جميلة عمرها 23 ربيعاً ولقبها «الدمية».. من هي «كارين» سفاحة أمريكا الجنوبية؟

ليس غريباً أن ترتكب فتاة شابة جريمة قتل. فقد تكون هناك دوافع أقوى منها، للانتقام مثلاً، أو للدفاع عن النفس.. لكن أن تعمل قاتلة مأجورة فهو أمر يصعب تصديقه. ومع هذا، فإن تلك كانت المهنة التي تعيش منها هذه الشابة التي لم تتجاوز العشرين سوى بثلاث سنوات. اسمها كارين جولييت أوجيدا رودريجز، وهي من كولومبيا، لكنها دوّخت بجرائمها بلدان أمريكا اللاتينية كلها.
ليست هناك جريمة كاملة. هذا ما تعلّمناه من مطالعة الروايات البوليسية، ومشاهدة أفلام العصابات. وتبعاً لذلك، فقد وقعت كارين في الفخ، وتم إلقاء القبض عليها في منطقة ماجدالينا ميديو، بمقاطعة سانتاندر الكولومبية. ومن يراها وهي تسير مع الشرطة، والقيود في معصميها، لا يصدّق أنها ذات الشابة الجميلة التي كانت تظهر في السهرات، والليالي الملاح.

«الدمية» بين عتاة المجرمين
وقعت كارين في قبضة العدالة، أواخر العام الماضي. وبدأت محاكمتها أخيراً، بتهمة ارتكاب عدة جرائم قتل، من ضحاياها صديقها السابق. وخلال المحاكمة وصفتها الصحافة بأنها القاتلة الأكثر خطراً في قارة أمريكا الجنوبية، بين المجرمين الذين يتم استئجارهم للتخلص من هذا، أو ذاك، من الخصوم. كما أنها رمز لانخراط النساء بشكل لم يكن معهوداً من قبل في الأعمال القذرة لعصابات تجارة المخدرات في كولومبيا.
ثم إن اهتمام الجمهور بها ليس بسبب جرائمها فحسب، بل لأنها لا تشبه القاتلات المحترفات ذوات المظهر الخشن، والعضلات المفتولة. فهي جميلة، تتمتع بشعر يميل إلى الحمرة يحيط بوجه دقيق الملامح. لذلك، أصيب عموم الكولومبيين بالصدمة وهم يشاهدون التسجيل الرهيب لوقائع اقتيادها إلى السجن، حيث وضع رجال الشرطة القيود في يديها، وساقوها مثل النعجة إلى المسلخ. كانت ترتدي سروالاً قصيراً، وبلوزة تكشف عن خصرها، بينما عبثت الصدمة بشعرها، وبان عليها الذهول والغضب.. تسجيل أشعل مواقع التواصل، وتناقله الملايين، لأن بطلته هي الشابة التي كانت تلقب بالـ«الدمية».

نصبت فخاً لصديقها
تنتمي كارين إلى عصابة تعرف في تلك البلاد باسم «لوس دولا إم». أما موقعها فيها فإنها الذراع اليمنى لرئيس العصابة التي تنشط في منطقة سانتاندر، شرقي ميدلين. هذه الشابة الصغيرة التي تشبه طالبات الجامعة، تدير فرعاً من فروع العصابة، وتتحكم في مجموعة من القتلة الشرسين، وهي متهمة، بشكل خاص، بقتل صديقها وحبيبها السابق. وطبعاً، فإن هذه الحقائق أسهمت في رسم الصورة التي يعشقها مؤلفو الروايات المثيرة، وأفلام الجريمة عن «المرأة الساحقة» التي تدفعها عاطفتها المشبوبة لارتكاب أفظع الأعمال.
خلال اعتقالها، أعلنت الشرطة المحلية أنها ألقت القبض أيضاً على اثنين من مساعدي كارين في جرائمها. هما ليوبولدو، وباولا فالانتينا جويا، الملقبة بجوردا ساكاريا. وتبلغ باولا من العمر 24 عاماً. وتهمتهما أنهما ساعدا «الدمية» على التخلص من حبيبها السابق، ديفي خيزوس. لقد نصبت له فخاً بحجة التفاوض معه على حلّ مشكلة مالية. ولما حضر إلى المكان المحدّد، أردته رصاصات من شخصين عابرين على دراجة نارية.

ورغم الضجة التي أثارها اعتقال كارين، فإن المعلومات المتسربة عن التحقيق ما زالت قليلة. والكل يتساءل عن تفاصيل ضحاياها، وعن احتمال كونها بريئة. إن الناس عموماً ينخدعون بالمظهر الجميل، والسّن الغضّة، لكن نظرات «الدمية» كانت تعبّر عن الكثير، وقد تشي بمقدار الشر الذي تحمله في داخلها. وقد قام أحد مستخدمي مواقع التواصل بتكبير عينيها في التسجيل، وكتب تعليقاً يقول: «نظرة الشيطان». كما كانت هناك تعليقات ذات طابع جنسي، مثل القول إن نظرتها تكشف عن الشهوة لأنها كانت تعيش من دون حبيب، بعد أن قتلت حبيبها. وطبعاً كان هناك من قارن بينها وبين بطلات أفلام الجريمة، وتخيّلوا النجمة السينمائية أوبري بلازا، في دور «الدمية السفاحة». واقترح آخرون أن تقوم المغنية المعروفة، بيلي إيليش، بدور كارين في فيلم يكسر شباك التذاكر.

الرغبة في الحماية
ولم يقتصر الاهتمام بهذه القاتلة على القارّة الجنوبية، بل انتقلت أخبارها وصورها إلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، أي إلى أوروبا. فقد سلّط اعتقالها الضوء على قضية لم تكن معروفة، وهي اشتراك النساء الجنوبيات في تكتلات الجريمة المنظمة، أي المافيات، وتجارة المخدرات، مع العلم أن مجتمعات أمريكا الجنوبية تبقى محافظة، وملتزمة بالتديّن العميق. إنها شعوب يعيش 27 في المئة من أفرادها تحت خط الفقر. وهناك الكثير من الظلم واللاعدالة في أوساط المواطنين، وهناك سلطة أبوية تسحق النساء، وتزداد وطأتها مع المعاناة من ضيق ذات اليد. لهذا، فإن على المرأة أن تجد أيّ عمل لكي تسهم في إطعام أطفالها. وبهذا، فإن أوساط الجريمة تستغل حاجة النساء إلى لمال. وطبعاً، فإن النساء يشعرن بالحماية وهنّ في رعاية عصابة قوية، وغالباً ما يكون الإدمان هو السبيل لاستدراجهنّ للعمل مع تجار الممنوعات.
بين الأسماء النسائية التاريخية والشهيرة في عالم الجريمة في أمريكا اللاتينية، هناك المكسيكية إجناسيا جاسو الملقبة بـ«لاناشا»، التي توفيت عام 1982. وفي كولومبيا، نلاحظ أن كارين سارت على خطا جريزيلدا بلانكو، ملكة الكوكايين، كما يبدو أنها تأثرت بسيرة «الأرملة السوداء» التي كانت ملهمة بابلو إسكوبار، زعيم العصابات الأشهر الذي اغتيل عام 2012 في ميدلين.
وتبدو هؤلاء الوريثات كأنهنّ ضحايا مجتمعات تبحث عن الهدوء، بعيداً عن سمعتها العالمية في إنتاج المخدرات، وتصديرها إلى القارات الأخرى. ففي المؤتمر الصحفي الذي عقده عقيد الشرطة موريسيو هيريرا، قال إن تفكيك عصابة «الدمية»، ومحاكمتها مع رفاقها من القتلة المأجورين، سيسهم في وقف أعمال العنف، لأنهم سيكونون، أخيراً، وراء القضبان.