استحق «ليفينغ ذَ لاند» (أو «العيش من الأرض»)، جائزة مهرجان برلين لأفضل مخرج " هيو مينغ". إنه دراما كاشفة معالجة بكاميرا تسجل ولا تفرض، تنقل ولا تشارك، وتحيط في ساعتين و16 دقيقة بأوجه حياة الريف الصيني في مطلع التسعينيات.
القول إن النقلة من الصين قبل تلك الفترة إلى ما بعدها كانت تلقائية وآلية ليس صحيحاً. لقد تضمنّت لجانب التغيير السياسي والاقتصادي والإداري الشاسع، تغيير معالم الأمس عند نقطة تذوب فيها التقاليد تحت وطأة المتغيرات.
فيلم هيو مينغ يتحدّث عن ذلك بهدوء مريب، لكن بقدر كبير من المعرفة، لا في ما يتولى الإيحاء به أيضاً، بل بالمعالجة الصحيحة التي تجعل كل شيء واضحاً من دون التباس، وجاذباً للمراقبة على نحو غير بعيد عن أسلوب الإيطالي إرمانو أولمي في «شجرة القبقاب الخشبي» (1987)، أو سواه من أعماله.
هناك صبي صغير في وسط مجموعة من الفلاحين الذين نراهم يتابعون عملهم ويشكون قلّة الإيراد، ويتساءلون عن المستقبل. الطفل (وانغ شانغ) خسر عناية والديه اللذين نزحا إلى المدينة بحثاً عن مستقبل أفضل، وجدّته هي التي تعتني به وترعاه. معه ومن خلاله نكتشف المكان والبيئة منذ أن يفتح الفيلم عليه وهو يراقب فتح قبر جدّه الميت منذ زمن بعيد، واستخراج الرصاصة التي قتلته والتي ما زالت في تربة النعش. لاحقاً، سنشهد مآتم أخرى لكننا سنشهد كذلك أفراحاً، فهذه البيئة التي يرصدها الفيلم كما لو كانت لوحات طبيعية معلّقة، ومن تدخّل من جانبه خلال العمل لإبراز فعل دون آخر، هي نتيجة نبش في الماضي، شاء المخرج أن يبقيه كما هو. أن ينقله كما كما كان من دون تفعيل ما.
الكاميرا التي يديرها غيو دامينغ تمسح تلك الحياة بتؤدة، وبساطة عميقة. تواكب بلقطات عريضة ومتوسطة إلى بعيدة ما يدور. تواكب يميناً، وترتفع من الأرض إلى الوجوه، وفي مشاهد أخرى تترك أشخاصاً إلى آخرين من دون قطع، أو منهم، إلى الأرض. تصوّر الزرع والمسافات والأشخاص مثل عالِم يفحص حياة.