميديا»، لكن تجدّد اهتمامي بالعلوم والصحة والتمثيل الغذائي، وشاركت في ورش عمل في هذا المجال، لأشارك الناس كيف أكون النسخة الأفضل عن نفسي، وانقل إليهم هذه الفلسفة الإيجابية، واستطعت أن أتعلّم وأعلّم.
بصفتك مؤثرة وأغلبية المتابعين لك من النساء، فما هي الرسالة التي تريدين إيصالها إلى المرأة العربية؟
أحب أن أقول لكل النساء إننا جئنا إلى هذه الدنيا كي نرتقي بأنفسنا، وليس كي نرتضي بالمكان الذي نجد أنفسنا فيه، ولا يناسبنا، وأحمد الله، أن صوت المرأة العربية اليوم بات مسموعاً، كما أن السبل متاحة بوجهها كي تحقق أحلامها، إذ يمكنها أن تتعلم، وتعمل، وتكون إيجابية في مجابهة الصعاب التي تعترض دربها، فالتسلح بالإيمان والإرادة يوصل المرء إلى بَر الأمان.
أرى أن وجود عدد كبير من المؤثرات هو فرصة للناس لكي يكون لديهم الهام أكبر
في ظل تزايد عدد المؤثرات في الـ«سوشيال ميديا»، هل ترين نفسك منافسة في هذا المجال؟
المنافسة الخاصة بي تكون مع نفسي، أتطلع إلى كيف يمكنني الحفاظ على نجاحي، وصعود السلم درجة إثر درجة، ومنذ كنت صغيرة لم أنظر إلى ما يقوم به غيري من الناس، بل اسأل نفسي ماذا أريد أن افعل، وكيف عليّ أن افعل، وما هو المطلوب مني، وهذا يعني أني في خانة التنافس مع نفسي. واليوم أرى أن وجود عدد كبير من المؤثرات هو فرصة للناس لكي يكون لديهم الهام أكبر، ومشاركة أعمق في مواقع التواصل، وأؤمن بأن هناك بحراً من الرزق في الدنيا، فلا أخاف من الازدحام، وثقتي بنفسي عالية.
رحلتك بدأت منذ عدة سنوات وهناك محطات نجاح ومحطات فشل، فهل شعرت أحياناً بالخيبة؟ وكيف تتعاملين مع الإحساس بالانكسار؟
أكيد رحلتي بدأت مبكراً، وحققت النجاح أحياناً، والنجاح الباهر في أحيان أخرى، أما محطات الفشل فلا أحب أن أطلق عليها هذه التسمية من الأساس، بل أفضل أن اعتبرها دروساً. لقد واجهت ظروفاً، صعبة جداً بالإيمان والإرادة، ومشاعر الخيبة والانكسار واجهتها بالصبر، واكتشفت أنني بعد كل انكسار أصبحت أكثر قوة وصلابة، لأن الحياة لا تقفل في وجهنا نافذة إلا ويفتح الله قبالتها باباً أوسع.
في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها لبنان، ما هي المبادرة التي يمكن «للفاشينستا» القيام بها؟
أعتقد أن كل إنسان يمكنه لعب دور محدّد وفق إمكاناته، وحسب قناعاته، بالنسبة لي في عام 2019 قرّرت أن أنزل إلى الشارع وأنادي بالتغيير، لأنني شعرت بأنه عليّ واجب المشاركة في تسليط الضوء على حقوقنا، ورغبتنا في العيش الكريم، وإثر انفجار مرفأ بيروت حيث انتقلت إلى الإمارات، قرّرت أن أشارك في حملات الدعم لبلدي، بالتعاون مع «الإمارات معك يا لبنان»، وحالياً، اجتهد من خلال «البلات فورم» الخاصة بي لنشر الوعي حول أهمية التعليم، كما أنني أشارك في حملات رمضان لدعم الأسر المتعففة.

من خلال تجربتك حيث أصبحت مشهورة وسيدة أعمال، هل ترين أنه يمكن للمرأة أن توازن بين حياتها الأسرية ومهنتها؟
بعد أن حققت الشهرة، وكبرت مسؤوليتي كرائدة أعمال، تعلّمت كيفية استثمار الوقت، وأصبح الروتين اليومي الخاص بي متوازناً من خلال تنظيم أموري بدقة عالية، وأنا هنا لا أتحدت عن التوازن المثالي، بل عن التوفيق الأمثل بين العائلة والعمل.
كيف تصفين علاقتك بالمرآة، وهل ترين أن جمال المرأة وأناقتها أساس نجاحها؟
علاقتي بالمرآة حالياً قوية جداً، ومتصالحة مع نفسي، أكثر من أي وقت مضى، وهذه المسألة من المسائل التي اشتغلت عليها. فقد تعلمت أن أكون واقعية، وصريحة مع نفسي، وأن أهنئ نفسي على تطوير نفسي، وآمنت بأن الجمال والأناقة إكسسوارات مكملة، وليسا الأساس، وعلينا أن نعرف أنه لا بدّ أن يأتي يوم ونخسر الشكل، لذا، فإن التركيز على المضمون هو الأساس، هو الداخل، وهو الصحة النفسية والجسمانية، ومع ذلك أنا أهتم كثيراً بأناقتي، واستمتع بالظهور بأفضل مظهر، واستخدم الجمال مثل إكسسوار مكمل لنجاحي.

ما هي طموحاتك البعيدة، وهل حققت أحلامك أم ما زال المشوار طويلاً؟
حققت جزءاً من أحلامي، لكن طموحاتي كبيرة جداً، وسقفها يرتفع يوما إثر يوم، لكن الإحساس المهم والأهم بالنسبة لي، هو أنني أسير على الدرب الصحيح، وأمشي باتجاه أحلامي على طريق صلب لا يهتز، وقد اختبرت هذا الشعور بعمق، وأتمنى لو استطيع أن أنقله إلى كل المحيطين بي، كي يستنيروا في دروبهم الصحيحة.
كما ذكرت، كنت حاضرة خلال أحداث 2019، فهل ندمت أم لديك ميول إلى العمل السياسي؟
لديّ ميول إلى العمل الدبلوماسي، أما عن مشاركتي في هذه التجربة، فإنني، بالتأكيد، لم أندم، كانت من أفضل التجارب في حياتي لأنها علّمتني أنه مهما تكون النتائج المهم أن يكون الإنسان صوت الحق، وقد تعلّمت منها أيضاً أن معركتنا هي في كيفية أن نطوّر أنفسنا، لخدمة بلدنا.